ناصر النجار
تنطلق غداً الانتخابات الرياضية الرسمية للدورة الانتخابية الحادية عشرة التي تستمر لخمس سنوات قادمة، وانتخابات الغد مخصصة للأندية الممتازة المحترفة في كرتي القدم والسلة، بينما ستجري انتخابات بقية الأندية في موعدها المحدد في تشرين القادم ضمن البرنامج الانتخابي الشامل الذي سيعلن نهاية الدورة الرياضية الحالية.
الانتخابات ستبدأ من حلب اليوم حيث تقام انتخابات نادي أهلي حلب، وتليها انتخابات نادي الحرية، الثلاثاء ستجري انتخابات نادي الفتوة في دير الزور، والأربعاء انتخابات نادي الشعلة في درعا وهكذا دواليك وسيكون نادي بردى آخر الأندية حيث ستقام انتخابات إدارته في السادس عشر من شهر تموز.
المكتب التنفيذي وضع آليات محددة للانتخابات وشروط من يحق له التصويت ومن يحق له الترشح لمنصب رئيس النادي أو لعضوية مجالس الإدارات.
الأندية اليوم أمانة برقبة الجمعية العمومية لتنتخب الأفضل والأصلح لقيادة النادي وخصوصاً أن المرشحين باتوا معروفين ومكشوفين، والأمل أن تحظى الإدارات المنتخبة على دعم كامل من كل أبناء النادي لتمارس عملها بكل أريحية، لذلك المطلوب أن تتوحد الكلمة والمواقف والآراء في خدمة النادي لرفعة اسمه، أيضاً من المفترض أن تفتح الإدارات الجديدة صدرها لكل أبناء النادي وأن تختار الأفضل والأكثر خبرة في لجانها ومطارح عملها وأن تعتمد على الخبرات الإدارية والفنية في فرقها من المشهود لهم بالتألق والنجاح والإخلاص، فكلما كانت خطوات العمل سليمة، اقتربت الأندية من تحقيق المطلوب والهدف المنشود.
أخطاء الماضي
عندما تدخل دورة انتخابية جديدة مدتها خمس سنوات، فهي مدة كافية لوضع منهج عمل وإستراتيجية كاملة لهذه السنوات غايتها الارتقاء بالعمل الرياضي والنهوض به.
وقبل كل شيء يجب إعداد دراسة كاملة عن الدورة التي انتهت، على مبدأ أين أخطأ النادي وأين أصاب.
من الخطأ بمكان أن تعمل الإدارات الجديدة و فق أهوائها من دون النظر إلى ما قدمه مَن سبقها، فليس من الضروري أن تكون أعمال الإدارات السابقة غير مقبولة، ليبدأ الجدد من الصفر، وهذه النقطة هي التي توقع رياضتنا في العجز، لأن كل إدارة جديدة لا تحترم قرارات ومشاريع من سبقها، وتنسف كل أعمالهم.
لذلك من المفترض أن تعمل الإدارات على معالجة أخطاء المرحلة السابقة، وتعزيز وتنمية الحالات الإيجابية، فلابد من الاستمرار وعدم الوقوف.
كل ناد له خصوصية، وكل ناد يملك إمكانيات معينة واستثمارات ومشاريع عديدة وكثيرة، لذلك فإن التوجه في المرحلة القادمة سينطلق وفق الإمكانيات لا وفق الأحلام.
المشكلة الرئيسية التي تعترض أنديتنا وكانت سبباً في دخولها مرحلة الإفلاس والعجز هي الاستثمارات، وللأسف نجد في هذا الجانب شيئين اثنين، أولهما: إن كل استثمارات أنديتنا خاسرة، وثانيها: إن الخلافات مع المستثمرين مستمرة وبعضها دخل المحاكم، والقضايا الاستثمارية مهمة لأنها الخزان الرئيسي الذي يمد النادي بالمال، وهنا لن نخوض في تفاصيل هذه الاستثمارات حتى لا نقع في الشبهات وتدخل في المحظورات، لكن مهمة الإدارات الجدية أن تعمل على إصلاح ما يمكن إصلاحه في هذا الإطار لأن الاستثمار هو نبع الحياة، ويجب أن يجري نهر الذهب هذا في مجراه الطبيعي.
