آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » منظومات.. لا أفراد!

منظومات.. لا أفراد!

زياد غصن
ليس هناك أنسب من هذا الوقت للاعتراف أن من “ينهشون” اقتصادنا، ليل نهار، ليسوا مجرد أشخاص أو مجموعات مبعثرة.
ما يحدث من شيوع للأنشطة غير الرسمية، وتحديداً خلال سنوات الحرب على سورية، وحجم المبالغ غير القانونية التي يتم تحصيلها يومياً على حساب المواطن وخزينة الدولة، يؤكدان أن هناك منظومات متكاملة تعمل في مواجهة مصالح الدولة ونهب مواردها.
وعندما نقول منظومات، فهذا يعني مجموعة من الكيانات والمكونات المرتبطة ببعضها البعض، والتي لكل منها وظيفة ودور محدد لتحقيق الهدف العام للمنظومة. وإلا لما كان لها كل هذا التأثير على سعر الصرف والإنتاج المحلي.
لذلك عندما تتعالى الأصوات مطالبة بمكافحة ظاهرة التهريب مثلاً، فالأمر ليس بتلك السهولة كما يعتقد البعض، فهناك منظومة متكاملة تمتهن التهريب وتحقق من ممارسته ثروات هائلة، وتالياً لا يمكن محاصرة ظاهرة التهريب بشكل حقيقي ما لم يتم تفكيك تلك المنظومة بالكامل.. وأعتقد أن الجميع يدرك ما تحتاجه مثل هذه الخطوة.
وهذا أيضاً يمكن إسقاطه على عمليات المضاربة الكبيرة التي تتم منذ سنوات على سعر صرف الليرة، فواهم من يعتقد أن المضاربة الفاعلة والمؤثرة على سعر الصرف تأتي من محل تجاري هنا أو هناك، أو من حوالة خارجية تدخل إلى البلاد بشكل غير رسمي.
وكذلك ما يتعلق بالتأثير على أسعار السلع والبضائع المطروحة في الأسواق المحلية، فهناك منظومة متكاملة تعمل على محاولة “اختطاف” السوق المحلي، وقيادته إلى حيث مصالح هذه المنظومة وإستراتيجيتها.. وكل المؤشرات تقول بذلك.
ربما المثال الأوضح يكمن في الفساد المستشري في مؤسسات الدولة، فهو يخرج عن المفهوم التقليدي القائل بوجود إدارة فاسدة هنا أو هناك، أو إن هناك موظفاً يستغل منصبه لتحقيق منافع شخصية.. فهناك منظومة واحدة تتحرك في كل الاتجاهات لإبقاء المؤسسات العامة في دائرة الفساد “الوقح”.
هناك إجراءات كثيرة مطلوبة من مؤسسات الدولة حالياً لمواجهة التداعيات المتسارعة لانخفاض سعر الصرف في السوق الموازي، وتخفيف تأثيراتها على حياة المواطن.. لكن يبقى أهم تلك الإجراءات على الإطلاق هو في العمل على تفكيك منظومات الفساد المنتشرة في معظم القطاعات والأنشطة، والتي تتحمل المسؤولية المباشرة فيما وصلت إليه البلاد من أوضاع اقتصادية صعبة.
وكل ما عدا ذلك يبقى مضيعة للوقت أو تهرباً من مواجهة جوهر المشكلة الأساسية، أو عدم الرغبة بالمواجهة لأسباب تتعلق بنفوذ المنظومات التي تعمل ضد مصلحة الدولة.. وتالياً مزيداً من الضغوط المعيشية والفقر والجوع.. فهل البلاد قادرة على تحمل المزيد؟
(سيرياهوم نيوز-تشرين8-6-2020)
x

‎قد يُعجبك أيضاً

هل حان دور سورية في حرب التدمير والابادة؟

  ميخائيل عوض تزداد مناسيب القلق على سورية ومستقبلها وتكثر التسريبات والتحليلات عن خطط اجتياحها. فاين تذهب الامور؟ وما هي المعطيات؟ نتنياهو اعلن حربا وجودية ...