لم يكن يدرك أن تصفحه لمواقع التواصل الاجتماعي سيقوده لقراءة إعلان توظيف في إحدى الشركات ما استوقفه ودفعه إلى مراسلة صاحب الحساب الذي انتحل صفة مسؤول التوظيف في الشركة.
ووفقاً لما رواه محامي الضحية لـ«الوطن» فإن المعلن طلب منه خلال المحادثة الضغط على الرابط لملء استمارة التوظيف ليتفاجىء بأحد البنود التي تتطلب تخصيص مبلغ مالي كرسوم لتلك الوظيفة وبعد تنفيذ المطلوب اكتشف أنه وقع ضحية لعملية نصب محكمة من قبل عصابات الكترونية تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي البيئة المثالية للمحتالين للوصول إلى الشباب وبالأخص عن طريق تطبيق الفيسبوك.
وأضاف: لا يختلف النصب في التوظيف عن غيره من حالات الاحتيال فالهدف واحد وهو الوصول إلى الضحية والإيقاع بها من خلال عرض توظيف مثالي وخارق مقارنةً بالمؤهلات والخبرات المطلوبة مرتب مغر، ظروف عمل مريحة، عدد ساعات قليلة، والخبرة غير ضرورية.
وأشار إلى أنه وعلى الأغلب تتوجه هذه العروض إلى الفتيات وبأعمار محددة، يستخدم أصحابها أساليب عدة وممنهجة لكسب ثقة الضحية، مستغلين أحلام الشباب وظروفهم الاقتصادية، ولتضفي الرسمية على نشاطها غالباً ما تنتحل صفة منظمات أو شركات أو مؤسسات مشهورة، وهنا يصبح الوصول أسهل ومضمون أكثر.
معلومات «الوطن» تبين بأن المبالغ التي تطلب مقابل الحصول على وظيفة وهمية تكون كبيرة، بعدما يُرمى الطعم للضحية من خلال نشر عروض عمل وهمية على مواقع التواصل الاجتماعي، عروض مغرية لعمل في بيئة مريحة، ومرتب مغرٍ، والخبرة غير ضرورية، متاجرين بأحلام الشباب فالدفع مقابل عمل وهمي.
انتحال صفة منظمات
مديرة قسم التواصل والإعلام في منظمة الهلال الأحمر السوري رهف عبود أكدت لـ«الوطن»: وجود إعلانات توظيف وهمية تنتحل اسم وصفة منظمة الهلال الأحمر السوري ولعدة غايات وتنتشر هذه الظاهرة بالأخص على مواقع التواصل الاجتماعي «الفيسبوك».
وأشارت عبود إلى أن نسبة انتشار الإعلانات الوهمية التي تطول المنظمة كبيرة، إلا أنها تناقصت كثيراً في الآونة الأخيرة بسبب قيام المنظمة بملاحقة هذه الصفحات والدور الفعال لقانون الجريمة الإلكترونية المطبق في سورية.
وبينت عبود أن المنظمة قدمت شكاوى إلى القضاء بحق القائمين على إدارة هذه الصفحات، تمت إحالتها إلى الجهات المختصة للوصول إلى الفاعلين ومساءلتهم قانونياً.
وأكدت عبود أن جميع الشكاوى الّتي تقدمت بها المنظمة بحق الصفحات التي تدار من داخل سورية حققت النتائج المرجوة من خلال الوصول إلى الفاعلين وإحالتهم إلى القضاء وإغلاق تلك الصفحات.
أمّا بالنسبة للصفحات المدارة من الخارج أوضحت أنه يتعذر الوصول إلى الفاعلين، وتبقى الشكوى والمتابعة قائمة.
