كتب:عبد الفتاح العوض
الجدل الذي أثارته تصريحات وزير الأوقاف حول العروبة والإسلام تحمل في دلالاتها كثيراً من الظواهر في المجتمع السوري. لعل أكثرها أننا نستمتع بالمعارك المجانية وتضيع جهودنا في الردح حول قضايا غير قابلة للحسم أبداً. أول ما أود أن أقوله في هذا الشأن إن ما أفرزته هذه الجدالات تعبير عما يحدث في مجتمعنا.
خلال هذه الحرب اختلف أشقاء فيما بينهم وتاهت عائلات فيما بينها وقتل أناس على الهوية ووشى جيران بجيرانهم. فهل يعقل أن نناقش الآن مزيج حضاراتنا منذ آلاف السنين؟!
طموح الغرب أن يعيد فتناً منذ 1400 سنة لكننا قررنا وحدنا أن نستعيد سبعة آلاف سنة.
الملاحظة المثيرة للاهتمام أننا ونحن نناقش مسألة فكرية استخدمنا ألفاظاً وتعابير أقل ما يمكن أن نقول عنها إنها غير لائقة بأي حوار. ومن الواضح أن لغتنا فيما بيننا أصبحت قاسية جداً وهو أمر يجب أن نتوقف عنده وعنه.
ثم إنه لا أحد يتوقع أن يقدم وزير للأوقاف بمرجعية دينية محددة تصوراً يتنافى مع فكره وعقيدته. وفي عقيدة أي داعية إسلامي أو عالم دين فإن الإسلام والعروبة معاً يحملان بعضهما، وإن الإسلام هو دين ودنيا، وهو قبل كل شيء هدفه غير محدد بجغرافيا بل غايته الانتشار بين البشر كعابر للحدود والشعوب.
وفي كل حال.. نحن الآن إن كنا نتحدث عن أمة سورية فنحن في كارثة.
وإن كنا نتحدث عن أمة عربية فنحن في داهية.
وإن كنا نتحدث عن أمة إسلامية فنحن في مصيبة.
التحديات التي نواجهها الآن تتعلق بنا كوطن وبالتالي فإن العنصر الأساس الذي سيكون مناسباً لأي مقاربة تتعلق بالسوريين يجب أن تكون تحت عنوان: «المواطنة». مها بلغ بنا الأمر فإن الواقعية تفرض نفسها والحوار الوطني هو المنقذ وهو أيضاً البوابة التي تأخذنا إلى المسارات الصحيحة ما عدا ذلك سيكون حواراً غير ذي جدوى يثير الخلاف ويغري بالاختلاف.
حتى على مستوى الأفراد أصبحنا نهتم ونبذل جهداً من رصيد دواخلنا على المعارك الجانبية تتبدى لنا على شكل عداوات وصراعات وتبادل صراخ وربما أكثر.
الأهم والأولوية أن نتحدث عن المستقبل… وأن نصنع الأمل والذين يريدون أن يخلعوا جلدهم سيكونون عراة في هذا العالم الموحش.
أقوال:
• أنا من أهل المدينة المنكوبة ياسيدي.. فما جدوى التفاصيل؟
• لا تكن كالمجهر الذي يضخم الأشياء ويكشف مواطن القبح.
(سيرياهوم نيوز-الوطن16-12-2030)