آخر الأخبار
الرئيسية » تربية وتعليم وإعلام » معركة طويلة.. كيف تحولت الميادين وطواقمها إلى “تهديد أمني” للاحتلال الإسرائيلي؟

معركة طويلة.. كيف تحولت الميادين وطواقمها إلى “تهديد أمني” للاحتلال الإسرائيلي؟

طبيعي أن نحزن لهذا الجرح الغائر والعميق، والذي أصابنا في أخوينا. طبيعي أن نصرخ أمام هذا الاحتلال الغادر الجبان، لكننا، في الوقت نفسه، نفخر بأنّنا، كوسيلة إعلامية، نقضّ مضاجع هذا الاحتلال. نحن نفخر بأنّ الميادين باتت، بالنسبة إلى الاحتلال، العدوّ الإعلامي اللدود، في المنطقتين العربية والإسلامية”.

بهذه الكلمات، نعى رئيس مجلس إدارة شبكة الميادين الإعلامية، غسان بن جدو، الزميلين الشهيدين، المراسلة فرح عمر والمصوّر ربيع المعماري، واللذين ارتقيا في إثر استهداف إسرائيلي، طال فريق عمل الميادين في بلدة طير حرفا الجنوبية.

 

لكنّ استهداف فرح وربيع في جنوبي لبنان من جانب الاحتلال الإسرائيلي لم يكن الأول، وليس بجديد على الاحتلال، بحيث جاء بعد سلسلة اعتداءات وتضييقات، مارسها الاحتلال الإسرائيلي ضد الميادين منذ مدة طويلة، وكان آخرها حظر الشبكة في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

حجب قناة الميادين في فلسطين المحتلة

في الـ13 من تشرين الثاني/نوفمبر الحالي، وبينما كانت الميادين تواصل تغطيتها العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ترجم الاحتلال عداءه لها عبر القرار الذي اتّخذه مجلس الوزراء السياسي الأمني، “الكابينت”، والقاضي بإيقاف عمل الشبكة في فلسطين المحتلة، شاشةً ومواقعَ إلكترونية ومنصات، في لغاتها العربية والإسبانية والإنكليزية، بحيث أُغلق مكتبها في الضفة الغربية، وصودرت المعدات الخاصة بالمراسلين.

جاء هذا القرار بموجب “أنظمة الطوارئ” لدى الاحتلال، نتيجةً لما تلحقه الميادين من ضرر بأمنه، ومحاولةً لمنع نشر ما قال وزير أمن الاحتلال، يوآف غالانت، إنّه “دعاية خطرة تبثّها القناة”، وهو ما يُقرَأ على أنّه إقرار إسرائيلي بنجاحها في فضح أكاذيب الاحتلال ونقل جرائمه إلى العالم.

رئيس مجلس إدارة شبكة الميادين الإعلامية، غسان بن جدو، أكد، في أعقاب القرار، أنّ “الإجراء الإسرائيلي عسكري، وليس سياسياً أو تقنياً، وأقرّه الكابينت المكلّف من جانب الولايات المتحدة الأميركية اتخاذ القرارات العليا”. وإن جاء قرار الاحتلال في خضمّ ملحمة “طوفان الأقصى”، فإنّ الأخطر، بالنسبة إليه، هو أنّ الميادين، في التغطية الحربية وفي غيرها، هي القناة الأولى في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، بحيث أثّرت كثيراً في الشعب الفلسطيني، إذ منحته ساحةً كبيرة للتعبير عن نفسه وعن قناعاته.

اعتداء على سيارة الميادين

في الـ12 من تشرين الثاني/نوفمبر، وبينما كان فريق عمل الميادين يؤدي عمله في نقل وقائع الاعتداءات الإسرائيلية عند الحدود اللبنانية – الفلسطينية، حيث يعتدي الاحتلال على القرى الجنوبية، وتردّ المقاومة الإسلامية باستهداف مواقع الاحتلال وتجمّعات جنوده، لاحقت طائرة مسيّرة إسرائيلية سيارة البثّ الخاصة بالقناة، ضمن مسار التضييق والتخويف اللذين تمارسهما قوات الاحتلال من أجل منع الميادين من نقل الواقع.

