بعد عجز المعنيين عن التقدم خطوة نحو الأمام ووقوفهم مكتوفي الأيدي لجهة توفير مازوت التدفئة أو زيادة ساعات التغذية الكهربائية يجد المواطن نفسه في رحلة البحث عن الدفء أمام خيارين أحلاهما مر، إما شراء المازوت الصناعي عبر تقنية “الواسطة” (وهذا الخيار طبعاً حكر على ميسوري الحال) أو البحث عن بدائل أخرى للتدفئة مثل الحطب وتفل الزيتون وقشر اللوز كوسيلة تقيه برد الشتاء.
إلا أن استمرار أزمة المحروقات وارتفاع أسعارها بين الحين والآخر (في حال توفرت) وتأرجح التغذية الكهربائية وإصابتها بالخلل مع أول قطرة مطر عند تشغيل المدفئ الكهربائية.
كل ما سبق رجّح كفة التأقلم مع الوضع والبحث عن البدائل لجهة الاستغناء عن المدفئ التقليدية واستبدالها بمدافئ وقودها تفل الزيتون و قشر اللوز وإلا كان البرد والمرض حليفاً له مع تكبّد خسائر مادية في عيادات الأطباء والصيادلة.
بديل اقتصادي
تفل الزيتون أو ما يسمى “البيرين” أصبح الوقود المفضل لذوي الدخل المحدود بعد تحليق أسعار الحطب وذلك لتوفره وسعره المناسب، بالرغم من اختلاف الآراء حول آثاره السلبية على البيئة.
الأمر الذي استغلّه أصحاب المعاصر للتحكّم بأسعاره وبيعه بشكل عشوائي كونه لا يخضع لأي تسعيرة نظامية من مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك ومديرية الزراعة.
آمن بيئياً
مهتمون بالشأن البيئي أكدوا أن استخدام “البيرين” آمن وليس له أي أضرار صحية ناهيك عن كونه اقتصادياً فإن قطعتين من تفل الزيتون تولّد حرارة توازي ما يتم توليده من لتر واحد من المازوت.. معتبرين أنه بات من الضروري تشكيل لجنة خاصة تضع الشروط والضوابط لإيجاد تسعيرة موحدة تلتزم بها جميع المعاصر.
مماطلة في الرد على الصحيفة..
صحيفة الثورة تواصلت مع مديرية السلامة البيئية في وزارة الإدارة المحلية لمعرفة رأيها في الموضوع، وإن كان لاحتراق “البيرين” أي ضرر بيئي أو صحي ليأتي الرد على الشكل الآتي “سنتشاور في الأمر” رافضين التعليق على الموضوع إلا بعد تقديم كتاب رسمي عبر المكتب الإعلامي للوزارة.
جبال الساحل.. صفر أشجار..
أما في الساحل السوري المائل للتصحر في المستقبل القريب مازالت الغابات تتعرض للتعدي بشكل يومي ويُحكَم عليها بالنهاية بهدف التجارة والتفحيم على مرآى الجميع وبمعرفة الجهات المحلية من عناصر الحراج والمخاتير ومجالس البلدية بعد أن وضع التجار بورصة حقيقية للحطب تبدأ بمليوني ليرة للطن الواحد وتنتهي ب ٣-٤ ملايين وذلك بحسب ما تحدث به أهالي ريف اللاذقية لـ “الثورة”.
إجراءات روتينية..
عدة أسئلة توجهنا بها إلى “وزارة الزراعة” المختصة بالحفاظ على ما بقي من ثروة حراجية والتي أكدت لـصحيفة الثورة على لسان مدير الحراج فيها الدكتور علي ثابت، أن إجراءات هذا العام لا تختلف كثيراً عن الأعوام الماضية باستثناء تعديل بعض المواد الموجودة بالتعليمات التنفيذية التي تخص منع نقل الأحطاب بين المحافظات بهدف ضبط العملية الحراجية وعمليات التهريب من وإلى الدول المجاورة.
بالإضافة إلى صدور القانون رقم ٢٦ لعام ٢٠٢٤ الذي أعطى عناصر الضابطة ميزات وحقوق تساعدهم في عملهم.
ولم يخف ثابت وجود عمليات تهريب للأخشاب في الاتجاهين من وإلى البلد عبر سيارات ودراجات نارية تم مصادرة العديد منها وحجزها في المديرية.
١٥٠٠ ضبط حراجي..
وحول عدد الضبوط التي تم تنظيمها وكيفية التعامل معها تحدث ثابت عن وجود ضابطة حراجية تحوّل الضبط إلى المحكمة وعن طريق ممثل الدعاوى الحراجية في وزارة العدل يتم استدعاء المخالفين وإحالتهم إلى القضاء المختص أصولاً لفرض العقوبات الرادعة بحقهم في ضوء القوانين والأنظمة النافذة.
ووفقاً لمدير الحراج تم تنظيم ١٥٠٠ ضبط حراجي هذا العام مع عقوبات مالية وسجن بينما وصل عددها العام الماضي إلى ٢٥٠٠ ضبط.
مُسكّن تمويني..
في سياق متصل أصدرت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك مؤخراً قراراً يفيد برفع أسعار المحروقات، ما أثار جدلاً حول توقيته مع بدء فصل الشتاء بحيث ارتفع سعر لتر المازوت الحر إلى ١١،٥٠٠ ليرة ما يعني خروج مازوت التدفئة بشكل نهائي من حسابات المواطن إلا مَن استطاع إليه سبيلاً.
في حين تكتفي مديرية حماية المستهلك بضبوطها “الشكلية” عبر وسائل الإعلام لقلة قليلة من تجار صغار في السوق السوداء لبيع المحروقات في حين لم تعد الضبوط والإجراءات المتّخذة بحق المخالفين رادعة لهم.
خلاصة الحديث.. يُمكن القول: إن المواطن السوري حُكم عليه بالتأقلم مع واقعه المرير والتعايش مع ظروفه القاسية وسط غياب أي حلول إسعافية تلوح في الأفق كفيلة بتحسين الوضع الاقتصادي.
سيرياهوم نيوز 2_الثورة