يُنتظر أن تُعقد، اليوم، في شرم الشيخ، الجولة الأولى من المفاوضات بين العدو الإسرائيلي وحركة «حماس»، بمشاركة الوسطاء المصريين والقطريين، إضافةً إلى المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف، وصهر الرئيس الأميركي جاريد كوشنر. وتأتي هذه الجولة في ظل ما وُصف بموافقة «حماس» الأولية على «خطة ترامب» لإنهاء الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة، في وقت تُظهر فيه المؤشرات العلنية الآتية من الجانبين أنّ الطريق إلى اتفاق نهائي سيكون شاقاً، مع وجود عدد كبير من النقاط الخلافية الجوهرية.
وبحسب وسائل الإعلام العبرية، فإنّ أبرز تلك النقاط تتمثّل بخرائط انسحاب جيش الاحتلال من قطاع غزة، ونزع سلاح «حماس»، وضمانات وقف إطلاق النار الدائم، وتحديد هوية القوة الدولية المُزمع نشرها في القطاع، فضلاً عن الجهة التي ستتولّى حكم غزة بعد الاتفاق. ونقلت «هيئة البث الإسرائيلية» عن مصادرها أنّ «حماس» تُبدي تحفّظات على خريطة الانسحاب الأميركية، مشيرة إلى أنّ هذه المسألة «تُعدّ إحدى القضايا المركزية الثلاث التي ما زالت محلّ خلاف بين الجانبين».
ومن جهته، نقل الصحافي الإسرائيلي، عميخاي شتاين (من قناة «i24»)، أنّ «حماس» أبدت استعدادها للإفراج عن جميع الأسرى الإسرائيليين، لكنها تطالب بانسحاب جيش الاحتلال إلى خطوط أعمق مما يقترحه ترامب في المرحلة الأولى، وبضمانات لإنهاء الحرب وانسحاب كامل من القطاع.
وكان قال رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، إنّه «يأمل أن يبشّر الإسرائيليين خلال الأيام القريبة بإعادة جميع المختطفين»، مضيفاً أنّه «لم يتنازل لحظة عن هذا الهدف»، مشيراً إلى أنّه «نسّق مع ترامب عملية سياسية قلبت الطاولة في غزة». وتابع أنّه «لن ينتقل إلى أي بند من خطة ترامب قبل تنفيذ البند الأول وهو الإفراج عن كل الرهائن»، مجدّداً القول إنّ «السلطة الفلسطينية لن تحكم غزة بعد الحرب»، وإنّه «لا ممثلين من حماس أو السلطة سيشاركون في إدارة القطاع». كما توعّد بأنّ «إسرائيل ستكون مسؤولة عن نزع سلاح غزة»، وأنّها «ستعود إلى القتال بدعم من الدول المعنية إذا لم يتم الإفراج عن الرهائن في المهلة المحددة».
وفي هذا السياق، كشفت «القناة 12 العبرية» أنّ نتنياهو لم يلتزم بإنهاء الحرب بعد إطلاق سراح الأسرى، ولم يوافق على انسحاب كامل من القطاع، في حين نقلت «هيئة البث الإسرائيلية» أنّ «تل أبيب أبلغت واشنطن نيتها البقاء في ثلاثة مواقع داخل غزة، بينها محور صلاح الدين، لسنوات مقبلة». ووفقاً للخطة الأميركية، فإن «ترامب يقترح إبقاء الاحتلال الإسرائيلي في أكثر من نصف مساحة غزة في المرحلة الأولى، مقابل تسليم جميع الأسرى».
في المقابل، أكّد القيادي في «حماس»، أسامة حمدان، في تصريحات تلفزيونية، أنّ الحركة «لا تقبل إدارة أجنبية لقطاع غزة»، مشدّداً على ضرورة «تشكيل هيئة وطنية فلسطينية مستقلّة لإدارة القطاع بعد الحرب». كما أكّد حمدان أنّ «دخول أي قوات أجنبية إلى غزة أمر غير مقبول»، مشيراً إلى أنّ هناك «واقعاً ميدانياً يتعلق بالأسرى الأحياء والجثامين يجب مراعاته»، وأنّ «هناك اتفاقاً وطنياً فلسطينياً على أن تدير هيئة فلسطينية شؤون القطاع».
وعلى الرغم من عمق الفجوة بين الطرفين، أفادت «القناة 13 العبرية» بأن «إسرائيل تستعد بالمستوى الفني لمحادثات شرم الشيخ، بما في ذلك إعداد خرائط الانسحاب»؛ علماً أن وفدها سيضم رون ديرمر، غال هيرش، أوفير فالك، إلى جانب مسؤولين كبار من «الموساد» و«الشاباك» والجيش، بينما سيرأس وفد «حماس» القيادي خليل الحية.
وذكرت «يديعوت أحرونوت»، من جهتها، أنّ المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بدأت استعداداتها لإطلاق سراح آلاف من الأسرى الفلسطينيين، بينهم مئات ممن تصنّفهم إسرائيل على أنهم «خطرون» أو «مُدانون بأحكام مؤبّدة»، ومن بينهم مروان البرغوثي، حسن سلامة، عبدالله البرغوثي، عباس السيد، إبراهيم حامد وأحمد سعدات.
ونقلت عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إنّ تل أبيب لا تعتبر ردّ «حماس» موافقة على الخطة، لكنها مضطرة إلى التعامل معه على هذا الأساس بعد ضغط ترامب، الذي أجرى اتصالاً «صارماً» مع نتنياهو، طالباً منه المضي قدماً في العملية، بحسب ما كشفته «القناة 12» العبرية، نقلاً عن مسؤولين أميركيين كبيرين ومسؤول إسرائيلي مطّلعين على تفاصيل المحادثة.
وأضاف أحد المسؤولين الأميركيين أن نتنياهو قال لترامب إنه «لا داعي للاحتفال»، وإن «ردّ حماس بدون معنى»، ليردّ الأخير غاضباً: «لماذا أنت دائماً سلبي؟ هذا انتصار، اقبل به!». وعلّق الصحافي الإسرائيلي، بن كاسبيت، في صحيفة «معاريف»، على ذلك قائلاً إنّ «ترامب ترجم ردّ حماس الرافض إلى قبول باللغة الترامبية، وأعلن نصراً تاريخياً وسلاماً أبدياً، بينما اضطر نتنياهو إلى الامتثال لأوامره».
وأمس، قال ترامب، لقناة «CNN»، إنّ «إبادة كاملة» تنتظر «حماس» إذا أصرّت على البقاء في الحكم، في حين ادّعى وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، أنّ «90% من تفاصيل الخطة قد تمّ الاتفاق عليها، وما تبقّى هو تفاصيل لوجستية»، مؤكّداً أنّ «المفاوضات لن تستمرّ لأسابيع أو حتى لأيام طويلة». وأضاف أنّ «لإسرائيل مصلحة في تسليم غزة لطرف لا يبني أنفاقاً ولا يدعم المقاومة»، مشيراً إلى أنّ «الحرب في غزة أثّرت على مكانة إسرائيل في العالم».
أخبار سوريا الوطن١-الأخبار