مواقف الدول المواجهة للقطبية الأحادية، تجلت أمس بوضوح في الحرب الدبلوماسية المترافقة مع العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا، فبينما اعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن الهدف الذي تسعى واشنطن لتحقيقه وهو عزل روسيا، أمر مستحيل، مشدداً على أن أميركا مستعدة لمواجهتنا حتى آخر أوكراني، أكدت بكين أن واشنطن تصعد النزاع في أوكرانيا لردع روسيا والصين.
ولم تكن المواقف الصادرة من نيودلهي أقل وضوحاً وخصوصاً أنها جاءت مع محادثات أجراها الرئيس الأميركي جو بايدن مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي عبر الفيديو، لتقريب مواقف البلدين بشأن الحرب في أوكرانيا، فقد أكد وزير الدفاع الهندي راجناث سينغ أن الولايات المتحدة تدرك أن الهند وروسيا حليفان طبيعيان وتحافظان على علاقات مستقرة.
وأجرى الرئيس الروسي أمس محادثات مع نظيره البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو لتشكيل قدرة دفاعية مشتركة، ونقلت «روسيا اليوم» عن بوتين قوله خلال مؤتمر صحفي مشترك مع لوكاشينكو: «عندما يحدثني زملائي الغربيون عن بوتشا.. أسألهم هل زرتم الرقة السورية؟ المقاتلات الأميركية سوتها بالأرض والجثث انتشرت في المدينة شهوراً حتى تفسخت ولم يكترث أحد منكم لذلك، كذلك لم يتذكر أحد منكم مئات القتلى الذين سقطوا بضربة واحدة وجهتها طائرة أميركية لأحد الأعراس، لم يأبه أحد لذلك. هدوء مطبق، لكن هذا الهدوء لم نلحظه عندما تم تدبير أعمال استفزازية في سورية واتهموا حكومة الرئيس بشار الأسد باستخدام السلاح الكيميائي، وتبين لاحقاً أن كل ذلك كان تزييفاً للحقائق، تماماً كما حصل في بوتشا».
وبيّن أن «هناك الكثير من الحديث عن أن الولايات المتحدة مستعدة للقتال ضد روسيا حتى آخر أوكراني، يقال هكذا عنهم وعنا، والأمر حقاً كذلك».
بوتين أكد أنه «تمت تغذية نمو النازية الجديدة بشكل متعمد، وكان صدام روسيا مع هذه القوى أمراً حتمياً، لقد كانوا بصدد اختيار التوقيت المناسب للهجوم».
وقال: «لن نعزل أنفسنا، ومن المستحيل عموماً فرض عزلة محكمة على أي طرف في العالم الحديث، أما عزل بلد ضخم بحجم روسيا فهو مستحيل بالتأكيد، لذلك، سنعمل مع أولئك من شركائنا الذين يريدون التعاون».
بدوره ذكر لوكاشينكو أنه لو تأخرت روسيا في إطلاق عمليتها العسكرية في أوكرانيا، لكانت أراضيها قد تعرضت لضربة قوية، واتهم لندن بالوقوف وراء الاستفزاز في بوتشا الأوكرانية، موضحاً أنها عملية خاصة بريطانية، وأعرب عن استعداد مينسك لتقديم مواد للتحقيق في إعداد العملية في بوتشا.
وفي السياق أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، تشاو لي جيان، أمس الثلاثاء، أن السلطات الأميركية تقوم بتصعيد النزاع الأوكراني بشكل متعمد بهدف ردع الصين وروسيا، ونقلت قناة «روسيا اليوم» عن تشاو قوله: إن الولايات المتحدة تقوم دائماً بنشر معلومات مزيفة لتشويه سمعة الصين وموقفها المسؤول من المساعدة في المفاوضات السلمية، كما تحاول تحويل المسؤولية وتنظم استفزازات وتحاول الاستفادة وإيجاد مجال للمناورة وفي الوقت نفسه ردع كل من روسيا والصين.
