بدءاً من المنشورات والفيديوهات والقصص المفبركة التي تنشرها بعض وسائل التواصل الاجتماعي على صفحاتها ومنصاتها، وليس انتهاءً بالشخصيات المأجورة التي تستضيفها وتستخدمها لترويج، ليس ما لا فائدة له وحسب، بل كل ما يضر بالأسر ويقوض أركانها ويتسبب بدمارها وخرابها.
هذه الوسائل أصبحت جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية في العصر الرقمي الحديث، والذي من المفترض أن يستخدمها الجميع للتواصل والتعلم والترفيه الإيجابي، لكن المفاجأة، أن قسماً كبيراً من هؤلاء المستخدمين يتعرضون لها سلبياً، وباتت كأدوات قوية جلبت معها مجموعة من التحديات، بما في ذلك تدهور القيم الأخلاقية والاجتماعية، وكانت سبباً مباشراً في تخريب العلاقات الأسرية وعاملاً في التفريق والطلاق لأزواج عاشوا لا يقل عن عقدين أو ثلاثة مع بعضهم تحت سقف واحد وعلى «الحلوة والمرة»، كما أثرت بأشكال مختلفة من ضمنها السب والشتم والتنمر وكل ذلك سببه الإنترنت.
هدم للقيم والمبادئ
هنا زوجة تشتكي على زوجها، وهناك فتاة تروي قصتها مع أخيها ووالدها أو والدتها، وهناك روايات عن علاقات الأخوة، وبدل أن يجد هؤلاء الحلول على صفحات المنصات لترميم تلك العلاقات، نجد بعضها يشجع على الفرقة والتباعد من نشر الأمثال والأقوال التي تدعو إلى مفاقمة الأوضاع، وتحت عناوين مختلفة، كيف تتخلصين من زوجك، وكيف تخالف ذويك بالرأي، وكيف يجب أن ترد على جارك وأختك وأخيك وزميلك في العمل، والقائمة تطول، وكلها تعليمات سلبية تزيد الطين بلة، وذلك بدل الدعوات للمحبة والتسامح، والتأكيد على أن تلك الدعوات للاصطياد في الماء العكر، وهدفها التخريب والتدمير وهدم القيم والمبادئ.
«الثورة» التقت بعض الأشخاص الذين أثرت عليهم بعض منصات التواصل سلباً، واليوم يحصدون الندم، بعد أن أصغوا لها، ولم يمتثلوا لصوت العقل عندهم، ولكن ساعة لا ينفع الندم.
تحصد الندم
وقالت «م. الشيخة» إنها طلبت الطلاق من زوجها الذي كان يجهد لتأمين لقمة العيش، ولا يعود حتى منتصف الليل بعد عملين مجهدين، شعرت أنها وحيدة حسب زعمها، وخلال حديث لها مع إحدى المعارف <أرشدتها» إلى منصة تواصل غسلت دماغها على حد تعبيرها، ويوماً بعد آخر طلبت الطلاق من زوجها بإصرار، وهكذا وجدت نفسها وحيدة بعد أن تعاطف الأولاد مع والدهم ورفضوا أن يغادروه أو يتركوه لمصيره، وأضافت أنها تحصد الندم اليوم لفعلتها لكن بعد فوات الأوان.
مواقع وصفحات للتعارف
بدوره قال «س. محمود»: إنه تعرف على فتاة على إحدى الصفحات عنوانها «فتيات للتعارف» ودخل بمحادثات مختلفة معهن وتبادل الصور ومقاطع الفيديو، وتتالت الأيام حتى بدأ يكره زوجته، ولم يطق التعامل معها أو العودة إلى المنزل، وكان ينفق كل ما يحصل عليه من دخل، لأن هؤلاء الفتيات بدأن بابتزازه وأرسل لهن الأموال من خلال بعض شركات النقل، ولكن بعد أن أنفق كل ما لديه ولم يرسل لهن توقفن عن الرد على رسائله، وكان مصير عائلته التفكك والانهيار.
