آخر الأخبار
الرئيسية » تحت المجهر » معركة تحرير حماة.. قلب سوريا في قبضة الثوار

معركة تحرير حماة.. قلب سوريا في قبضة الثوار

 

 

شكّلت معركة تحرير حماة محطةً مفصليةً في ملحمة “ردع العدوان”، إذ قصمت ظهر النظام البائد وقطعت أنفاسه، بعدما عزلت قواته وشتّتت أوصالها في مساحات مترامية بلا قيمة استراتيجية، هذا الإنجاز كان فاصلاً بين حقبة مظلمة امتدت لعقود وبين فجر جديد طال انتظاره، ليؤكد أن الثورة ماضية في طريقها نحو النصر الكامل.

 

وجاءت هذه المعركة امتداداً للانتصارات الكبيرة التي حققتها قوات الثورة في حلب، حيث اتجهت إدارة العمليات العسكرية نحو محافظة حماة لمواجهة استمرار استهداف المدنيين وتشريد الأهالي، وبذلك تحوّل قلب سوريا إلى ساحة حاسمة في مسار التحرير، مانحاً الثوار موقعاً استراتيجياً عزّز حضورهم ورسّخ خطواتهم على طريق الحرية.

 

حسن عبد الغني القيادي في إدارة العمليات العسكرية، أكد أن التقدم نحو حماة ليس خياراً، بل واجب أخلاقي واستراتيجي لتحرير المحافظة وحماية سكانها من القصف الممنهج للنظام البائد، مشيراً إلى أن المعركة ستُحدد مسار الصراع بشكل كامل نحو دمشق.

 

إلا أن المفاجأة تمثّلت في انسحاب القوات لاحقاً، رغم التقدّم الواسع الذي حققته في عدد من القرى والبلدات والمواقع العسكرية الاستراتيجية، ومنها قاعدة اللواء 87، وذلك من دون تفسير معلن في حينه، هذا التراجع أثار تساؤلات عديدة، لكنه لم يستمر طويلاً، ليكشف لاحقاً أنه كان جزءاً من خطة إعادة تموضع تكتيكية مدروسة.

 

فمع فجر الخامس من كانون الأول 2024، أعلنت إدارة العمليات العسكرية بدء دخول مدينة حماة للمرة الأولى في تاريخ الثورة السورية، عبر المحور الشرقي الذي لم يحسب له جيش النظام البائد حساباً، لانشغاله بتحصين جبل زين العابدين وثكنة قمحانة شمالاً، هذا الاختراق الاستراتيجي شكّل نقطة تحوّل بارزة في مسار المعركة، وأكد قدرة الثوار على استثمار عنصر المفاجأة وتغيير موازين الصراع.

 

أولى المواجهات في الريف الشمالي والغربي لحماة

مساء يوم السبت الـ 30 من تشرين الثاني 2024، أعلنت “إدارة العمليات العسكرية”، تحرير بلدات ومدن “كفرزيتا واللطامنة ومورك والأربعين وتل سكيك ومعركبة ولحايا وعطشان وتل بزام والبويضة” بريف حماة الشمالي، في ظل توسع عمليات التحرير، وانهيار كبير لقوات الأسد على جميع المحاور، وذلك في إطار اليوم الرابع من عملية ردع العدوان.

 

وفي تمام الساعة التاسعة صباح الأحد الـ 1 من كانون الأول 2025 “اليوم الخامس من معركة ردع العدوان”، تمكنت قوات الثوار من السيطرة على مناطق استراتيجية بعد مواجهات عنيفة مع قوات النظام البائد، وزيادة تأمين خطوط الإمداد نحو ريف حماة الأوسط.

 

الساعة 14:00 تحرير معان والكبارية وكوكب شمالي حماة، والسيطرة على جبل شحشبو في شمالها الغربي.

 

الساعة 17:00 تحرير قرى الطليسية والشعثة والفان الشمالي وتلة الراي وطيبة الاسم في ريف حماة الشمالي، بعد اشتباكات عنيفة، رمى خلالها النظام البائد بكل ثقله في محاولة يائسة لوقف انهياراته المتسارعة، فاستخدم قذائفه وصواريخه الموجهة، ذات التدمير العشوائي واسع النطاق، وذلك بالتزامن مع تراجع بعض قواته نحو نقاط كانت تعدها أكثر تحصناً داخل المدينة.

 

الساعة 19:30 الثوار يحررون السمّان والقريتين وعين الحلوة، مع إحكام الطوق على محاور النظام في الريف الأوسط ومنع أي تعزيزات له من الوصول إلى مدينة حماة.

