ما لم يذكره أحد، مفارقة كبيرة، وهو أنّ الجميع من دون استثناء يلومونه لوماً شديداً على الجانب الشخصي من حياته، وليس شخصياً لواحد مثله، لقد دخل كل العقول وسكن كل وجدان، وأحدث تغييراً في كل الأفكار. فهل تكون حياته الشخصية خاصة به؟ من أجل ذلك الجميع يلومه بحرقة، بسبب ذلك الجانب الذي يعرفه الجميع، حُرمنا من إنتاجه مدّة طويلة من عمره، كما حُرمنا والعائلة من نسلٍ من صلبه يتمّم المسيرة بشكل أو بآخر… ما أضاعه من عمره، هو من عمر الوطن، من عمر ثقافتنا و«جهادنا» في وجه الظلم والفساد والانحراف.
ومع أنّ الجميع يلوم بل يستنكر هذا الجانب المؤلم، إلا أنّ أحداً لا يذكر ذلك علناً، ولا يتحدّث أحد عن ذلك، لماذا؟ لأنّ حجم السرور الذي أدخله إلى النفوس في حجم الوعي السياسي الذي نشره، وهذه الجرأة التي لا تعرف حدوداً، وتلك الكلمات اللطيفة الهادئة التي تختصر المشهد السياسي والحضاري في أمّتنا بشكل عام… إنّ هذا الحجم من التأثير جعل الجميع يعرضون عن ذكر السلبيات التي لو فعلها غيره لأدين ولخسر محبة جمهوره، ولعله أصبح رمزاً للنقد الجارح.
ولكنه زياد، الذي لخّص الوضع السياسي والاجتماعي، خاصة في مسرحياته الثلاث: «نزل السرور»، «بالنسبة لبكرا شو؟» و«فيلم أمريكي طويل»، وتلك المقابلات المتعدّدة التي كانت «فشة خلق» استثنائية للجميع.
لم يحظَ غيره بهذا الإجماع من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، وما بينهما من ألوان وانتماءات، والكل يغضّون النظر عمّا لا يعجبهم، لأنّ الجانب الذي يعجبهم يكفي ليغطّي الجانب الآخر.
يكفينا فخراً ذلك الحبّ والإعجاب الذي كان يكنّه لسماحة الراحل الكبير السيد حسن نصر الله، حيث قال: العيش دون السيد جحيم مدسوس فيه العسل.
هذا آخر ما قاله…
فليهنأْ لبنان بهذا الإجماع حول شخص استثنائي أضحك الجميع، وأدهش الجميع، وانتقد الجميع، بالتأكيد لن يتكرّر، ويكفي ما قدّمه للوطن… وليسامحه الجميع بالجانب الذي لا يوافقه عليه.
فلننعم جميعاً بالجزء الذي نحبّه ونحترمه، والذي سيبقى ما بقي لبنان، وما بقيت أحوالنا كما هي.
اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الأخبار