يمن سليمان عباس:
كما تعمل النار على إذابة الصدأ ليظهر المعدن الأصيل كذلك تفعل المحن التي تحولها الشعوب الخيرة المعطاة إلى منح فتغدو القيم أكثر تجذراً وعودة ميمونة بعد أن سرقتها مشاغل الدنيا منا..
السوريون أكثر شعوب الأرض قدرة على استعادة ما فر منهم من قيم تعاون وكرم ووفاء… منذ زمن الطفولة كنا نقرع أبواب الجيران لنستعير بعضاً من نواقصنا التي لا نجدها… ملء اليد ملحاً.. قليلاً من السكر وأكثر الأشياء استعارة بين الجيران خميرة العجين أو اللبن.. ملء فنجان من اللبن..
ومن ليس لديه بقرة حلوب ربما ستجد اللبن لديه أكثر من الجميع فكل من عنده يحسب حسابه.. لأنه سبق أن كان قد فعل الكثير..
أما استعارة الخبز فهي الأكثر نبلاً حتى إذا كنت مخاصماً جارك فلن تذهب بعيداً عنه لنستعير رغيف خبز أو أكثر… ومن باب العادات والتقاليد أنك إذا استعرت أقل من خمس خبزات وأعدتها يعد ذلك تصرفاً غير مقبول…
وفي اجتماع النسوة على التنور حكايا أخرى كثيرة…
هذه الأيام التي تقضيها في القرية سوف تكتشف عودة هذه القيم الأصيلة التي ربما غابت لفترة من الزمن لكنها لن تموت عادت تتجذر من جديد.
أمس احتجت قليلاً من الملح فناديت حفيدتي أن تجلب لي (ملد ملح) سألتني ماذا يعني ملد؟.
يا حفيدتي يعني ملء اليد.. لكنها ردت وقالت لي: احكي بالفصحى… قلت لها جدك حكم بيننا… سألناه فقال تعني ملء اليد وهي جملة منحوتة… ردت حفيدتي لم أفهم… لكن سأقول ملد ملح..
هنا في كل قرية سورية سوف تكتشف كم أهملنا تواصلنا الاجتماعي.. وكم كان ذاك الرجل حكيماً حين قال لابنه اذهب إلى بيت جيراننا وقل لهم نريد قليلاً من الملح… رد الابن لكن لدينا ملح.. قال الأب.. نعم لدينا لكن ليشعر الجيران أننا جميعاً نحتاج بعضنا البعض.
سيرياهوم نيوز 6 – الثورة