 

أيضاً في تمام الساعة 21:00 بدأت الاشتباكات في جنوب المحافظة، بمحور الصور وتل سمعان وعين حلاقيم، وتمكنت قوات الثورة من تحرير قرى استراتيجية.

 

الساعة 23:00 الثوار يحررون خربة قسطون والحواش وكفرزيتا الجنوبي، ليؤمنوا بذلك كامل المحاور الجنوبية للريف الأوسط، فيما لجأت قوات النظام البائد إلى مواقعهم على مشارف مدينة حماة، في محاولة أخيرة ويائسة قبل الانهيار الكامل على هذا المحور.

 

يوم الإثنين الـ 2 من كانون الأول:

الساعة 3:00 تحرير قرية قصر أبو سمرة بريف حماة الشمالي الشرقي.

 

الساعة 3:40 تحرير مدينة كرناز في ريف حماة الشمالي.

 

الساعة 8:00 تحرير مدينة قلعة المضيق وقرى عدة في سهل الغاب شمال غربي حماة.

 

وبتحرير هذه الجبهات من قوات النظام البائد رغم الغارات الجوية الكثيفة، تم إغلاق جميع المنافذ أمام أي التفاف أو هجوم معاكس، وأصبحت الجبهة الشمالية قاعدة آمنة للتوسع نحو الوسط والجنوب، لتعلن إدارة العمليات العسكرية تأمين مدينة حلب بالكامل والتوجه نحو حماة.

 

يوم الثلاثاء الـ 3 من كانون الأول:

الساعة 07:00 تحرير مدن صوران وطيبة الإمام وحلفايا ومعردس بريف حماة الشمالي.

 

الساعة 17:00: تحرير 13 قرية، أهمها الرهجان ومعرشحور بريف حماة الشرقي.

 

يوم الأربعاء الـ 4 من كانون الأول:

الساعة 5:00 تحرير الفرقة 25 ومدرسة المجنزرات أحد أهم قلاع النظام البائد وميليشياته الإيرانية، وقرى المباركات ورسم البغل وعويجة والعيور وكاسون الجبل في ريف حماة الشرقي.

 

الساعة 15:00 تحرير السعن وسروج ومعسكرها والشيخ هلال في ريف حماة الشرقي.

 

الساعة 16:00 تحرير رحبة خطاب ومستودعاتها في ريف حماة الغربي.

 

الساعة 19:00 تحرير قرى المجدل وتل بيجو والشيروسوبين وبلدة خطاب في ريف حماة الغربي.

 

الساعة 18:00 تطويق الأطراف الغربية والشمالية لمدينة حماة.

 

فضلاً عن انتزاع السيطرة على جبل كفراع الاستراتيجي المطل على القسم الشرقي من حماة والمجاور لجبل زين العابدين، هذا الاختراق سمح بالسيطرة على جبرين وحي الصواعق، والاقتراب مباشرة من أحياء القصور والفيحاء وغرناطة، ليصبح مركز المدينة على مرمى أقل من أربعة كيلومترات.

 

حماة المدينة.. قاب قوسين من التحرير

تمام الساعة 12:00 من فجر الخميس الـ 5 من كانون الأول، وبعد تأمين الأرياف الشمالية والوسطى والجنوبية، بدأ الثوار بالضغط على المدينة نفسها، مع محاور مشتركة من الشمال والجنوب والغرب والتقدم في ضواحي مدينة حماة.

 

الساعة 05:00 الثوار يحررون المناطق الصناعية وحي المزارع الغربية.

 

الساعة 10:00 تحرير حي باب النصر وحي الشاغور، وبات وجود قوات النظام البائد نادراً، في النقاط المحصنة في وسط المدينة.

 

الساعة 15:00 تحرير أحياء عدة والسجن المركزي بالمدينة.

 

الساعة 16:00 الثوار يزفون نبأ التحرير الكامل لمدينة حماة بعد انسحاب آخر عناصر النظام البائد من الأحياء الشرقية والغربية، بالتوازي مع تأمين جميع الطرق الرئيسية.

 

الساعة 19:00 الانتهاء من تمشيط جبل زين العابدين وقمحانة في ريف حماة الشمالي، والانتهاء من تمشيط مطار حماة العسكري في ريف المدينة الغربي.

 

الساعة 23:59 بداية وصول أرتال عملية “ردع العدوان” إلى ريف حمص الشمالي.

