آخر الأخبار
الرئيسية » حول العالم » «ممر زنغيزور» يتهدّد التعاون العسكري | موسكو – طهران: العلاقة (ليست) على ما يرام

«ممر زنغيزور» يتهدّد التعاون العسكري | موسكو – طهران: العلاقة (ليست) على ما يرام

محمد خواجوئي

 

طهران | على رغم الاهتمام الدولي الخاص الذي تحوزه العلاقات الإيرانية – الروسية، خصوصاً منذ بدء الحرب في أوكرانيا، غير أن ثمّة تشابكاً في أوجه الاشتراك، وتعارض المصالح بين البلدين. إذ وفيما يتحدّث الجانبان عن وضع اللمسات النهائية على وثيقة «الاتفاق الاستراتيجي» الطويلة الأمد، للتوقيع عليها، ويعبّر الغرب، من جهته، عن قلقه إزاء تنامي التعاون العسكري بين طهران وموسكو، فإن قضيّة دعم روسيا إنشاء «ممر زنغيزور» في منطقة جنوب القوقاز، تلقى معارضة شديدة من جانب إيران، جعلت تالياً آفاق العلاقات بينهما، خصوصاً في ظلّ إبداء حكومة الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، انفتاحاً لإحداث انفراجة مع الغرب، في مهبّ الغموض.وفي هذا الوقت، لا ينفكّ الجدل حول قضية التعاون العسكري بين البلدين، يتجدّد، وهو ما حصل في الأيام القليلة الماضية، حين زعم وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، أن موسكو تسلَّمت صواريخ باليستية من طهران، «ستستخدمها على الأرجح في غضون بضعة أسابيع من الآن»، معتبراً أن هذا التعاون يمثّل «تهديداً واسعاً» لأمن أوروبا. واستناداً إلى الاتهامات المشار إليها، أقدمت كلّ من فرنسا وألمانيا وبريطانيا، إلى جانب الولايات المتحدة، على فرض عقوبات جديدة على إيران، سيصار بموجبها إلى مقاطعة شركة طيران الجمهورية الإسلامية (إيران إير)، بتهمة نقل الصواريخ الباليستية على متنها إلى روسيا. كما استدعت بريطانيا وهولندا، الأربعاء، دبلوماسيين إيرانيين على خلفية «إرسال الصواريخ الباليستية».

في المقابل، نفى كلا البلدين صحّة المزاعم الغربية، إذ اعتبر وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، ما أشيع ناتجاً من «معطيات مغلوطة ومنطق مَعيب» لأميركا وأوروبا، فيما أكّد الكرملين، من جهته، أن ما يتمّ تداوله «لا أساس له». على أن تلك ليست المرّة الأولى التي يتحوّل فيها التعاون العسكري بين إيران وروسيا، إلى مثار جدل دولي؛ إذ سبق أن أثارت قضية مبيعات المُسيّرات الهجومية من طراز «شاهد 136» الإيرانية إلى موسكو، واستخدامها في الحرب الأوكرانية، استنكار الغرب، علماً أن طهران نفت بدايةً أن تكون أرسلت أيّاً من مُسيّراتها إلى روسيا، قبل أن تعود وتعلن أن ذلك حصل قبل انطلاق الحرب في أوكرانيا. وفي المقابل، تحدّث المسؤولون الإيرانيون والروس عن أن وثيقة «التعاون الاستراتيجي» الطويلة الأمد بين البلدين باتت جاهزة، إذ قال أمين مجلس الأمن الروسي، سيرغي شويغو، خلال لقائه الأخير مع أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي أكبر أحمديان، إن «موسكو تتحضّر للتوقيع على الاتفاق مع طهران».

