الدكتور خيام الزعبي
تتجه أنظار دول العالم اليوم نحو موسكو خاصة في ظل ما يتردد حول وجود مبادرة روسية لإحتواء الأزمة السورية، والمواطن السوري يراقب عن كثب هذه التطورات نظراً لأهميتها في مستقبل سورية والمنطقة، إذ أخذت تلوح في الأفق مؤشرات رافقتها تحركات ديبلوماسية سورية تركية روسية مكثفة لإيجاد حل للأزمة، وسط حديث عن مبادرات عديدة مطروحة من قبل العديد من الدول الكبرى إستعداداً للتوصل لحل سلمي للأزمة السورية، هذا مما يشير الى أن النزاع في سورية على مشارف نقطة تحول كبيرة.
أخيراً، لأول مرة منذ بداية الأزمة السورية عام 2011م اجتمع وزراء الدفاع ورؤساء الاجهزة الامنية السورية والتركية والروسية، وإتفقوا على ضرورة التوصل لحل للأزمة السورية وعودة اللاجئين ومحاربة المتطرفين ودعوا إلى تهيئة بيئة مواتية لتحقيق مفاوضات سياسية موضوعية وبناء الثقة من جديد، وفي إطار ذلك يعتبر هذا الإجتماع محاولة لبدء مرحلة جديدة في العلاقات السورية التركية.
في هذا الإطار بدأ الأتراك الآن يعترفون بالحقيقة التي كانوا يقرون بها في أحاديثهم الخاصة، وهي أن الخطر الأساسي على المنطقة، وعلى مصالح أنقرة، هو تمدد الإرهابيين من خلال زيادة حركات التطرف الإسلامي وفي مقدمتها “داعش” والمجموعات المتطرفة الأخرى والتي باتت تؤرق أمن العالم أجمع، لذلك فإن الإدارة التركية ولأول مرة تبدي قدراً من التفاؤل بحل سياسي في سورية، ومن البوابة الروسية، و الرئيس التركي أردوغان قال صراحة إن الإتصالات الروسية حول سورية بارقة أمل لحلحلة هذه الأزمة التي إستمرت منذ سنوات عديدة.
في سياق متصل أصبحت أنقرة، على قناعة بأن قطار التسويات يقترب من كل المحطات، ولا بد أن تكون تركيا حاضرة في المحطة السورية، لذلك بدأت البحث عن مخرج من الوضع الصعب التي وجدت نفسها فيه خلال السنوات الأخيرة، ولم يبقى أمام أردوغان لإنقاذ ما يمكن إنقاذه إلا أن يتراجع في سياساته الداعمة للإرهاب وأدواته، والإنخراط في التسويات والترتيبات الإقليمية والدولية التي تهدف لمواجهة الإرهاب من خلال وقف الدعم اللامحدود الذي تقدمه للتنظيمات المسلحة و وقف تدخلها في الشؤون الداخلية السورية.
إن الإستدارة التركية الجديدة نحو سورية، تحمل في طياتها مشروع تحالف جديد يقتصر على القوى الإقليمية الكبرى “إيران وروسيا وتركيا” لإدارة شؤون المنطقة وضمان أمنهما الإقليمي، هذا سيؤدي الى قلب الطاولة على أعداء سورية، فالقراءات السياسية تقول أن اردوغان يتخبط ويغرق في المستنقع السوري، وان إقترابه من المعسكر الإيراني السوري الروسي، سيؤدي الى حل مشاكل كثيرة في بلاده، كما ان تركيا مقبلة بشكل أساسي على تغيرات حاسمة وعميقة تجاه الأزمة السورية.
مجملاً…..لا يمكن لأحد في العالم أن ينكر الدور الرئيسي الذي لعبته تركيا سياسياً وإستخباراتياً بالحرب على سورية ولكن الآن وبعد ان فشل المخطط الرئيسي لتركيا وحلفاؤها في إضعاف سورية وبعد الانتصارات التي يحققها الجيش السوري في الميدان، نتساءل: هل تعتذر أنقرة للرئيس الأسد وتعلن عودة علاقاتهما قريبا؟ وهل تجمد تركيا دعمها ومساندتها للجماعات المسلحة في سورية؟ والإجابة على هذا السؤال ستظهره الأيام والأسابيع القادمة التي ستوضح مدى فاعلية هذه التحركات، وتأثيرها على إحتمالات التقارب أو التصعيد ومع هذا الإنفراج المرتقب، ستشهد المنطقة إنفراجات متعدّدة في بعض الملفات الاقليمية والدولية.
سيرياهوم نيوز 4-راي اليوم