سعياً لتحقيق صورة أفضل لدعم للأشخاص ذوي الإعاقة ودمجهم بالمجتمع وتمكينهم وحمايتهم وصون حقوقهم وفق ما ضمنه الدستور السوري ونصت عليه الاتفاقيات الدولية الخاصة بهم، تم إعداد مشروع قانون الأشخاص ذوي الإعاقة تجري حالياً مناقشته في مجلس الشعب استكمالاً لإجراءات صدوره.
واعتبر عدد من ممثلي المنظمات غير الحكومية الذين شاركوا في إعداد مشروع القانون في تصريحات لـ سانا أنه يشكل نقلة نوعية في توسيع الشراكة بين مختلف القطاعات لتكامل الخدمات الصحية والنفسية والتعليمية وتأمين فرص العمل لذوي الإعاقة والمشاركة بمختلف مناحي الحياة ولتطوير التشريعات مع مراعاة خصوصية المجتمع السوري والاحتياجات والإمكانيات.
ولأن الأشخاص ذوي الإعاقة جزء من المجتمع كان لابد من ضمان حقوقهم وهذا ما تم التأكيد عليه في مواد مشروع القانون وفق المدير التنفيذي للمنظمة السورية للأشخاص ذوي الإعاقة (آمال) رنا المنجد، موضحة أن مشروع القانون يضمن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة من ناحية الخدمات التعليمية والصحية والتأهيل المهني وفرص العمل، ومشيرة إلى أن تطبيق القانون يتطلب جرأة وقوة من الأشخاص ذوي الإعاقة للمطالبة بحقوقهم بثقة، والحصول على الخدمات والميزات التي يكفلها لهم هذا القانون بعد صدوره، ما يسهم في جعلهم شركاء أساسيين وفاعلين في بناء المجتمع والمستقبل.
نائب رئيس مجلس إدارة جمعية صندوق الرجاء التنموي بدمشق لمى الصواف أشارت إلى أن القانون يهدف إلى تنظيم التعامل مع ملف الإعاقة بطريقة مرنة أكثر ويلبي الاحتياجات والمتطلبات بما ينسجم مع الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة التي كانت سورية من أوائل الدول التي صدقت عليها، كما يهدف إلى حمايتهم من جميع أشكال التمييز والاستغلال والإساءة وضمان الدمج الشامل لهم، عبر الانتقال من النهج القائم على الشفقة إلى مبدأ الحقوق والواجبات.
وبينت الصواف أن ما يميز مشروع القانون إعطاء مساحة للمنظمات غير الحكومية لتأدية دورها الفاعل لتعمل جنباً إلى جنب مع القطاع العام والخاص، لما لها من خبرة عملية وقدرة تخصصية للتعامل مع هذه الفئة، لافتة إلى أهمية الحوار الذي تم قبل إعداد مشروع القانون لإدراج أفضل ما يمكن من مواد وبنود قابلة للتنفيذ.
وبهدف إعطاء هذه الفئة الفرصة لإيجاد مردود مادي كان لزاماً تعزيز حقهم بالحصول على العمل وتمكينهم تعليمياً، حيث رأى وسيم طيار منسق برنامج دعم الشباب واليافعين في جمعية أنيس سعادة الملائكية في طرطوس أن مشروع القانون عزز حق هذه الفئة بالحصول على فرص العمل في المؤسسات الحكومية بنسبة 4 بالمئة من الشواغر حسب القانون الخاص بالأشخاص ذوي الإعاقة رقم 34 الصادر عام 2004، فضلاً عن تعزيز أكثر لتمكينهم تعليمياً عبر الاستفادة من البعثات العلمية، وأن يكونوا ضمن أعضاء الهيئة التدريسية، حيث إن نسبة الـ 4 بالمئة لا تطبق حالياً إلا في مجال العمل الإداري.
وأكد طيار وهو من ذوي الإعاقة البصرية وحاصل على ماجستير بالقانون الدولي من جامعة دمشق أن أهم النقاط التي ركز عليها مشروع القانون التشدد بوضع آلية للتعليمات التنفيذية ومعاقبة المخالفين عمداً أو جهراً بالتقصير في تطبيقه، وتفعيل آلية الشكاوى والمتابعة والرقابة اللاحقة بما يضمن حصول الأشخاص ذوي الإعاقة على حقوقهم كاملة بما ينسجم مع وضعهم.
