عبد اللطيف عباس شعبان
طرح رئيس تحرير موقع “أخبار سوريا الوطن”هيثم يحي محمد استطلاع رأي على صفحته بخصوص لصوص محولات وشبكات الكهرباء، الذين يسرحون ويمرحون بدليل زيادة عدد السرقات يوماً بعد يوم، واستمرار انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة عن المواطنين الساكنين في الاحياء والقرى، التي تُغذّى من المحولات والشبكات المسروقة، اضافة للخسائر المالية الجسيمة التي تتكبدها خزينة الدولة نتيجة ذلك، وطلب مقترحات من أصدقائه ومتابعي صفحته، بخصوص خطة وآلية العمل المطلوب القيام بها من قبل المجتمع الأهلي وشركة الكهرباء وجهاز الأمن الداخلي والمحافظة، لمنع وقمع هذه الجرائم وكشف ومعاقبة اللصوص القائمين بها ؟
لقد تصفحت الطرح مليًا مقدِّرًا عالي التقدير اهتمام السيد هيثم بضرورة كبح جماح هذه الظاهرة على غرار اهتمامه المعهود بكثير من ظواهر خيِّرة يرغب نشرها وظواهر شريرة يدعو لقمعها، ولا يخفى على أحد أنَّ هذه الظاهرة الخطيرة موجودة منذ سنوات، وقد تطرَّق إلى مخاطرها الكثيرون، ويوم كنت في مجلس محافظة طرطوس ( الدور التشريعي 2018 / 2022 ) تم طرح ضرورة الحد من هذه الظاهرة في العديد من جلسات المجلس، وطلبت مع بعض الزملاء دعوة أحد المسؤولين في المحافظة لحضور جلسة المجلس والإجابة على تساؤلات الأعضاء، وتمَّت تلبية الدعوة ولكن أجوبة المسؤول الذي حضر لم تغطِّ التساؤلات، وكانت ظنون العديد من المواطنين، أن بعض من هم في السلطة – آنذاك – شركاء في الجريمة بدليل ندرة إلقاء القبض على السارقين، وتبرئة أحدهم سريعا حال تم القبض عليه، واستمرت الظاهرة ريفًا داخل القرى وعلى الطرق العامة، ومرات عديدة في أحياء بعض المدن، وبعض الإدارات الرسمية / ريفا ومدينة / تضررت وانقطع عنها التيار جراء سرقة الكابلات التي تغذيها.
مدعاة للسرور أنَّ هذه الظاهرة خفَّت بنسبة عالية في الأشهر الأولى التي تلتْ سقوط النظام السابق، ولكن الملفت للانتباه عودتها من جديد في الأشهر الأخيرة وبتعدُّد وتنوَّع حالات يقارب ماكان عليه الحال في العام الماضي.
لقد تضمنَّت التعقيبات على ما طرحه الصحفي هيثم العديد من الرؤى وفيما يلي موجز عن أغلب ماجاء فيها
1 – العديد من الاقتراحات توجهت إلى السلطات الرسمية بما يلي:
إلقاء القبض على من يشتري هذه.المسروقات وتجريم من يشتريها بعقوبة رادعة جنائية الوصف مع غرامات مالية كبيرة وعدم تشميل مثل هذه الجرائم باي عفو عام او خاص، ومداهمة اماكن شراء هذه المواد و تغريمها بعشرات الاضعاف و مراقبة سيارات جمع الخردة الجوالة و منع المتاجرة بهده المواد، و معاقبة المخالف باشد العقوبات / تغريم ٠سجن / بل ومحاكمات ميدانية .فبإيقاف مصدر الشراء يتوقف البيع.
2 – اقتراحات توجهت إلى المجتمع المحلي والسلطات معا بالقول:
تشكيل لجان أهلية باشراف الامن العام مع صلاحيات تمكنها من توقيف هذه العصابات لان الامر لم يعد يطاق، وان تكون اللجان من نفس المنطقه مع سلاحهم… و مراقبة تجار الخردة، على أن يتم في كل حي او قرية أو مزرعه تشكيل لجنه من أناس مشهود لهم بالسيرة الحسنه ولو بأجر رمزي ويكونوا منسقين مع المختار والامن الداخلي. ويقوموا بجولات وأن يكون في كل حي وكل قرية حراس جوالين من أهل المنطقة نفسها وكل قطاع مسؤول عن قطاعه مع إعطاء صلاحية توقيف الفاعلين، وأن يقوم المختار أو شخص مكلف من الحي بالتأكد من مهمة من يعمل على خطوط الكهرباء والمحولات،
3 – اقتراحات توجهت إلى وزارة الكهرباء وتقول:
بضرورة نشر كاميرات مراقبة، ووضع دارة انذار تصدر اصوات عالية عند قطع الاكبال، وعدم الالتزام ببرنامج تقنين ثابت، وأن يتم وصل التيار خلال فترة التقنين لمدة ثلاث دقائق وبأوقات مختلفة، عندها لن يتجرأ اللصوص العبث مع الكهرباء، وفتح الكهرباء على جميع خطوط التوزيع لمدة دقيقة واحدة بين حين وأخر ثم الفصل وبذلك لا يجرؤ السارقون على الاقتراب من خطوط الكهرباء، واعتماد الانارة الشارعية بالاجهزة العاملة على الطاقة الشمسية ، والعمل على أستبدال الأسلاك النحاسية بأسلاك المنيوم.