نحن هنا نقصد الأندية التي لديها منشآت واستثمارات وللأسف فإن بعضها يعيش في الظل ولا نجد أن الرياضة استفادت بشيء من هذه المنشآت والاستثمارات ونخص بالذكر أندية المجد والنضال وقاسيون أما بردى فقد اختص بسلة الإناث وهو يرعى بعض ألعاب القوة.
من هنا نجد أن تصويب العمل في الأندية يأتي من بابين اثنين، أولهما: تخصيص الأندية بألعاب قليلة تكون قادرة على رعايتها وتطويرها، فعندما نسأل هذه الأندية الغارقة في الدرجات الدنيا بالألعاب الرياضية، يفيدونك بأن ميزانيتهم غير قادرة على تبني هذه الألعاب وهي تضم فئات عديدة، وهذا جواب منطقي ومحق، لذلك لابد من التوجه إلى تخصيص الأندية ببعض الألعاب لا أغلبها، فنادي بردى على سبيل المثال يرعى أكثر من أحد عشر نوعاً من الرياضة وهذا الأمر يثقل كاهل النادي ومثله أندية المجد وقاسيون والنضال، ولأن الشيء بالشيء يذكر فإن العودة إلى الأندية التخصصية بات حلاً ناجعاً للتخفيف عن الأندية الكبيرة (صاحبة المنشآت) ولرفع مستوى هذه الألعاب، وهنا نقول: ما يمنع وجود أندية مختصة بالمصارعة وغيرها بالملاكمة وأخرى بالجودو، عندما كنا سابقاً نعتمد هذه الأندية التخصصية كنا رواد ألعاب القوة بين العرب على الأقل وخرّجت هذه الأندية أبطالاً بصموا في كل البطولات الدولية والآسيوية.
مع التنبيه إلى أن البيوتات الرياضية من المستحيل أن تفرز لنا بطلاً لأن هدفها الأول والأخير هو المال.
ثانيهما: وهو مهمة الاتحاد الرياضي العام بتأمين مطارح استثمارية للأندية المهمة التي تفتقد إلى المنشآت والاستثمارات كأندية تشرين وحطين وجبلة وغيرها وذلك بالتعاون مع الوزارات والمحافظين، فليس معقولاً أن يكون ناد بحجم تشرين لا يملك استثمارات ومنشآت توازي حجمه وإنجازاته وتاريخه، الجدية في العمل تذلل الصعاب ولابد من البحث عن مخارج مرضية وصولاً إلى حلول جذرية تنتعش من خلالها الأندية فتعمل على النهوض برياضتها وألعابها.
الشركات الراعية
إذا بحثنا في الشروط الآسيوية لمنح الأندية التراخيص الرسمية نجد أن من ضمنها وجود شركة راعية، ونحن نجد أن أنديتنا مقصرة في هذا الاتجاه لأنها غير اختصاصية بهذا الموضوع، فالدعاية والرعاية والتسويق بات اختصاصياً، ويمكن لإدارات الأندية البحث عن شركات اختصاصية بنسبة فائدة معقولة لجلب الرعاة إلى الأندية، مع العلم أننا نملك الكثير من الشركات الرابحة سواء في القطاع العام أو القطاع الخاص، ويمكن لهذه الشركات أن تدخل عالم الترويج عبر الأندية، وللأسف نحن متأخرون جداً في هذه الخطوة، ونأمل من إدارات الأندية الجديدة أن تضع بعين الاعتبار موضوع الترويج والتسويق والدعاية في طليعة اهتمامها، وهذا أحد الحلول الذي يدعم ميزانية النادي.
من ناحية الحلول فإننا نرى التقصير الكامل من إدارات المرحلة السابقة في البحث عن الريوع والمداخيل، هناك الكثير من المشاريع التي يمكن طرحها ولكنها تحتاج إلى تحرك من هذه الإدارات وإلى سعي، وكما أن كل أنديتنا تقيم سنوياً المدارس الصيفية لأنها رابحة مالياً، فعليها أن تبحث عن مشاريع أخرى تدر عليها الأرباح بشكل دائم، ومنها رعاية البرامج الإذاعية والتلفزيونية، والتعاون مع شركات الاتصالات على برنامج معين أو مسابقة ما، ومنها العمل في المنتجات الرياضية والخدمية من خلال استثمار شعار النادي، كل هذه المشروعات إن تحققت أو تحقق بعضها فإنها ستكون رافداً مالياً مهماً للأندية، المهم التحرك والسعي الجاد نحو الحلول المجدية لدرء العجز والإفلاس عن أنديتنا.
