آخر الأخبار
الرئيسية » كلمة حرة » منشية طرطوس…بين المال والجمال

منشية طرطوس…بين المال والجمال

خير الله علي

عندما نستحضر صورا قديمة لمنطقة المتحف الوطني في طرطوس لا نستطيع إلا أن نشعر بالأسى لما حل بتلك المنطقة بعد أن التهمت المباني الاسمنتية والشوارع، في عقود قليلة، تلك المساحات الخضراء التي كانت تحيط بالمتحف . فهذا المعلم الأثري العريق الذي يعود إنشاؤه الى عام1130 ميلادية حريٌ بأن يكون مقصدا سياحيا بنكهة الأصالة؛ يحفظ من الخارج معالم المنطقة بصورتها التي تعود إلى قرون عديدة، كما يحفظ في داخله إرث وتاريخ المنطقة الساحلية. وإذا كان ثمة تغيير ما سوف يطال المكان، فيجب أن يكون الهدف منه تحسين الصورة وتطويرها وتجميلها وليس العكس كما هو الآن . فإذا كانت مديرية الآثار والمتاحف ممثلة بدائرتها في طرطوس قد استطاعت المحافظة على المتحف وحديقته من الجهات الثلاث؛ الشمال والغرب والجنوب فإنها وقفت عاجزة عن ذلك من الجهة الشرقية، وسبب ذلك تبعية العقار الشرقي المتاخم للمتحف والبالغة مساحته /3600/ مترا مربعا لبلدية طرطوس. والعقار الذي يعرفه أهالي طرطوس باسم المنشية هو حديقة تضم عددا من أشجار الزنزلخت والفيكوس والأوروكاريا الرائعة الجمال، ويعدُ استراحة لا تقل أهمية سياحية وترفيهية عن الشاطئ القريب لأهالي طرطوس وزوارها، لولا أنه تحول بعلم البلدية وتحت اشرافها إلى مقهى، ومن ثم إلى مطعم يتمدد طولا وعرضا مع كل مستثمر جديد بطريقة مخالفة لطبيعة المكان وجماليته، وللقانون وأدبيات الاستثمار المعروفة . فعدا عن التشويه الكبير الذي لحق بالمكان، وأضرّ بصورة المتحف من جهة الشرق، حتى أنه أخفى معالم المتحف على ضخامته. يمكن لكل عابر في ذلك الشارع أن يرى الآثار السلبية لطريقة وأسلوب الاستثمار الذي يجري لهذه الحديقة الجميلة. والبلدية التي من المفترض أن تكون الأحرص على إبراز المتحف كمعلم أثري ومرفق سياحي هام، وأن تحافظ على نظافة المكان وجماله، لا يعنيها اليوم، وكما يبدو، سوى جمع المال…المال فقط ولو كان ذلك على حساب التاريخ الفينيقي برمته. والحل الوحيد كي يعود المكان إلى رونقه وجماله ووظيفته هو أن تنقل ملكية المنشية لدائرة الآثار، وأن تزال كل تلك التجاوزات التي كرسها الفساد وقلة الوعي بالحفاظ على آثارنا وتراثنا الجميل، علما أن هذا النوع من التجاوزات أمتد إلى مواقع أثرية أخرى لا تقل أهمية عن المتحف.

(سيرياهوم نيوز ٦-خاص بالموقع ١٦-٥-٢٠٢٢)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

معبر .. وضحايا ..؟!

    سلمان عيسى   منذ أكثر من شهرين قضى أحد مواطني قرية تلسنون بحادث تصادم مروع مع القطار على معبر تلسنون – ارزونة.. طبعا ...