 

تعرّض الزميلة هناء محاميد لمضايقات من جانب مستوطنين إسرائيليين

ومطلع الشهر الحالي، تعرضت مراسلة الميادين، هناء محاميد، في القدس المحتلة، لتهديد خطير جداً، من جانب صحافيين ومستوطنين إسرائيليين، بحيث لاحقوها حتى سيارتها الخاصة، ومنعوها من الركوب فيها، بعد تهديدها بصورة مباشرة. وجاء ذلك ضمن حملة منظمة، وسياسة ترهيب إسرائيلية مُمنهجة، تهدف إلى إسكات كل فلسطيني.

وفي تفاصيل الاعتداء، هاجم الصحافي في “القناة الـ12” الإسرائيلية، حاييم إتغار، الزميلةَ محاميد، وحاول مع مستوطنين آخرين استدراجها بحجة تسلّم مظروف بريدي، ليتم بعد ذلك نصب كمين لها.

 

اقتحام منزل الزميل ناصر اللحام واعتقال نجله

أمّا في الضفة الغربية، فاقتحمت قوة إسرائيلية كبيرة منزل مدير مكتب الميادين في فلسطين المحتلة، ناصر اللحام، في بيت لحم، بحيث اعتدت على زوجته وأولاده، وفتّشت الغرف ومارست الترهيب بحق الأطفال. كذلك، اعتقلت نجليه باسل وباسيل، لتقوم بعد ذلك بإطلاق سراح الأخير بعد الاعتداء عليه بالضرب بأعقاب البنادق، بينما بقي باسل، الذي صودر هاتفه، قيد الاعتقال.

 

ولم يقتصر التضييق، الذي يمارسه الاحتلال، على موظفي الميادين، فحتى ضيوفها كان لهم نصيب، إذ حاصرت قوات الاحتلال منزل أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة العربية الأميركية، جمال حويل، بعد أن كان ضيفاً عبر شاشة الميادين. وبينما كان حويل عبر الهواء مباشرةً، تلقى تهديداً من الاستخبارات الإسرائيلية.

 

“الميادين أصبحت مشكلة”

الاعتداءات بحق الميادين، حتى إن بلغت ذروتها في ظل “طوفان الأقصى”، فإنها جاءت بعد أن ضاق الاحتلال ذرعاً بنشاطها، منذ عام 2014، ولاحقاً في معركة “سيف القدس”، والكثير من الحروب والاعتداءات الإسرائيلية المتكررة. فالحرب مع “إسرائيل” شاملة، والأمر تراكمي، وليس وليد لحظة أو تغطية، حتى إنّ قرار حظرها في فلسطين المحتلة، والمطبَّق حديثاً، كان منصوصاً عليه في عام 2018.

وفي حديث إلى إذاعة “النور” اللبنانية، كشف رئيس مجلس إدارة الميادين أنّ الاحتلال الإسرائيلي أراد استدراجه إلى إحدى الدول الصديقة (لا الحليفة) قبل أعوام، وتحديداً بعد معركة “سيف القدس” مباشرةً، بينما كشفت أجهزة أمنية أنّ الهدف من وراء ذلك كان اختطافه، وبعد ذلك، ليس معلوماً ما أُريد القيام به.

وكشف أيضاً رسالةً أميركيةً من 4 بنود، بُعثت إليه عام 2017، حين دُعي إلى عشاء في إحدى الدول الخليجية. وحينها قيل له إنّ الميادين هي ثالث وسيلة إعلامية، منذ نحو نصف قرن، تصل إلى مدى التأثير العميق في الرأي العام العربي، والمشكلة معها هي أنّها كانت “خارج السيطرة”؛ خارج السيطرة الإسرائيلية – الأميركية.

ونقل بن جدو أنّ مسؤولاً خليجياً مرموقاً، من دولة صديقة، قال له إنّ “الميادين تجاوزت خطوطاً حمراً أميركيةً إسرائيليةً؛ 3 خطوط حمر، لكنّ هناك خطاً أحمر رابعاً يعنينا نحن مباشرةً في العالم العربي، وتحديداً نحن في الدول الخليجية”: النجاح في تصدير الثقافة الشيعية إلى الرأي العام العربي؛ “هذا خط أحمر لا نسمح به”، وفق قول المسؤول.

