استؤنفت محادثات الأمم المتحدة للحفاظ على الطبيعة في روما الثلاثاء بدعوة إلى الاتحاد من أجل “استدامة الحياة على الكوكب” والتغلب على الخلاف المالي بين بلدان الشمال والجنوب الذي تسبب في انهيار محادثات سابقة قبل أشهر في كولومبيا.
وقالت الوزيرة الكولومبية سوزانا محمد التي ترأس المؤتمر السادس عشر (كوب16) لاتفاقية التنوع البيولوجي، إن البلدان تحمل بين أيديها “أهمّ مهمة للإنسانية في القرن الحادي والعشرين، أي قدرتنا على دعم الحياة على هذا الكوكب”.
ويشارك نحو 300 ممثل من 154 دولة من أصل 196 بلدا موقّعا على اتفاقية التنوع البيولوجي، في المؤتمر المقام في القاعة الكبرى بمقر منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو) في العاصمة الإيطالية.
ويهدف اجتماعهم الذي يستمر ثلاثة أيام إلى حل خلاف دفعهم، في الثاني من تشرين الثاني/نوفمبر في كالي، إلى مقاطعة مؤتمر المناخ بشكل مفاجئ مفاوضات إضافية امتدت طوال الليل.
ويرافق هذا الهدف الذي حُدد في عام 2022 في اتفاق كونمينغ-مونتريال، خريطة طريق تتضمن 23 هدفا يتعين تحقيقها خلال العقد، وتهدف كلها إلى حماية الكوكب وكائناته الحية من إزالة الغابات، والاستغلال المفرط للموارد، وتغير المناخ، والتلوث، والأنواع الغازية.
وأشارت سوزانا محمد إلى أن هذا البرنامج “قادر على توحيد العالم”، “وهو ليس بالأمر السهل في مشهد جيوسياسي شديد الاستقطاب والتجزئة والانقسام والصراع”.
وتبعت ذلك ثلاث ساعات من الخطابات من جانب بلدان اتخذت المواقف نفسها تقريبا كما في مؤتمر كالي، ولكن مع وجود خلافات، بين البلدان الغنية التي لا تزال مناوئة لطرح إنشاء صندوق جديد، والعالم النامي الذي يطالب باحترام التزاماته.
وتلتزم الدول المتقدمة بتوفير 20 مليار دولار كمساعدات سنوية للطبيعة حتى العام 2025، ثم 30 مليار حتى العام 2030، لكنها لم تصل إلا إلى نحو 15 مليار دولار في عام 2022، وفق منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي.
وحذرت مندوبة بنما قائلة “من دون ذلك، قد تنكسر الثقة”، معتبرا أن حل “أزمة التنوع البيولوجي (…) يشكل مسألة بقاء للأنظمة البيئية والاقتصاد والإنسانية (…)، ولم يعد لدى العالم الوقت”.
وأضافت “لا يمكننا أن نكرر إخفاقات تمويل المناخ”.
– صندوق جديد؟ –
وتدعو البلدان النامية، وعلى رأسها البرازيل والمجموعة الإفريقية، إلى إنشاء صندوق جديد مخصص للتنوع البيولوجي يوضع تحت سلطة مؤتمر الأطراف، كما هو منصوص عليه في نص اتفاقية عام 1992.
ولكن الأطراف المتقدمة، بقيادة دول الاتحاد الأوروبي واليابان وكندا في غياب الولايات المتحدة التي لم توقّع على الاتفاقية ولكنها من كبار المانحين، تعارض بشدة هذا المقترح. كما تندد هذه القوى بتجزئة المساعدات التنموية التي تراجعت أصلا بسبب الأزمات المالية وانكفاء الأميركيين عن دعم هذه الجهود.
ونشرت رئاسة مؤتمر “كوب 16” الكولومبية الجمعة اقتراح تسوية يتضمن خريطة طريق لإصلاح الأنظمة المختلفة التي تولّد التدفقات المالية الرامية لحماية الطبيعة بحلول عام 2030، بما يستجيب والصعوبات التي تواجهها البلدان الفقيرة والمثقلة بالديون.
وتهدف الوثيقة إلى “تحسين أداء” مرفق البيئة العالمية GEF، وتحت سلطته، صندوق الإطار العالمي للتنوع البيولوجي GBFF، وهو حل مؤقت جرى اعتماده في عام 2022 وتلقى تمويلا متواضعا (400 مليون دولار). كما تنص على أن المؤسسة المالية، القائمة بالفعل أو التي سيتم إنشاؤها، ستوضع في نهاية المطاف تحت سلطة مؤتمر الأطراف.
دعت أغلبية الدول النامية في كلمات الممثلين عنها الثلاثاء إلى العودة للتسوية التي كانت على الطاولة في كالي، والتي نصت صراحة على إنشاء صندوق جديد.
وأمام ممثلي البلدان البالغ عددهم نحو 300، والذين جرى تعزيزهم منذ الأربعاء بـ25 مندوبا بمناصب وزارية أو ما يعادلها، حتى الخميس، أو ربما الجمعة، لإيجاد حل، في سياق جيوسياسي معقد.
ومن المقرر إجراء مشاورات غير رسمية مساء الثلاثاء سعيا لتفادي تمديد حتى الجمعة، أو حتى عدما لتوصل إلى اتفاق في ختام القمة المنعقدة في ظل أوضاع جيوسياسية غير مؤاتية.
بعد فشل مفاوضات كالي، تعرضت التعددية البيئية لضربة أخرى مع نتيجة وُصفت بأنها مخيبة للآمال تمخّض عنها مؤتمر المناخ “كوب29″، أيضا بسبب الخلاف حول المساعدات المقدمة من الدول الغنية تبعا لمسؤولياتها التاريخية. ثم في كانون الأول/ديسمبر، انتهى مؤتمر الأمم المتحدة بشأن التصحر في المملكة العربية السعودية، والمفاوضات في كوريا الجنوبية بشأن معاهدة عالمية ضد التلوث البلاستيكي، من دون أن تتكلل بالنجاح.
وأُطلق رسميا الثلاثاء في روما الصندوق المتعدد الأطراف المعروف بـ”صندوق كالي” والذي كان قرار إنشائه من أكبر إنجازات مؤتمر “كوب16” العام الماضي في كولومبيا. ويهدف هذا الصندوق إلى تقاسم جزء من الأرباح التي تحققها الشركات من الجينومات المرقمنة لنبتات أو حيوانات في البلدان النامية. لكن يبقى أن يتم التثبت من حجم المساهمات التي تبقى طوعية.
اخبار سورية الوطن 2_راي اليوم