شهّدت الساحة السياسية الأميركية انقساماً حاداً عقب إلغاء المحكمة الأميركية العليا، اليوم، قراراً يُكرّس حق المرأة في الإجهاض.
وألغت المحكمة القرار التاريخي المعروف باسم «Roe v. Wade» والذي صدر عام 1973. وقالت المحكمة وأغلب قضاتها محافظون إنّ «الدستور لا يمنح الحق في الإجهاض، يُنقض (Roe v. Wade) وتعاد سلطة تنظيم الإجهاض إلى الناس وممثّليهم المنتخبين».
ورفضت المحكمة الحجة التي استندت إليها قضية «Roe v. Wade» ومفادها أنّ للنساء الحق في الإجهاض على أساس الحق الدستوري في الخصوصية على أجسادهن. ومن المرجح أن يؤدي قرار المحكمة العليا، إلى سنّ مجموعة قوانين جديدة في نحو نصف الولايات الأميركية الخمسين، ستُقيد بشدة عمليات الإجهاض أو تحظرها تماماً وتجرمها، ما سيجبر النساء على السفر لمسافات طويلة إلى الولايات التي لا تزال تسمح بهذا الإجراء.
يمثل الحكم انتصاراً سياسياً لخمسين عاماً، من حراك اليمين الديني ضد الإجهاض، ومن المتوقع الآن أن يُواصل نشطاء هذا التيار الضغط من أجل حظره تماماً على مستوى البلاد.
وبينما فشلت محاولات اعتراض القضاة الثلاثة الليبراليين في المحكمة، أكدوا أنه «أيّ كان النطاق الدقيق للقوانين المقبلة، فإن نتيجة قرار اليوم المؤكدة هي تقييد حقوق المرأة».
ويتعارض قرار المحكمة العليا، الذي أنهى حماية قانونية استمرت نصف قرن تقريباً لحقوق الإجهاض، بشكل حاد مع الرأي العام.
بحسب استطلاع رأي أجرته «رويترز/إبسوس» قبل صدور قرار المحكمة العليا، يقول نحو 71 بالمئة من الأميركيين، إنّ قرارت إنهاء الحمل يجب أن تترك للمرأة وطبيبها بدلاً من أن تنظمها الحكومة. لكن هذا الدعم ليس مطلقا إذ قال نحو 26 بالمئة ممن تم استطلاع آرائهم إنّ القانون يجب أن يتيح الإجهاض في كل الأحوال فيما قال عشرة بالمئة إنّ القانون يجب أن يجرمه في كل الأحوال. وقال أكثر من نصف من استطلعت «رويترز/إبسوس» آراءهم، ويبلغ عددهم 4409 أشخاص، إنّ القانون يجب أن يتيح الإجهاض في بعض الحالات ويجرمه في حالات أخرى.
كذلك أكد وزير العدل الأميركي، ميريك غارلاند، في بيان أن وزارة العدل ستستخدم كل الوسائل التي تحت تصرفها لحماية الحرية الإنجابية، وإنّ الوكالات الاتحادية قد تستمر في تقديم خدمات الصحة الإنجابية، إلى أقصى حد يسمح به القانون الاتحادي.
وردت شخصيات عامة من مختلف الأطياف السياسية، على حكم المحكمة، فقالت نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب الأميركي والمنتمية للحزب الديمقراطي في بيان إنّ «هذا الحكم القاسي شائن ومؤلم. ثقوا تماماً أنّ حقوق النساء، وجميع الأميركيين ستطرح في الاقتراع في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس».
وغرد الرئيس السابق، باراك أوباما على «تويتر» قائلاً «اليوم، لم تبطل المحكمة العليا سابقة تعود إلى ما يقرب من 50 عاما فحسب، بل عطلت القرار الشخصي، الأكثر قوة، والذي يمكن لأي شخص اتخاذه لحساب أهواء السياسيين وأصحاب الأيديولوجيات.. هذا هجوم على الحريات الأساسية لملايين الأميركيين».
وفي المقابل، قال ميتش ماكونيل زعيم الجمهوريين بمجلس الشيوخ، في بيان «هذا انتصار تاريخي للدستور وللطرف الأضعف في مجتمعنا»، مؤكداً أنّ القرار «شجاع وصحيح». وأثنى مايك بنس، نائب الرئيس السابق دونالد ترامب، في بيان، على القرار قائلاً «اليوم، الحياة فازت. أعطت المحكمة العليا للولايات المتحدة الشعب الأميركي بداية جديدة للحياة، إنني أثني على القضاة في الأغلبية لشجاعتهم في قناعاتهم».
دولياً، علّقت المفوضة السامية لحقوق الانسان في الأمم المتحدة، على قرار المحكمة الأميركية بأنه «يشكل ضربة موجعة للحقوق الإنسانية للنساء»، فيما وصفه رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، بأنه «عودة للوراء»
سيرياهوم نيوز3 – الأخبار