مايا سلامي- تصوير طارق السعدوني
يبحث الفنان التشكيلي عصام المأمون عن الإبداع المتجدد وغير المألوف، فيسعى في كل مرة إلى السيطرة على مواد وخامات جديدة يسخرها لخدمة أعماله التي تحمل روح الواقع وتعكس آلام الإنسان المعاصر وقضاياه، فترى فيها وجوهاً أرهقها البؤس والنظرات الحائرة والخائفة، وقطع زجاج متكسر يصور تحطم أحلام وآمال ذلك الإنسان، في مشهد يجمع في بعض الأحيان بين النحت والتصوير الذي صنع من خلاله الفنان عصام بصمته الخاصة والمتمردة.
كل ذلك كان حاضراً في معرضه الفردي الذي افتتحه مساء الإثنين في صالة الرواق العربي بدمشق، مقدماً 80 عملاً بخامات وأحجام مختلفة.
خارج عن المألوف
وفي تصريح لوسائل الإعلام بينت وزيرة الثقافة د. لبانة مشوّح أن معرض الفنان عصام المأمون خارج عن المألوف فهو شخصية فنية لا تشبه إلا نفسها، منوهة بأنه يتمرد على نفسه عندما ينتج أعمالاً فنية، فتراه في كل مرة ينتقل من أسلوب إلى آخر ومن مادة إلى أخرى ومن موضوع إلى آخر، ولكن في كل مرة يكون الإنسان محور أعماله وتفكيره، الإنسان الذي عانى، الإنسان الذي كاد أن يتحطم ويتلاشى ويسحق من الألم، لكنه قوي بقوة المادة التي يستعملها لتمثيله.
وأعربت عن إعجابها الشديد بهذا المعرض، مؤكدة أنه لا يشبه بأي حال من الأحوال أياً من المعارض التي رأيناها في الفترة الأخيرة، ففيه تشكيلات فنية مبدعة واستخدام لمواد غير مألوفة، وفكر فلسفي عميق لكل لوحة، ودعت الشباب ليقتدوا بتجربة مماثلة، وألا يقلدوا وإنما أن يفكروا بالأسلوب نفسه ليخرجوا من الأطر التقليدية إلى الإبداع الفعلي.
رسالة سلام
وقال الفنان التشكيلي عصام المأمون: «أحببت إقامة المعرض في هذه الصالة العريقة التي تحمل عبق الفنانين والأساتذة الكبار الذين أقاموا معارضهم وملتقياتهم هنا، وفي هذا المعرض قدمت 80 عملاً بتقنيات مختلفة ولغات تشكيلية جديدة، وهو تتمة للتجارب السابقة التي تتحدث عن ظروف الإنسان في هذه المنطقة وتعبه في العالم ومشاعره ويأسه».
وأضاف: «الأعمال متنوعة بأحجامها، استعملت فيها خامات متنوعة كالزجاج والتنك وقش النخيل ولحاء الشجر، كما حاولت قدر الإمكان أن أقدم لغات تشكيلية جديدة لنجعل المتلقي يتمتع بصرياً وفكرياً ولأقدم مشهداً بصرياً حديثاً، فأنا متمرد على ما هو مكرر ومطروح وأحاول تقديم لغة تليق بهذا العصر الذي أعتبره عصر المشاهدات والبصريات».
وتابع: «أنا أعتبر المعرض رسالة سلام للناس المتعبة التي تمر بهذه الظروف الصعبة التي نقلتها ووثقتها في لوحاتي، ورسالة للدول الظالمة التي تتحدث عن الإنسانية والمبادئ وحقوق الإنسان، وهي التي دمرت البشر والحجر وأوصلت الإنسان إلى هذا الحصار الاقتصادي والإجرام، وأتمنى أن تحمل المعارض القادمة مزيداً من الحب والتفاؤل والسلام وألواناً مشرقة».
وعن سبب عدم اختيار عنوان محدد للمعرض، أوضح أنه يترك مساحة اللوحة كبيرة ليكمل المشاهد ما يراه من دون أن يحصرها بعنوان.
أعمال غزيرة
وبيّن الفنان التشكيلي د. فؤاد طوبال أن الفنان عصام يجرب في هذا المعرض خامات متنوعة وجديدة، حيث استخدم الزجاج مع الكولاج والزيتي، مقدماً أعمالاً غزيرة ومتنوعة، وفي بعض الأعمال اقترب من النحت من خلال لوحات حملت أحجاماً لتعطي إيحاءات مجسمة بخامات بسيطة ونبيلة مثل الخشب فمزج بين النحت والتصوير، لافتاً إلى أن هذا الشيء ليس بالغريب على الفن المعاصر الذي جعل الفنان يقرب حدود الفنون من بعضها التي باتت تدمج بقدرة وموهبة الفنان وأدواته.
فنان مجرب
وأشار الفنان التشكيلي غازي عانا إلى أن عصام المأمون فنان مجرب ويعتمد على الجانب التقني باللوحة، وقد وفق بذلك لدرجات ممتازة، وفي أعماله اليوم استخدم تقنيات مختلفة كسعف النخيل والحجر والزجاج ككولاج في اللوحة، وأنا أرى أنه من الصعب أن تحمل اللوحة كل ذلك لكنه استطاع أن يخلق هذه التوليفة وينجح إلى حد بعيد.
متعة بصرية
وأوضح الفنان التشكيلي زياد قات أنه في هذا المعرض قلق وجودي ومحاولة جادة جداً وإنسانية وعميقة، ليلامس كل التفاصيل الحياتية برؤيته الخاصة، هناك أعمال حديثة جداً نالت إعجابي وهذا الأسلوب محبب وينتج عن تراكم معرفي وتشكيلي، لذلك المعرض متنوع وجدير بالمشاهدة ومتعة بصرية لأي متلقٍ.
سيرياهوم نيوز1-الوطن