الظلم ظلمات كما يُقال، والمظلوم لا يظلم إلا إن كان ظالماً مغلوباً على أمره، ولدى تمكنه يعود لممارسة ظلمه.
هذا واقع لا يمكن تجاهله، والظلم هلاك للقدرات والطاقات البشرية، وخصوصاً إن كانت تلك الطاقات ذات كفاءة ومتميزة، والمظلوم غالباً يكون مصيره الفشل، إلا إن كان لديه رباطة جأش وصبر وإصرار على تحقيق أهدافه مهما واجهته من صعاب، مع ذلك، فعلى المجتمع بكل أطيافه أن يواجه الظلم ويتصدى للظالم ويوقفه عند حدّه، كي لا ينتشر الظلم بين الناس، وبالتالي الفشل في تحقيق أهدافهم، وخصوصاً النبيلة منها التي يعود نفعها على البشرية.
الظلم في بيئة العمل
خلال استطلاع أجرته صحيفة «الحرية»، لتسأل بعض المواطنين عن الظلم، وعن حالات الظلم التي وقعت عليهم، وما فعل بهم الظلم، كانت البداية مع حسن دهمان الذي أشار إلى أنه يعمل نجار بيتون، ولعدم تمكنه من شراء الخشب الضروري لمهنته، اضطر للعمل مع أرباب عمل مختلفين، الذين مارسوا الظلم بحقه من خلال معاملته من حيث الأجرة والعمل على أساس أنه صانع، مع إن خبرته تفوق خبرتهم.
لذلك عاش صراعاً مريراً معهم كي يحصل على حقوقه كاملة، وهذا ما أكدته إيناس المفلح التي أضافت أنها موظفة وتعمل بكل ما لديها من طاقة، وتحمل إجازة جامعية، إلا أن كل ذلك لم يشفع لها عند من ظلمها، إذ أصرّ على الظلم حتى أصيبت بالإحباط، واضطرت في النهاية إلى الانتقال لوزارة أخرى هرباً من الظلم الذي لحق بها، حيث وجدت العدالة شيئاً ما والإنصاف.
التمييز داخل الأسرة والعمل
شادية عبد الباقي أشارت من جهتها إلى أن الظلم على الإنسان قد يقع من الأهل أو من أرباب العمل في جميع المهن، فالتمييز بين الأبناء الذكور والإناث، أو بين ابن وآخر، أو بين بنت وشقيقاتها، قد يُحبط المظلوم منهم ويؤدي إلى فشله دراسياً أو في حياته المهنية أو حتى في علاقاته الاجتماعية، وهذا ما أكده أسامة عبيد الذي أضاف أن الشاعر المتنبي قال في إحدى قصائده: «والظلمُ من شِيَمِ النفوسِ فإن تجد ذا عفةٍ فلعلةٍ لا يَظلمُ» إذ يرى المتنبي، كما بعض الفلاسفة، أن الأصل في الإنسان الشر، وأن الأديان والقوانين جاءت لتهذّبه وتردعه، وأن الظلم طبع إنساني. فإن وجدت أحداً لا يظلم، فلا تُحسن الظن به، فثمة ما يمنعه، كأن يكون ضعيفاً أو خائفاً. من هنا، يرى عبيد أن الظلم من طبع البشر، والدليل أننا أينما التفتنا نجد الظلم والظالمين، سواء في العلاقات الدولية أو الإنسانية.
الظلم منبوذ ومحرم
الاختصاصي الاجتماعي رياض الحسامي أشار من جهته إلى أن الظلم منبوذ من كل أطياف المجتمع، وقد ثبت ذلك في الشرائع السماوية التي حرّمت الظلم بكل أشكاله وأطيافه، لما فيه من ضرر على أفراد المجتمع، وخصوصاً المظلومين منهم، ولما يسبّبه من مشاكل نفسية وإعاقة للعمل، لأن الظلم يشلّ الأعمال ويعوقها ولا يدفع الأفراد للعمل.
وأكد على أهمية محاربة الظلم بأشكاله المختلفة من قبل كافة أفراد المجتمع، وخصوصاً المتنفذين منهم، مشيراً إلى أهمية معاملة أفراد المجتمع بكل احترام وإنصاف الجميع، لنكون دافعين للتألق والتميّز لا محبطين. ولفت إلى أن الظلم محبط، والعدل محفّز.