تجارب كثيرة
بالإضافة لما سبق هناك قصص مختلفة، وقال «ك. القاضي»: كنا أنا وزوجتي ووالدتي نتناول الغداء، حينها تركت زوجتي مائدة الطعام، واستغربت الأمر ووقفت وراءها لأسألها، وإذ تقول: نعم أشعر أن يدي والدتك قذرتان فأفسدت لي نفسيتي وشهيتي!!.
قلت وما الحل إذا كان ما تدعينه صحيحاً، علماً أنني أرى والدتي كيف تهتم بنظافتها، قالت: ألا تدخل على الإنترنت؟! هناك مواقع تعلمنا كيف يجب أن نتعامل مع هؤلاء الأشخاص، وأين يجب أن تكون، وحصل بيننا خلافات كبيرة انتهت بمغادرتها المنزل، واشترطت ألا تعود إلا بخروج والدتي من المنزل، وأنا مازلت أرفض ومستمر بذلك لأن والدتي ليس لها أحد سواي، والله أمرنا بالمعروف مع الوالدين.
«الثورة» تواصلت مع المرشدة الاجتماعية بتول القبيسي، والتي أكدت على أن منصات التواصل باتت من أكبر المخاطر التي تهدد المجتمع، وذلك بسبب السلوك العدواني الذي يؤدي إلى مشاعر الإحباط والعزلة، ويؤثر سلباً على الصحة النفسية والعلاقات الاجتماعية.
وأضافت القبيسي، كثير من المستخدمين ينشرون محتويات غير مناسبة أو غير أخلاقية ومحتواها هابط وعديم الذوق، ما يساهم في نشر الفساد الأخلاقي بين المجتمع، مثل هذه المحتويات تتضمن صوراً وفيديوهات غير لائقة، ونصوصاً تحث على العنف والكراهية. وكذلك البث المباشر عبر المنصات الرقمية التي تتناول موضوعات خارجة عن الآداب والأعراف والأخلاق والكثير منها دليل للمتابع.
ونوهت بأنه بين الحين والآخر نرى بعض الأشخاص يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي للتفاخر بثرواتهم وإنجازاتهم، وأنسابهم، و ما يخلق جواً من الحسد والغيرة بين الأصدقاء والأقارب، ويؤدي إلى تدهور القيم الأخلاقية المتعلقة بالتواضع والاحترام، وأوضحت من خلال المتابعة، ووفق المعلومات والاطلاعات لوحظ تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على القيم الاجتماعية بشكل كبير وأثر بها وبشكل سلبي، رغم أن وسائل التواصل الاجتماعي تهدف إلى توثيق العلاقات بين الناس، لكنها مع كل أسف يخلق بعضها أجواء من التوتر والخلافات، ولاسيما أن بعض الأفراد يقضون وقتاً طويلاً على الإنترنت على حساب الوقت الذي يمكن أن يقضوه مع العائلة والأصدقاء في الحياة الواقعية.
ناهيك عن الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي ويمكن أن يؤدي إلى تدهور العلاقات الأسرية، بحيث يصبح الأفراد منشغلين بأجهزتهم الإلكترونية أكثر من تفاعلهم مع أفراد عائلتهم، وقالت المرشدة الاجتماعية: إن من أخطر الأمور، والتي لها تأثير سلبي وخطير هو انتشار الأخبار المزيفة والمعلومات المغلوطة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهذا يؤثر على الثقة بين أفراد المجتمع، ويؤدي إلى نشر الفوضى من دون أن نشعر.
وختمت القبيسي: أصبح الآباء والأمهات منشغلين بوسائل التواصل الاجتماعي، ما أثر على قدرتهم على تقديم الدعم العاطفي والتوجيه لأطفالهم، وهذا الإهمال يمكن أن يؤدي إلى شعور الأطفال بالوحدة، وقد يتسبب في حدوث صراعات عائلية نتيجة للاستخدام المفرط أو المحتوى الذي يتم مشاركته.
سيرياهوم نيوز 2_الثورة