الجمعية العمومية
الجمعية العمومية للأندية هي من تنتخب الإدارات، وقد صدرت التعليمات الانتخابية لمن يحق له التصويت والترشح للانتخابات، ومن هذه الشروط أن يكون العضو منتسباً إلى النادي برقم اتحادي وأن يدفع الرسوم السنوية المقررة، وهي في أغلبها رسوم بسيطة وزهيدة، لكن مع الأسف لا نجد في المؤتمرات السنوية أو المؤتمرات الانتخابية إلا عشرات الأعضاء وأغلبهم من كوادر النادي وموظفيه ولاعبيه، بينما جمهور النادي ومحبوه فهم خارج هذه الحسابات لأسباب شتى، أهمها تقصير الإدارات في استقطاب جمهوره والاستفادة منه ليكون فاعلاً وداعماً.
وللأسف فإن الفائدة من الجمهور هي فائدة معنوية وهي بالقول فقط، فتقول الوحدة يملك كذا ألفاً على المدرجات وتشرين وجبلة وأهلي حلب والكرامة وحطين إلى آخر القائمة.
الملاحظ أن الجمهور في الكثير من الأحيان يشكل عبئاً على النادي من خلال العقوبات التي تنهال على الأندية جراء الشغب وما شابه، وهذه حقيقة يدركها الجميع، وتدرك الأندية معاناتها لأنها تدفع الضريبة باهظة الثمن لوحدها.
لو عكسنا الصورة، وكانت هذه الجماهير منتسبة لناديها وتدفع اشتراكات سنوية، لكانت النتيجة مغايرة تماماً، هذه الفكرة نصدّرها إلى الإدارات الجديدة التي يمكن استثمارها بشكل حضاري مع وجود حوافز للجمهور المنتسب إلى النادي، ويمكن وضع درجات للمنتسبين تكون هذه الدرجات قادرة على استيعاب كل فئات النادي الفني والفقير، الأستاذ والطالب، قد يكون تنفيذها صعباً في البداية، لكنه مع الوقت سيكون متاحاً وشاملاً ومفيداً.
إدارات كروية
في الانتخابات القادمة المفترض أن يعي أصحاب الأصوات أن النادي هو مجموعة من ألعاب رياضية وليس كرة قدم فقط، لذلك فإن التركيز بالانتخابات على أهل كرة القدم وحدهم يعني أننا قضينا على بقية الألعاب، كما يحدث اليوم مع بعض الأندية، حيث صبت كل اهتمامها على كرة القدم وتناست بقية الألعاب مثل أندية تشرين وحطين وجبلة والساحل والفتوة وغيرها، ولنا في نادي الفتوة خير مثال، عندما اهتمت إدارته بفريق رجال كرة القدم فقط، فتعاقدت مع فريق كامل، صحيح أنها نالت الدوري، لكنها لم تصنع كرة قدم للنادي، نسأل هنا: هل فريق رجال كرة قدم مستورد يعتبر إنجازاً؟ فريق شباب النادي في الدرجة الأولى، والفريق الأولمبي غير منافس ومتأخر في مجموعته، مقر النادي ومنشآته في خبر كان، وبقية الألعاب مهملة وهي طي النسيان، فهل قدمت إدارة الفتوة الفائدة للنادي؟
هذا مثال، والكلام نفسه ينطبق على فريق الساحل الذي وجه بوصلة اهتمامه إلى كرة القدم فهبط في الرجال والشباب إلى الدرجة الأولى وعجز عن المتابعة في الدوري الأولمبي.
لذلك فإن أمنياتنا أن تكون المرحلة القادمة مرحلة بناء وتطوير ونهوض، الفكر الاحترافي الذي تمارسه إدارات الأندية هو فكر خاطئ لم نجن منه غير الإنفاق من دون أي طائل أو أدنى فائدة.
لذلك من المفترض أن تكون هناك ضوابط للاحتراف لكي يحقق أهدافه المرسومة له ويعود بالفائدة على أنديتنا أولاً وعلى كرتنا ثانياً.
سيرياهوم نيوز1-الوطن