وأوضح رئيس اللجنة الإدارية لفرع الجمعية السورية للمعوقين جسدياً بالسويداء نزار شجاع أن القانون سيسهم في تفعيل وتطوير عمل المجالس الفرعية لشؤون الأشخاص ذوي الإعاقة في كل محافظة، ويضمن تدريب الكوادر التي تتعامل معهم لتمكين هذه الفئة من التشاركية للوصول لخدمات متكاملة بدءاً من الكشف عن الإعاقة الى الدمج والتعليم، إضافة لتعزيز دور الإعلام في تسليط الضوء على هذه الشريحة وتقديم مواد إعلامية توضح مفهوم الإعاقة وتخصص برامج للتعريف بإبداعهم وقدراتهم.
ولكون التمييز والتنمر يؤثر سلباً في الشخص ذوي الإعاقة تم في مشروع القانون الإشارة إلى هذا الموضوع، حيث رأت رئيسة مجلس إدارة جمعية التوحد في اللاذقية شهيدة سلوم أن القانون سيكون شاملاً للجوانب الاجتماعية والعملية والتعليمية لهذه الفئة، وحافظاً لحقوقها في العمل والإنتاج والحياة الكريمة، كما أنه يحقق العدالة الاجتماعية والإنسانية، ولا سيما مع ازدياد عدد الأشخاص ذوي الإعاقة جراء الحرب الإرهابية التي تعرضت لها سورية.
ولفتت رئيسة مجلس إدارة جمعية الرجاء لذوي الإعاقة بحمص فطمة عجم أوغلي إلى أن القانون بصيغته الجديدة جاء لحفظ حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة لجهة تشديد العقوبات القانونية لكل من يسيء لهذه الفئة أو يستغلها بأي شكل من الأشكال مع التأكيد على المساواة والعدالة الاجتماعية وعدم التمييز، منطلقاً من الدستور السوري، كما أنه يعتمد المفاهيم والمصطلحات الحديثة، ويركز على الحقوق في التعليم والصحة والعمل لتسهيل الوصول إلى كل الخدمات والاستفادة من الإعفاءات، لتصبح هذه الفئة منتجة كجزء لا يتجزأ من استراتيجيات التنمية المستدامة.
ووفق المحامي باسل مسالمة نائب رئيس جمعية البر والخدمات الاجتماعية في درعا تتجلى أهمية القانون بأنه نتاج مشاركة ونقاش الجهات العامة والمنظمات غير الحكومية، موضحاً أنه تضمن إحداث المجلس الوطني لشؤون الأشخاص ذوي الإعاقة لتحديد التزامات الجهات المسؤولة عن هذه الفئة ولا سيما أن قضايا الأشخاص ذوي الإعاقة متعددة الوزارات، ومؤكداً أهمية المادة التي تنص على تشديد العقوبات القانونية على من يقوم بالتقليل من شأنهم، إضافة لمكافحة الوصم الذي يبعدهم عن المجتمع ككل.
وأعرب عضو مجلس إدارة جمعية التحدي للإعاقة بدير الزور خالد النجرس عن أمله بأن تحظى جميع مواد مسودة القانون بالموافقة، مؤكداً أنه حدد دور كل قطاع في رعاية هذه الفئة بشكل تكاملي مع باقي القطاعات، ما يحقق دمجاً فعلياً لهم ويؤمن فرص عمل تتناسب مع طبيعة إعاقتهم ليشاركوا في الحياة الاجتماعية والثقافية والسياسية وللحصول على مورد مادي يكفل لهم تأمين احتياجاتهم ومشاركتهم كفئة منتجة، سواء عبر متابعتهم لدراستهم أو تأسيس مشاريع إنتاجية صغيرة وإعطائهم تسهيلات مناسبة.
القانون رقم 34 لعام 2004 وتعديلاته والمرسوم التشريعي رقم 57 لعام 2012 والمرسوم التشريعي رقم 54 لعام 1970.
المجلس المركزي للأشخاص ذوي الإعاقة الذي تأسس عام 2009 ويضم ممثلين عن سبع وزارات برئاسة وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وعدد من الجمعيات الأهلية والأشخاص ذوي الإعاقة.
وقعت سورية عام 2007 على الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة التي أقرتها الأمم المتحدة عام 2006 حيث صدقت عليها سورية بالمرسوم التشريعي رقم 12 لعام 2009.
سيرياهوم نيوز 2_سانا