آخر الأخبار
الرئيسية » حول العالم » معركة خارج الجبهة… “حرب الطاقة” تشتعل بين روسيا وأوكرانيا

معركة خارج الجبهة… “حرب الطاقة” تشتعل بين روسيا وأوكرانيا

 

غوى خيرالله

 

في خضم القتال على الجبهات، تشن روسيا وأوكرانيا حرباً موازية تستهدف منشآت الطاقة، سعياً لزعزعة استقرار الخصم وتعزيز النفوذ في مفاوضات السلام، ما يحول البنية التحتية الطاقية إلى ساحة صراع استراتيجية.

 

 

 

“عادت حرب الطاقة”

في هذا الشهر فقط، أعلن الجيش الأوكراني عن شن ما لا يقل عن 10 هجمات على منشآت نفطية روسية، واعترف المسؤولون الروس بنصفها.

من جانبها، كثفت القوات الروسية هجماتها على منشآت الغاز والنفط الأوكرانية الرئيسية، ما أثار مخاوف من حدوث نقص في الشتاء. وقال وزير الداخلية الأوكراني إيهور كليمينكو في مقابلة يوم الاثنين إن 20 منشأة طاقة – بما في ذلك محطات كهرباء فرعية ومصافي نفط ومحطات طاقة حرارية – تعرضت لأضرار “خلال الليالي العشر الماضية”.

وبشكل عام، أصبحت هذه الفترة واحدة من أكثر فترات الهجمات على الطاقة حدة في الحرب، بحسب صحيفة “نيويورك تايمز”. بعد فترة من الهدوء النسبي هذا الربيع، قال رئيس اللجنة الفرعية للبرلمان الأوكراني المعنية بسياسة الغاز الطبيعي أندريه جوبانين: “عادت حرب الطاقة”.

 

 

 

هدف ضرب مراكز الطاقة

لطالما استهدف الطرفان منشآت الطاقة لإلحاق الضرر بعيداً عن خط الجبهة، الذي غالباً ما يكون في حالة جمود، لكن هذه الضربات فشلت في تقويض جهود الحرب التي يبذلها الطرفان. وهذا يجعلهما يأملان في إحداث مشاكل سياسية واقتصادية لبعضهما البعض، بحسب “نيويورك تايمز”.

 

ويقول خبير الطاقة الدولي رودي بارودي، لـ”النهار”، إن ضرب المنشآت والبُنى التحتية المرتبطة بالطاقة يُلحق الأذى بأي قطاع صناعي من كلا الطرفين، ويُضعف قدرتهما التنافسية.

 

قامت روسيا مراراً وتكراراً بضرب شبكة الكهرباء الأوكرانية لإضعاف معنويات المدنيين. ولطالما قالت أوكرانيا إن ضرباتها على المصافي لها ثلاثة أهداف: تعطيل إمدادات الوقود الروسية للدبابات والطائرات، والحد من أرباح موسكو من صادرات النفط، وتعطيل الحياة اليومية للروس العاديين.

 

واستخدمت أوكرانيا أسطولاً من الطائرات المسيرة التي زاد عددها وتطورها بشكل كبير، لضرب مصافي النفط الروسية في محاولة لإحداث نقص في الإمدادات والحد من أحد مصادر الدخل الرئيسية للكرملين.

 

ويقول بارودي: “أي منشأة تستهدف تُعطل نقل الطاقة من جهة إلى أخرى… وإذا كانت روسيا تحاول بيع جزء من نفطها نحو الصين والهند وجنوب شرق آسيا، فإن هذه الهجمات تضر بقدرتها على تصريف إنتاجها وإدخال النقد المطلوب حالياً”.

 

لكن الجولة الأخيرة من الهجمات تأتي في الوقت الذي تتنافس فيه كييف وموسكو على كسب النفوذ وسط حملة تقودها الولايات المتحدة لتكثيف محادثات السلام. يقول خبراء الطاقة إن الهجمات على مرافق الطاقة تخدم هذا الغرض، حيث يحاول كل طرف إقناع الطرف الآخر بأنه لا يستطيع تحمل إطالة أمد الحرب، وإرسال إشارة إلى البيت الأبيض بأنه يتمتع بميزة ويرغب في مواصلة القتال.