وحول محاكاة الإعلانات المزورة للإعلانات الرسمية المنشورة على صفحات الهلال الأحمر أوضحت عبود أن الإعلانات التي تصدر عن المنظمة لها صيغة معينة ولا تتشابه قطعاً مع الإعلانات الوهمية أمّا بالنسبة للأشخاص المتابعين للصفحات التي تتداول هذه الإعلانات، فقد لا يستطيعون كشف كذبها وزيفها لعدم معرفتهم بتفاصيل إعلانات المنظمة أو لجهلهم بصيغة المنشورات المتعلقة بالإعلان عن وظائف.
اليونيسيف ليست أفضل حظاً
لم تكن اليونيسيف أفضل حظاً فعروض العمل الوهمية التي تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي تلاحق المنظمة وتنشر باسمها، وذلك من خلال عقد مع اليونيسيف مقابل دفع رسوم أو معلومات شخصية أو مصرفية وأوضحت اليونيسيف أنها لا تفرض أي رسوم في أي مرحلة من مراحل التوظيف.
ولفتت الانتباه حول المراسلات الاحتيالية التي قد تبدو مشروعة ومصنوعة باحترافية فقد تحمل شعار اليونيسيف، وتظهر كأنّها صادرة عن عنوان بريدها إلكتروني، وحذرت من العروض التي تبدو جيدة لدرجة يصعب تصديقها، وشددت على ضرورة توخي الحذر وعدم إرسال أموال أو معلومات قد تؤدي إلى خسارة مالية وسرقة للهوية.
وأشارت إلى أن أحد المحتالين زعم أنه يوفر فرص عمل في اليونيسيف، وانتحل صفة أحد أعضاء الفريق التنفيذي لليونيسف لزيادة المصداقية، وأُرسِلَ البريد الالكتروني من unicefjob. com، علماً بأن هذا ليس عنواناً لبريد إلكتروني رسمي لليونيسيف، كما استخدم أيضاً شعار المنظمة وعلامة تجارية قديمة لليونيسيف في البريد الإلكتروني.
في أروقة القضاء
وحول العقوبة القانونية أكد المحامي حسن حماده أن عمليات النصب والاحتيال الإلكتروني تأخذ أشكالاً متعددة، وترد حالات عن أشخاص منتحلين صفة منظمات وشركات، ومؤخراً وردت حالة عن شخص منتحل صفة مسؤول التوظيف العام للمكاتب السورية لدى إحدى المنظمات السورية في بيروت، يقدم المنتحل عروض توظيف وهمية باسم المنظمات وحصراً للإناث ويطلب صوراً شخصية وهوية، وأوضح أنه إذا كان القصد من الانتحال هو الاستيلاء على المال عن طريق الخداع والاحتيال المعلوماتي «يعاقب بالسجن المؤقت من ثلاث سنوات إلى خمس سنوات وغرامة مالية من ثلاثة ملايين إلى خمسة ملايين ليرة سورية».
وأشار حماده إلى أنه إذا استخدم الفاعل الحساب الشخصي المُنتحل «يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى ستة أشهر وغرامة من مليون إلى مليوني ليرة سورية».
في حين تشدد العقوبة لتصبح «الحبس من سنة إلى ثلاث سنوات، وغرامة من مليوني إلى ثلاثة ملايين ليرة سورية إذا كان الحساب المستخدم عائداً لجهة عامة أو مصرف أو مؤسسة مالية مشتركة أو خاصة».
وحول طريقة تقديم الشكاوى ضد الحسابات بيّن حماده أنه يجب التقاط لقطة شاشة للحساب ورابطه وللمحادثة والتقدم بشكوى للنيابة العامة والتي بدورها تقوم بتحويل الشكوى إلى الأمن الجنائي فرع الجريمة الإلكترونية للوصول إلى صاحب الحساب إذا كان يدار من داخل الأراضي السورية.
«الوطن» طلبت رأي المسؤول عن قطاع العمل في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل للإحاطة بدور الوزارة في تنظيم سوق العمل، وتسليط الضوء على نشاط منصات العمل، إلا أن الجواب جاء بعدم رغبة الوزير حالياً بترشيح أي شخص للتصدي لهذه المهمة!
سيرياهوم نيوز1-الوطن