مع تزايد الضغوط النفسية على الطلاب والأهل في فترة الامتحانات… اختصاصية تضع استراتيجيات للمواجهة وتضمن النجاح

تشكل الامتحانات محطة مهمة في حياة الطلاب، لكنها قد تكون أيضاً مصدراً كبيراً للتوتر والقلق. مع بداية موسم الاختبارات، يواجه العديد من الأبناء ضغوطاً نفسية قد تؤثر في أدائهم الأكاديمي وصحتهم النفسية. لذلك، من الضروري أن يلعب الآباء والمربّون دوراً داعماً في تخفيف هذه الضغوط وتوفير بيئة نفسية محفزة تساعد الأبناء على تحقيق أفضل النتائج.
الاختصاصية النفسية والتربويّة الأستاذة إيمان فتح الله قالت في تصريح لصحيفة “الحرية”: نشهد في كل سنة عند اقتراب فترة الامتحانات في المدارس بمراحلها المختلفة، وكذلك أثناءها، الكثير من القلق، سواء لدى الأم أو الأب، أو الاثنين معاً، إضافة إلى الطلاب أنفسهم، وهو قلق لا مبرر له؛ لأنه قد يزيد من التوتر بصورة عامة، ويؤثر تأثيراً سلبيّاً على تركيز الطلاب.
مضيفةً: للأسرة دور كبير في دعم وتشجيع الأبناء خلال فترة الامتحانات، وتوفير الراحة والأمان والبيئة المناسبة للدراسة خلال هذه الفترة؛ وتعتبر فترة الامتحانات هي “الفترة الأصعب “، طوال العام الدراسي وهذا الأمر يصيب أولياء الأمور بالتوتر، ويتنقل هذا التوتر للأبناء لتصبح هذه الفترة عصيبة على الجميع.

التدرج في التهيئة

مما سبق فإن دور الأسرة الإيجابي يبدأ من خلال التدرج في التهيئة، والتقليل من مظاهر الخوف والقلق، زرع الثقة، التحفيز، تنظيم الوقت وتوفير المتطلبات من جميع النواحي، مشيرة إلى أن أفضل الطرق لتحفيز الطلاب من دون ممارسة ضغط زائد عليهم من خلال تكوين اتجاهات إيجابية نحو الذات وتدعيم الثقة بالنفس وعدم ترديد عبارات الفشل، أخذ وقت من الراحة عند الإجهاد، وعلى الأسرة توفير جو عائلي يتسم بالاستقرار وعدم إبداء مظاهر الخوف والقلق أمام الأبناء مع التعامل مع قدراتهم بموضوعية وعدم فرض طموحات الآباء على مستقبل الأبناء، الامتناع عن مقارنة الأبناء بالآخرين من دون مراعاة الفروق.
وأكدت فتح الله على دور الأسرة في تهيئة الجو المناسب والبيئة المناسبة، حيث نصحت بجعل مكان معين للمذاكرة، يكون خالياً من كل شيء يشتت الانتباه والابتعاد عن مشاهدة التلفاز والألعاب الإلكترونية التي قد تؤثّر فيهم سلباً، وحثهم أيضاً على تنظيم الوقت وجعل وقت للراحة ووقت للاستذكار واختيار مكان مناسب خالٍ من الضوضاء التي من شأنها أن تؤثر في نفسية الطلاب، وأيضاً قبل كل شيء التوكل على الله في كل الأمور، والابتعاد عن المنبهات والوجبات السريعة، مع ضرورة تناول العصائر الطبيعية والفواكه التي من شأنها تهدئة القلق والتوتر وزيادة التركيز، وأيضاً النوم مبكراً والابتعاد عن السهر.

زرع الثقة

ونصحت فتح الله الأسرة بزرع الثقة في الأبناء، وأنهم قادرون على النجاح والدعاء لهم بالخير والصلاح والتوفيق، والابتعاد عن المقارنات بين الأبناء وتجنب طرح المشاكل الأسرية في هذه الأثناء وكل ما قد يسبب توتراً أو قلقاً للأبناء.
كما يجب تعلم كيفية تنظيم الوقت للدراسة، فهي مهارة مهمة يجب على الطلاب إتقانها، لكن العديد من الطلاب يجدون صعوبة في إيجاد الوقت لإكمال جميع مهامهم، ما يؤدي إلى شعور بالتوتر والإحباط.