وعلى خطٍ موازٍ أجرى بايدن ورئيس الوزراء الهندي محادثات، لم تنجح على ما يبدو في تقريب مواقف البلدين بشأن الحرب في أوكرانيا التي تزعزع استقرار العلاقة بينهما، وأشاد بايدن في بداية الاجتماع الافتراضي بـ«العلاقة العميقة» بين البلدين وأعرب عن رغبته في مواصلة المشاورات الوثيقة في ظل الحرب في أوكرانيا.
من جانبه، وصف رئيس الوزراء الهندي الوضع في أوكرانيا بأنه مقلق للغاية، مشيراً إلى أن الهند تدعم المفاوضات بين أوكرانيا وروسيا التي تنظر لها واشنطن بكثير من التشاؤم.
ونقلت وكالة «أ ف ب» عن وزير خارجية الهند إس جايشانكار قوله في ردّ على سؤال لصحفية عن سبب عدم إدانة بلاده للغزو الروسي لأوكرانيا «شكراً لك على نصيحتك واقتراحك، لكنّي أفضل أن أفعل ذلك على طريقتي».
من جهته أكد وزير الدفاع الهندي راجناث سينغ أن الولايات المتحدة تدرك أن الهند وروسيا حليفان طبيعيان وتحافظان على علاقات مستقرة.
وعلى خطٍ موازٍ كشف مصدر أمني روسي نقلاً عن مخبريهم في القوات الأوكرانية أن مجموعة مراقبة سرية تابعة لحلف شمال الأطلسي «الناتو»، تضم عاملين في مجموعة «نوردستارسبورت» الرومانية، بدأت العمل في أوديسا، ومهمة المجموعة هي مراقبة السفن الروسية في البحر الأسود، ومنع إنزال القوات الروسية في منطقة أوديسا وإعطاء إحداثيات مواقع السفن الحربية الروسية لتوجيه صواريخ نبتون الأوكرانية المضادة للسفن.
بدوره أعلن نائب مجلس الدوما الروسي من جمهورية القرم، ميخائيل شيريميت أن المدربين العسكريين للناتو ربما مختبئون في ماريوبول، وفي أثناء ذلك صرح مسؤول رفيع في البنتاغون بأن السلطات الأميركية لا تستطيع تأكيد صحة الأنباء عن استخدام القوات الروسية أسلحة كيميائية في مدينة ماريوبول في منطقة دونباس، وقال المسؤول للصحفيين، أمس الثلاثاء: «نحن لسنا على الأرض، ولا توجد لدينا رؤية كاملة، وبالتالي نقوم بكل ما بوسعنا من أجل الوصول إلى استنتاجات أفضل. ولا نزال ندرس هذا».
ميدانياً نقلت «روسيا اليوم» عن وزارة الدفاع الروسية أن ضربات قواتها الجوية أصابت 32 منشأة عسكرية أوكرانية، كما أن صواريخ عالية الدقة أطلقت من الجو والبحر دمرت مستودع ذخيرة وحظيرة محمية تحتوي على طائرات أوكرانية في مطار ستاروقسطنطينوف العسكري في مقاطعة خميلنيتسكي غرب البلاد، بالإضافة إلى مستودع ذخيرة قرب قرية غافريلوفكا بمقاطعة كييف.
وذكر كوناشينكوف أن الأهداف التي دمرها الطيران الحربي الروسي خلال 24 ساعة الماضية، تضم منظومة صواريخ مضادة للطائرات من طراز Buk-M1 وراداراً للإضاءة والتوجيه لمنظومة الصواريخ المضادة للطائرات S-300، بالإضافة إلى نقطة قيادة واحدة و18 موقعاً لتركيز المعدات العسكرية الأوكرانية.
وأسقطت الدفاعات الجوية الروسية طائرتين من دون طيار في محيط مدينتي بيرديانسك وميليتوبول في جنوب أوكرانيا.
في غضون ذلك استخدمت البحرية الروسية لأول مرة راجماتها البحرية «غراد – إم» عيار 122 مم قرب ميناء ماريوبول وذلك ضد المتطرفين الأوكرانيين المختبئين فيه وفي مصنع آزوف ستال.
سيرياهوم نيوز 3 – الوطن