في خطوة لافتة تتجاوز البعد المالي، حملت العملة السورية الجديدة رسائل رمزية عميقة، إذ لم تدرج صورها اعتباطا، بل اختيرت بعناية لتعكس الهوية الوطنية والثقافية والاقتصادية.
وقال الرئيس السوري أحمد الشرع، خلال إعلان رسمي أمس الاثنين، إن العملة الجديدة تمثل خطوة محورية ضمن إستراتيجية اقتصادية وطنية تهدف إلى تعزيز الاستقرار النقدي، وترسيخ الثقة بالاقتصاد السوري، ودعم مسار التعافي الاقتصادي المستدام.
اقرأ أيضا
list of 2 items
end of list
وأوضح الشرع أن التصميم الجديد يعكس هوية وطنية جامعة، ترتكز على الرمزية المرتبطة بالطبيعة والجغرافيا السورية، مع الابتعاد عن تقديس الأشخاص، معتبرا أن العملة الجديدة تمثل بداية مرحلة جديدة من الثقة والنمو الاقتصادي، شريطة الالتزام بثقافة مالية مسؤولة خلال فترة الاستبدال ومنع أي ممارسات مضاربية قد تضر بالسوق المحلي.
جدل واسع
وأثارت تصاميم العملة السورية الجديدة جدلا واسعا على منصات التواصل الاجتماعي، حيث انقسمت الآراء بين مؤيدين يرون فيها رمزا للوحدة والانتماء، ومعارضين انتقدوا اقتصار الرموز على النباتات والفواكه.
ورأى المؤيدون أن العملة تمثل رمزا للوحدة والانتماء، وتعيد ربط النقد بالحياة اليومية، من دمشق إلى الحقول الزراعية مرورا بالمحاصيل الإستراتيجية.
في المقابل، عبر آخرون عن استيائهم من اقتصار الرموز على النباتات والفواكه، متسائلين عن غياب المعالم التاريخية والحضارية التي تعكس تاريخ سوريا وثقافتها.
وقال مغردون: “أين المعالم التاريخية؟”، مشيرين إلى أن البلاد تزخر بالآثار والمعالم التي يمكن أن تمثل رموز الثورة والحضارة والتاريخ الاقتصادي والاجتماعي.
ورأى فريق آخر أن إدراج أي معلم قد يثير مقارنات واعتراضات حول تفضيل منطقة على أخرى، مثل نواعير حماة مقابل ساعة حمص، أو الجامع الأموي مقابل الجامع العمري، مما قد يولد جدلا إضافيا في فترة حساسة.
وفسر مدونون اتجاه المصرف المركزي إلى اعتماد رموز جامعة تمثل خيرات البلاد بشكل شامل، ومرتبطة بالزراعة والطبيعة، باعتبارها خيارا أقل حساسية وأكثر شمولا لجميع السوريين.
رموز الأرض والهوية الوطنية
يرى مؤيدون أن العملة الجديدة ليست مجرد وسيلة تداول، بل رمز سيادي مستمد من الأرض، يحمل دلالات الانتماء والجذور والهوية الوطنية، ويجسد وحدة السوريين وتمسكهم بأرضهم ومستقبلهم.
وأكدوا أن سوريا ليست مجرد زراعة، بل حضارة تمتد لأكثر من 10 آلاف سنة قبل الميلاد، وهي من أقدم حضارات العالم، وبلد كان مركزا للصناعة والتجارة والفكر قبل أن تعرف كثير من الدول معنى الدولة.
ونوه نشطاء إلى بروز النجمة الثمانية في وسط العملة، والمعروفة بالنجمة السلجوقية، والتي ترمز إلى الدولة الإسلامية التي أسقطت الحكم الفاطمي الشيعي عن دمشق وكسرت تمدده في بلاد الشام.
ولفت بعض المغردين إلى أن العملة الجديدة تعكس مرحلة جديدة بعيدا عن تقديس الأشخاص، حيث تعتبر إطلاق العملة خطوة نحو منح السوريين إحساسا بالحرية والكرامة، في مرحلة خالية من رموز العنف والقتل، ومؤشرا على بعد وطني جامع يعكس سوريا القوية التي ينشدها الجميع.
دلالات الرموز على فئات العملة
ووفق وسائل إعلام سورية، اختيرت الرموز على العملة السورية الجديدة بعناية لتكون سهلة الحفظ ومرتبطة بالهوية الوطنية، وتعكس خيرات البلاد وتاريخها.
الوردة الشامية/ 10: ترمز إلى دمشق، أقدم عاصمة مأهولة في العالم، وتعكس الجمال والتراث والهوية السورية الأصيلة.
التوت/ 25: يرمز إلى شجرة التوت المرتبطة تاريخيا بتربية دودة القز وصناعة الحرير، في إشارة إلى الحِرف التقليدية والعمل اليدوي.
البرتقال/ 50: يمثل الساحل السوري وخصوبة الأرض والزراعة، وخاصة الحمضيات التي تشتهر بها البلاد.
القطن/ 100: يرمز إلى القطن السوري، أحد أهم المحاصيل الإستراتيجية، ودلالة على الصناعة والزراعة معا.
زيتون/ 200: رمز السلام والصمود والبركة، ومرتبط بتاريخ السوريين منذ آلاف السنين.
القمح/ 500: يمثل أساس الأمن الغذائي والسيادة الاقتصادية، ودلالة على العطاء والاستقرار.
وأجمع عدد من المدونين على أن هذه الرموز تربط النقد بالهوية السورية، بالأرض والزراعة والإنتاج، مع تسهيل الحفظ على الناس من خلال صور مألوفة من حياتهم اليومية، مما يجعل العملة الجديدة تجمع بين البعد الاقتصادي والبعد الرمزي الوطني.
وأختتم مدونون بالقول إن العملة الجديدة ليست مجرد وسيلة للتداول، بل أداة لتعزيز الانتماء الوطني وإبراز تاريخ البلاد وغناها الثقافي والزراعي، موكدين أن مثل هذه الرموز تساعد على بناء علاقة عاطفية بين المواطنين والنقد، وتعكس صورة سوريا التي يسعى الجميع للحفاظ عليها وتعزيز استقرارها الاقتصادي والاجتماعي.
اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الجزيرة
syriahomenews أخبار سورية الوطن
