آخر الأخبار
الرئيسية » الأخبار المحلية » معضلة المقاتلين الأجانب في سوريا: بين الحل السياسي والخيار العسكري

معضلة المقاتلين الأجانب في سوريا: بين الحل السياسي والخيار العسكري

هذه المشهدية تخفي خلفها واقعاً أعمق وأكثر تعقيداً.

مواجهة نوعية اندلعت بين السلطات السورية ومجموعة من المسلّحين الأجانب في إدلب، تدعى “فرقة الغرباء”، مؤلفة من فرنسيين مهاجرين متطرفين وقائدها من أصول سنغالية. ظاهر الاشتباكات كان محاولة القبض على أحد القياديين بتهمة خطف فتاة، لكن باطنها يتعدى الجناية، ورجّحت بعض التقارير توجّه الحكومة للقبض على مطلوبين فرنسيين وتسليمهم لسلطات بلادهم.

ويخفي هذا المشهد خلفه واقعاً أعمق وأكثر تعقيداً: عبء المقاتلين الأجانب على السلطات السورية. لا إحصاءات دقيقة بشأن أعدادهم، لكن مركز “جسور” للدراسات قدّر عددهم بـ5 آلاف من جنسيات متعدّدة، وهذا الرقم لا يشمل الأجانب الذين قاتلوا مع نظام بشّار الأسد وتنظيم “داعش”، بل محصور بالعناصر التي انضمت إلى فصائل المعارضة في إدلب والمقرّبة من “هيئة تحرير الشام”.

معضلة المقاتلين الأجانب قنبلة موقوتة تريد السلطات السورية تفكيكها. بالدرجة الأولى، فإن مجموعاتهم خارجة عن القانون وتفرض سيطرتها في مواقع انتشارها، وتتحرّك من منطلق إيديولوجي لا سياسي، فتشكّل عبئاً أمنياً على الحكومة وتحدياً أمام فرض السلطة. بالدرجة الثانية، فإن المقاتلين الأجانب لا يتمتعون بقبول كافة شرائح الشعب السوري.

حتى الآن، لا معطيات ومؤشرات تشي بأن السلطات السورية فتحت حرباً ضد المقاتلين الأجانب، بل معركة إخضاعهم للقانون كغيرهم من السوريين، تمهيداً لسحب سلاحهم وتسوية أوضاعهم حتى لا تبقى مواقعهم بؤراً أمنية متفلتة. وتقول الكاتبة السورية سميرة المسالمة لـ”النهار” إن الحكومة “لا تخوض” حملة ضد المقاتلين الأجانب، بل ضد مرتكبي العمليات غير القانونية.

 

 

مقاتل ملثّم في سوريا.

مقاتل ملثّم في سوريا.

 

 

قبل الحديث عن حلول عسكرية مع المقاتلين الأجانب، لا بد من التطرق إلى الحلول السياسية. هؤلاء العناصر مطلوبون في دولهم، وبالتالي الحل الأكثر منطقية لهم قد يكون تجنيسهم في سوريا، لكن بتسوية تقضي بتسليم السلاح وحل المجموعات العسكرية. وبموجب قانون التجنيس، “يندمج” الأجانب بالشعب السوري وفق “آلية محدّدة”، ويلتزمون بالقانون السوري كالمواطنين المحليين، وفق المسالمة.

لكن ثمّة مخاوف من عدم تجاوب المقاتلين الأجانب مع سياسة السلطات السورية لجهة تسليم سلاحهم ودمجهم بالشعب السوري. جزء منهم يحمل أفكاراً إيديولوجية إسلامية متطرفة ولا يوافق على سياسة الانفتاح والبراغماتية التي تبديها الحكومة، وقد سُمعت عبارات “كفّار” قالها بعض المقاتلين الفرنسيين لعناصر الأجهزة الأمنية خلال اشتباكات إدلب الأخيرة، انطلاقاً من رفضهم سياسات الحكومة.

تمرّد المقاتلين الأجانب على السلطات السورية واستمرار حالة خروجهم عن القانون وضغط المجتمع السوري الداخلي والدولي قد يدفع بالحكومة لاتخاذ إجراءات عسكرية ضدهم. تشير المسالمة إلى احتمال وجود مجموعات “تستفيد من حالة الخروج عن القانون ومتمسّكة بسلاحها”. وحينها، قد يتخذ القرار بمواجهة هذه المجموعات، وخصوصاً أن أعدادها متواضعة مقارنة بعناصر الجيش السوري.

في المحصلة، يرفض المجتمع الدولي بالإجمال عودة المقاتلين الأجانب إلى دولهم، كونهم يشكلون خطراً أمنياً، وبدلاً من ذلك، يطالبون باسترداد بعضهم لمحاكمتهم. وبالتالي، فإن السلطات السورية متروكة أمام خيار حسم هذا الملف، إما بالأساليب السياسية والديبلوماسية، والتي تقتضي بتسوية تنزع خلالها سلاحهم وتقدّم لهم ميزات كالجنسية السورية، وإما بالحلول العسكرية.

 

 

 

 

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _النهار اللبنانية

x

‎قد يُعجبك أيضاً

ويلسون: حان الوقت لتمكين سوريا من استعادة دورها ومكانتها في المنطقة والعالم

    أكد النائب الجمهوري في الكونغرس الأمريكي جو ويلسون، أن الشعب السوري يمثل مصدر إلهام حقيقياً للعالم لما أبداه من صمود وإصرار على إعادة ...