استراتيجيات

وبرأي فتح الله فهناك استراتيجيات لإدارة وقت للطلاب من جميع الأعمار لمساعدة الطلاب وأولياء الأمور على تخطي الضغوطات التي تسبق أيام الامتحان، أهمها: إنشاء جدول رئيسي، يمكن الطالب من استخدامه لمعرفة التوقيت المخصص للدراسة.
كذلك استخدم مُفكرة، لتسجيل الأوقات وتنظيم المهام الدراسية، لضمان الالتزام بأوقات والمواعيد المخصصة للدراسة والمراجعة.
ولا بد من التخلص من وسائل التشتيت، كالهواتف المحمولة ووسائل التواصل الاجتماعي والأصدقاء، إذ هناك الكثير من الأنشطة التي تصرف انتباه الطلاب عن عملهم المدرسي، يجب الانتباه لها.

عدة تأثيرات

أما عن نتائج القلق من الامتحان بين الطلاب، تشير فتح الله إلى وجود تؤدي إلى تأثيرات نفسية، وجسدية، وأكاديمية، حيث يشكل القلق النفسي الناتج عن الامتحانات أحد أبرز النتائج المباشرة؛ فيشعر الطالب بزيادة ملحوظة في مشاعر التوتر والقلق، والتي تخفض مستوى الثقة بالنفس، هذه الحالة النفسية قد تجعل الطالب يشعر بالعجز وعدم القدرة على السيطرة، مما يزيد من القلق في بعض الحالات، بشكل يؤدي إلى حالات اكتئاب أو اضطرابات نفسية أخرى إذا لم تعالج لدى الطالب.
وهناك التأثيرات الجسدية التي تترجم المشاعر النفسية إلى أعراض جسدية ملموسة، إذ يعاني العديد من الطلاب من أعراض جسدية مرتبطة بالقلق مثل الصداع، وآلام المعدة، والتعرق الزائد، وزيادة معدل ضربات القلب… هذه الأعراض الجسدية لا تؤثر فقط في قدرة الطالب على الأداء في الامتحان، بل تؤدي أيضاً إلى اضطرابات في النوم.
كذلك توجد التأثيرات الأكاديمية، فيكون لقلق الامتحان تأثير سلبي كبير على أداء الطالب، فيعاني الطلاب من صعوبة في التركيز والتذكر، ما يؤدي إلى تراجع الأداء الأكاديمي، وأيضاً القلق يؤثر في التحصيل الدراسي، حيث يجد الطالب صعوبة في استيعاب المعلومات وتطبيقها أثناء الامتحانات، وفي بعض الحالات، قد يلجأ الطالب إلى تجنب الامتحانات أو تأجيلها، ما يؤثر على مسيرته الأكاديمية بشكل عام.

أساليب ناجحة

وتؤكد فتح الله على بعض الأساليب الناجحة الموجهة للطالب في مواجهة مشاعر الإحباط والفشل، كالثقة والتوكل على الله، الاهتمام بتناول الوجبة الغذائية المتكاملة، تخصيص فترات للراحة وممارسة الهوايات فإن ذلك يحفز الذاكرة، النوم المبكر ليلة الامتحان، والحرص على الصلاة فهي سبب للاستقرار النفسي والصفاء الذهني، وفي حال الشعور بالنسيان ومحو للمادة الدراسية، فيجب أخذ العلم بأن ذلك مؤقت لا يؤثر في الأداء بالامتحانات، ويجب تجنب النقاش مع الزملاء في المادة قبل الامتحان، وعدم الذهاب مبكراً إلى مكان الامتحان ولا التأخر لأن ذلك يزيد من التوتر، وخلال الامتحان يجب قراءة ورقة الأسئلة بدقة عدم التعجل في الإجابات.
وفي النهاية هذا الموضوع، يختتم فتح الله: من المهم أن ندرك أن فترة الامتحانات ليست مجرد اختبار للمعرفة الأكاديمية، بل هي أيضاً مرحلة تتطلب توازناً نفسياً ودعماً عاطفياً من الأهل. فالتوتر والضغط أمران طبيعيان، لكن التعامل معهما بطريقة صحيحة يمكن أن يساعد الطلاب على تحقيق أفضل أداء ممكن دون المساس بصحتهم النفسية. ودور الأهل لا يقتصر على تقديم النصائح والمساعدات الدراسية، بل يشمل أيضاً توفير بيئة إيجابية، مليئة بالتحفيز والثقة بالنفس.

إذا استطعنا تحويل الامتحانات إلى فرصة لتطوير مهارات التنظيم، إدارة التوتر، وتعزيز الثقة بالنفس، فإننا لا نساعد أبناءنا في النجاح الأكاديمي فحسب، بل نمكّنهم أيضاً من مواجهة تحديات الحياة بثبات وقوة.. والنجاح لا يُقاس فقط بالدرجات، بل أيضًا بالقدرة على تجاوز التحديات والاستفادة منها كنقطة انطلاق نحو مستقبل أكثر إشراقاً.