اقرأ أيضاً: أدّيا واجبهما الإعلامي حتى الرّمق الأخير.. نبذة عن شهيدي الميادين فرح عمر وربيع المعماري

وأعرب بن جدو عن دهشته مما قيل، مع تأكيده أنّ القناة ليست شيعيةً. وأوضح المسؤول الخليجي العلم بذلك، مشيراً إلى أنّ “خطاب الميادين لا يصل على أنّه شيعي، لكنه في العمق يخدم محوراً (في إشارة إلى محور المقاومة). وبالتالي، فإن ثقافة هذا المحور، بكل ما لديه، خط أحمر رابع بالنسبة إلينا. إذاً، الميادين أصبحت مشكلة”.

وأشار إلى أنّ القرار الإسرائيلي، القاضي بمنع الشبكة “كان أيضاً عبر إلحاحٍ ورغبةٍ من دولتين عربيتين؛ الأولى خليجية، والأخرى غير خليجية”، مؤكداً أنّ حديثه يستند إلى معلومات. وبالأرقام، فإنّ عدد المشاهدين تجاوز ـ50 مليوناً، من جانب العرب أينما كانوا، “ليس في العالم العربي فقط، إذ يشمل هذا أكثر من 5 ملايين عربيّ في الولايات المتحدة الأميركية”، وهذا مؤشر على قوة تأثيرها في العالم العربي وخارجه.

قبل ذلك، من سلسلة الاعتداءات الإسرائيلية والأعمال التي تهدف إلى التضييق على فرق الميادين وترهيبهم، في عام 2015، في أثناء تغطيتها اقتحام قوات الاحتلال منزل الشهيد فادي علون في بلدة العيسوية في القدس المحتلة، أُصيبت مراسلة الميادين، هناء محاميد، بقنبلة صوت أصابتها، أسفرت عن حروق في وجهها. وفور خروجها من المستشفى بعد تلقي العلاج، أصرّت الزميلة على استكمال رسالتها إلى الجمهور عبر الهواء مباشرةً، على الرغم من الإصابة المباشرة.

  • الزميلة هناء محاميد بعد إصابتها بشظايا إسرائيلية عام 2015
    الزميلة هناء محاميد بعد إصابتها بشظايا إسرائيلية عام 2015

مستمرون.. في طريق القدس

استكمل بن جدو تعزيته بالزميلين الشهيدين، مؤكداً أنّ أصوات الميادين كلها لن تسكت. وسواء استُشهدت فرح، أو ربيع، أم غيرهما، في طريق القدس، فإنّها “مستمرة عبر مناضليها وإعلامييها الكبار المقاومين، والذين يثبتون كل مرة أنّهم وطنيون ومتمسكون بهذه التغطية، وبأن يواجهوا الاحتلال الإسرائيلي في أي مكان توجد فيه القناة”.

 

وإنّ الميادين، على الرغم من دأب الاحتلال وسعيه الحثيث لإسكاتها، لم تَخَف يوماً، واختارت بوضوح أن تحتضن قضية فلسطين، وتدافع عن شعبها، وتعشق مقدّساتها. 

وهي مستمرة، على الرغم من تواضع الإمكانات، ملتزمةً قضايا الإنسان المحقة في كل مكان، وداعمةً مقاومة شعوب العالم ضد أي احتلال، بضمير مهني، وحِرفية صحافية، تقاوم إعلامياً جنباً إلى جنب مع المقاومين في الميادين الأخرى.

فـ”الميادين ليست بناءً، ولا جدراناً، ولا مكاتب، ولا كاميرات. إنّها في العُمق فكرة، رؤية، ثقافة، خيار، ومشروع إعلامي عربي أممي إنساني متكامل، اسمُه الميادين“، يقول رئيس مجلس الإدارة، غسان بن جدو.

 

 

سيرياهوم نيوز 2_الميادين

x

‎قد يُعجبك أيضاً

قانون اتحاد الصحفيين… ندوة حوارية‏ في دار البعث

دعا المشاركون في الندوة الحوارية التي أقامها فرع دمشق لاتحاد الصحفيين على ‏مدرج دار البعث تحت عنوان “ماذا يريد الصحفيون من قانون اتحاد الصحفيين” إلى تعديل ...