 

لماذا تأخر تحرير حماة أكثر من بقية المدن؟

مع خسارة جيش الأسد لمناطقه في حلب وإدلب، أعاد تجميع قواته المتراجعة في حماة، وكان جبل زين العابدين، الذي يضم شبكة أنفاق ومراكز قيادة إيرانية وسورية، يمثل الدرع الحقيقي لقوات النظام البائد، وقد حاولت كثيراً قوات ردع العدوان قبل انسحابها من بعض المواقع، السيطرة عليه عبر استهدافه بمسيرات “شاهين”، لكن تدعيم جيش الأسد والميليشيات الإيرانية لهذا الخط صعّب الاقتحام المباشر لأيام عدة، قبل أن يفاجئه الثوار بالالتفاف من السعن والسلمية وقطع خطوط الإمداد القادمة من الرقة.

 

ومع دخول قوات ردع العدوان إلى المدينة، انسحب جيش الأسد البائد من مطار حماة العسكري، بينما شوهدت أرتاله تتجه إلى حمص، في مؤشر على بدء انهيار خط دفاعه الأول في وسط البلاد، وعلى وقع الأهازيج وزغاريد الأمهات المكلومات نامت حماة ليلتها الأولى حرة بيد الثوار بعدما فكت قيود الاستبداد الذي مُورس على أبنائها منذ عهد الأسد الأب، في حين أسقط الأهالي صنم حافظ الأسد في الساحة الرئيسية، في مشهد احتفى به السكان بوصفه لحظة تاريخية تنهي عقوداً من الخوف والهيمنة الأمنية.

 

ولِبَثّ الطمأنينة في نفوس السوريين، أصدرت إدارة العمليات العسكرية رسائل طمأنة علنية، مشابهة لخطابها تجاه الطوائف المسيحية خلال دخول حلب، معتبرةً أن سوريا المستقبل لن تكون طائفية، في إشارة لطمأنة جميع المكونات الاجتماعية في حماة وسهل الغاب والساحل السوري.

 

معركة حماة.. أهمية حاسمة

دخول مدينة حماة كان التحول الأكثر تأثيراً بعد تحرير حلب، حيث تمت إعادة رسم خرائط السيطرة في وسط البلاد، وفتحت الباب أمام سيناريوهات عسكرية وسياسية جديدة تتجاوز حدود المحافظة، التي بقيت خلال سنوات الثورة خطاً أحمر في حسابات النظام البائد، ودرعاً حصيناً أمام أي اقتراب من حمص ودمشق.

 

وترجع أهمية معركة حماة التي أثمرت تحريراً تاماً للمحافظة وريفها إلى اعتبارات استراتيجية عدة، أولها يبدأ كون حماة تعد بمثابة قلب سوريا الجغرافي بكل ما للجغرافيا من أهمية في حسم المعارك الفاصلة، كما أن تحرير حماة سمح لقوات الثوار بربط الشمال بالمناطق الوسطى، وتوسيع خطوط الإمداد والإعداد، إضافة إلى وجود مطار عسكري كبير، وهو أحد أكبر قواعد النظام البائد الجوية، التي اعتمد عليها طويلاً، ومستودعات هائلة للسلاح والذخيرة، شكلت خزاناً استراتيجياً لقوات النظام.

 

معنوياً تشكل حماة رمزية تاريخية في الوعي السوري، نظراً لما ارتكبه النظام البائد من مجازر بحق أهلها عام 1982، حيث قام بتدمير المدينة على رؤوس ساكنيها وقَتل أكثر من 40 ألف مدني وفق الشبكة السورية لحقوق الإنسان.

 

معركة حماة لم تكن مجرد اشتباكات كرّ وفرّ، بل شكلت بداية انهيار خطوط دفاع النظام البائد في الوسط السوري، ومنعطفاً حاسماً في مسار السعي نحو إسقاط نظام الأسد، كونها قدمت أكبر عملية إنهاك لمنظومته العسكرية في الوسط، وأنموذجاً لتكتيكات الحرب الحديثة، وأثمرت عن خروج مساحة جغرافية واسعة من سيطرة جيش الأسد، وأنهكت روحه المعنوية، وأسست للنصر الكامل، كما أنجزت تحريراً نقياً، سيخلّده السوريون في سجلات تاريخهم المضيئة.

 

أخبار سوريا الوطن١-سانا

 

x

‎قد يُعجبك أيضاً

نتنياهو يكشف عن بعض تفاصيل اجتماع “الناقورة”: تم الاتفاق على بلورة أفكار للتعاون الاقتصادي بين إسرائيل ولبنان

ادعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مساء الأربعاء، أن حكومته اتفقت خلال اجتماع الناقورة جنوبي لبنان على “بلورة أفكار للتعاون الاقتصادي”، وذلك رغم نفي بيروت ...