وأنا عقبت بالرأي التالي:
هذه الظاهرة الخطيرة موجودة منذ سنوات في عهد النظام السابق، والمؤسف استمرارية ذلك في عهد النظام الحالي، ونادرا ماتم إلقاء القبض على السارقين قديما وحديثا، وإن حدث القبض فما من عقوبة أُعْلِنَتْ، رغم أن تعدُّد شركاء هذه الجريمة (أعداد من السارقين والشارين والبائعين والمصنِّعين وربما المصدِّرين )، يجعل من السهولة بمكان أن تتمكن الأجهزة الرقابية على تنوعها وتعددها من كشف أحد الأطراف، ما يساعد في معرفة الأطراف الأخرى وفرض العقوبة الحازمة القاسية التي من المفترض أن تمنع الآخرين من التكراروتوقف الجريمة كليا، لكن ضعف القبض على العديد من أطراف الجريمة، يجعل من الجائز مخاطبة الجهات الرقابية قديمها وحديثها بالقول:
” إن كنت لا تدري فتلك مصيبة ….. وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم”
فالكرة في مرمى الأجهزة الرقابية التي من غير الجائز أن يكون ذلك مستصعب عليها، على غرار ما تعلنه من كشفها لجرائم أخرى، وأيضا من المفترض وجود اجراءات فنية لدى الشركة العامة للكهرباء تساعد في ردع وكشف السارقين ( مرتكبي الجرم بداية )، ومن غير الجائز تحميل المواطن العادي الأعزل المسؤولية في الكشف والتدخل في هذا الجرم الذي أغلب حالاته وربما جميعها تتم ليلا، وواقع الحال يثبت عجزه عن التدخل في العديد من الجرائم المتنوعة التي تتم أمام عينيه في وضح النهار، علما أن البعض اقترح اصدار تشريع يمنع التداول بالنحاس ويجرِّم فعل كل من يشتريه أو يبيعه، بغية الحد من سرقات أكبال الكهرباء، وهنا أبيِّن أن أحد المعقبين على اقتراح الصحفي هيثم وضع صورة عن قرار لوزير الاقتصاد والصناعة برقم / 748 / تاريخ8 / 10 / 2025 والذي تضمَّن في مادته الأولى منع حيازة وتداول كافة أنواع الخردة التي تتبع للجهات الحكومية في عدة قطاعات ومنها قطاع الكهرباء وبالتحديد ما يخص العدادات والمحولات والكابلات والأبراج وغيرها، وتنص المادة الثانية على تكليف مديرية الرقابة الداخلية وحماية المستهلك في المحافظات – عبر أجهزة الرقابة التموينية – بالمتابعة وتنظيم الضبوط بحق المخالفين وحجز المواد، وتنص المادة الثالثة على أن يخضع المخالفون لهذا القرار إلى العقوبات المنصوص عليها في القوانين النافذة..
وهنا أرى من الجائز السؤال لماذا حصر هذا القرار مسؤولية متابعة المخالفين له بالرقابة التمويتية فقط، ولماذا لا تكون جميع الأجهزة الرقابية على تعددها وتنوعها معنية بتنفيذه، من خلال الحضور الميداني المكثف والعاجل الفعالية، للحد من وقوع هذه الجريمة وغيرها من جرائم القتل والخطف، فقد ضاقت الصدور من استفحال الأمور الجرمية، التي تطال الحجر والبشر والشجر، والخسارة الوطنية كبيرة وخطيرة إثر أية عملية جرمية، فالأمن حاجة ومطلب وطن مواطن، علما أن المشكلة المعهودة ليست محصورة بالتشريع القانوني العادل والتوجيه الاجتماعي المنصف أكثر مما هي محصورة بالتنفيذ المتوخَّى لذلك من كل مواطن.
الكاتب : عضو جمعية العلوم الاقتصادية – عضو في اتحاد الصحفيين

(أخبار سوريا الوطن-2)
syriahomenews أخبار سورية الوطن