ارتفعت داخل إيران الأصوات المنتقدة لروسيا على خلفية دعمها إنشاء «ممر زنغيزور»

 

ويجري كل ذلك عشيّة زيارة بزشكيان لنيويورك للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، والتي ترافقها في كل عام تكهنات حيال احتمال عقْد لقاء بين الرئيس الإيراني والمسؤولين الأميركيين، واحتمال حصول انفراجة تكسر الجليد في العلاقات المتوتّرة بين البلدين، منذ 45 عاماً، علماً أن هذه ستكون المشاركة الأولى لبزشكيان في المحفل الدولي، وهو الذي رفع، إبان حملته الانتخابية، شعارات في شأن العمل على إعادة تأهيل علاقات إيران مع العالم. وإذ تكتسي المشاركة الإيرانية أهمية متزايدة هذا العام، في ظلّ حديث بزشكيان عن «إدارة النزاع مع أميركا» و»التعاطي المتّسم بالعزة مع أوروبا» و»إحياء محادثات رفع العقوبات»، فهي تشكّل إرهاصات مساعي الحكومة الإيرانية الجديدة لإعادة بناء علاقات مع الغرب، الأمر الذي يرى بعض المراقبين أنه يمكن أن يثير قلق موسكو.

وعلى هذا الأساس، يذهب البعض إلى القول إن دعم روسيا الأخير لمطالب جمهورية آذربيجان بإنشاء ممرّ برّي يربطها مع جمهورية نخجوان ذات الحكم الذاتي (والتي تُعدّ جزءاً من أراضي آذربيجان) على امتداد حدود أرمينيا مع إيران، وسيضع قيوداً أمام الوصول الترانزيتي لطهران إلى أوروبا والعالم، يمثّل هجوماً روسياً معاكساً على احتمال استعادة العلاقات بين إيران والغرب. وكانت إيران معارضة تاريخياً لمحاولات آذربيجان وتركيا إنشاء «زنغيزور»، لأن مروره من أقصى جنوب أرمينيا، سيحدّ من وصول الجمهورية الإسلامية إلى أرمينيا ومن ثم أوروبا، ويجعلها في حالة ضيق استراتيجي. واستدعى إعلان روسيا دعمها إنشاء الممرّ المذكور، ردّ فعل إيرانياً، حيث استدعت وزارة الخارجية الإيرانية، وفي إجراء غير مسبوق، سفير روسيا لديها، لتعبّر له عن عدم ارتياحها لمواقف بلاده، وأنها «لا تريد أن تندلع اشتباكات عند حدودها بتشجيع من موسكو». كما أكّد وزير الخارجية الإيراني أن «أيّ تهديد من الشمال والجنوب والشرق والغرب، يمسّ وحدة أراضي جيراننا أو إعادة ترسيم الحدود، غير مقبول البتة، ويشكل خطاً أحمر بالنسبة إلى إيران».

وفي الموازاة، ارتفعت داخل إيران الأصوات المنتقدة لروسيا على خلفية دعمها إنشاء الممرّ، ومزاعم الإمارات في شأن الجزر الثلاث؛ إذ قال عضو «مجمع تشخيص مصلحة النظام» والقائد السابق لـ»الحرس الثوري»، محسن رضائي، إن «سلوك الساسة الروس غير مقبول، ويتعارض بشكل صارخ وإعلان حرصهم على الصداقة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، يجب إزالة هذا الغموض». ويبدو أن هذا «الشجار» بين طهران وموسكو، وفي حال أصرّت الحكومة الإيرانية على المضيّ قدماً في بناء توازن في السياسة الخارجية، قد يضطرّ إيران لاتّخاذ مواقف أكثر تشدداً حيال روسيا، وهو ما سيرخي تداعيات جيوسياسية أوسع. ومن هنا، لا يعود مستبعداً، في حال مضت موسكو على طريق دعم إنشاء «ممرّ زنغيزور»، أن تبتعد طهران عنها في ما يخص الحرب في أوكرانيا، خصوصاً إذا ما حقّقت نتائج ملموسة على طريق إعادة تأهيل علاقاتها مع الغرب.

 

 

 

 

 

سيرياهوم نيوز١_الأخبار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

نتنياهو متردد في إقالة غالانت وتعيين ساعر.. بين رفض زوجته وضغوط الحرب في الشمال

  نتنياهو متردد في إقالة غالانت وتعيين ساعر.. بين رفض زوجته وضغوط الحرب في الشمال الخلاف الداخلي الإسرائيلي بشأن الانسحاب من محور فيلادلفيا وتبادل الأسرى ...