 

 

أضرار جسيمة

 

تسببت بعض هذه الهجمات في أضرار جسيمة، بما في ذلك انقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع في أوكرانيا، لكنها لم تجبر أيًا من الطرفين على التنازل عن أهدافه الحربية.

 

والغاز مورد حيوي في أوكرانيا، حيث يغذي معظم أنظمة التدفئة المركزية في المباني السكنية في جميع أنحاء البلاد.

 

وقدر جوبانين أن الهجمات كلفت أوكرانيا نحو مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، أي نحو 5% من احتياجاتها السنوية، مما أجبر الحكومة على السعي بشكل عاجل للحصول على تمويل من شركائها الأوروبيين لشراء واستيراد إمدادات الغاز قبل موسم التدفئة الشتوي.

 

في المقابل، هاجمت طائرات بدون طيار أوكرانية بعيدة المدى مصافي النفط في جنوب غرب ووسط روسيا، مما أدى إلى اندلاع حرائق واسعة النطاق وتعطيل العمليات في العديد من المنشآت. وكان من بين الأهداف مصفاة لوك أويل العملاقة في فولغوغراد، وهي الأكبر في جنوب روسيا وواحدة من أكبر 10 شركات إنتاج في البلاد، وفقًا لمسؤولين أوكرانيين وروس.

 

وقدرت وكالة “رويترز” أن الضربات الأخيرة عطلت 17% من طاقة التكرير في روسيا. ويقول المحللون إن الإصلاحات قد تستغرق وقتاً أطول من المعتاد لأن العقوبات تحظر بيع الغرب للمكونات الرئيسية لروسيا.

 

 

 

ارتفاع سعر البنزين في روسيا

وأفادت شبكة “سي أن أن” بأن تكثيف أوكرانيا لهجماتها على الطاقة الروسية يؤتي ثماره حيث أدى الارتفاع الكبير في الهجمات على مصافي نفطها إلى ارتفاع أسعار البنزين في البلاد إلى مستويات قياسية، على الرغم من حظر الحكومة الروسية تصدير البنزين للتعامل مع الأزمة، مشيرة إلى أن الصيف يشهد ذروة الطلب على البنزين بين السائقين والمزارعين في روسيا.

 

وذكرت “نيويورك تايمز” أن سعر الجملة للبنزين ارتفع بنسبة 12% في شهر واحد حتى منتصف آب/أغسطس، وبنحو 50% منذ بداية العام، وحدث نقص في جميع أنحاء البلاد.

 

كما قالت شبكة “يورونيوز” إن أزمة الوقود تتفاقم في روسيا ومناطق أوكرانيا التي استولت عليها وسط ارتفاع أسعار البنزين، مشيرة إلى أن 3 مصاف على الأقل أوقفت عملياتها تماماً. ووفقًا لتقديرات مختلفة، أدت الهجمات الناجحة التي شنتها القوات المسلحة الأوكرانية إلى انخفاض الإنتاج بنسبة 10-15%.

 

وأفادت تقارير عن نقص في البنزين في عدة مناطق روسية وفي شبه جزيرة القرم. وأفادت وسائل الإعلام المحلية بوجود طوابير طويلة أمام محطات الوقود وسائقين يهرعون من محطة إلى أخرى في محاولة لملء خزانات وقود سياراتهم، في بعض المناطق الروسية.

 

ويشدد بارودي في هذا الصدد لـ”النهار” على أن كلا الطرفين يضرّان بعضهما البعض، لكن وفقاً لقدرات كل منهما، مشدداً على أن هناك حاجة ماسة للسلام.

 

تصاعد الهجمات على منشآت الطاقة يكشف تحولاً استراتيجياً في الحرب بين روسيا وأوكرانيا، حيث باتت الطاقة سلاحاً رئيسياً للضغط والتأثير، وسط غموض يكتنف مسار المفاوضات المقبلة وجمود في ساحة المعركة.

 

أخبار سوريا الوطن-وكالات-النهار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

رداً على التحركات الأميركية… فنزويلا تنشر سفناً حربية في مياهها الإقليمية

    أعلنت فنزويلا، أمس، أنّها نشرت في مياهها الإقليمية سفناً حربية ومسيّرات ردّاً على إرسال الولايات المتحدة عدداً من المدمّرات إلى منطقة الكاريبي بحجّة ...