آخر الأخبار
الرئيسية » ثقافة وفن » من أعطاب العقل البشري: التحيّز المعرفي ..الانحياز للتأكيد Confirmation bias

من أعطاب العقل البشري: التحيّز المعرفي ..الانحياز للتأكيد Confirmation bias

:د. عماد فوزي شعيبي

لماذا لايتعلّم البعض أفكاراً جديدة؟ ولماذا (التعصّب) الفكري والديني والطائفي؟ السبب هو عصب في نمط التفكير البشري يُدعى الانحياز للتأكيد. أيّ تأكيد مافي الرأس. الانحياز للتأكيد هو الميل للبحث عن المعلومات وتفسيرها وتفضيلها واستدعائها بطريقة تؤكد أو تدعم المعتقدات أو القيم السابقة للفرد . وهو عبارة صاغها عالم النفس الإنجليزي بيتر واسون ، للدلالة على ميل الناس إلى تفضيل المعلومات التي تؤكد أو تعزز معتقداتهم أو قيمهم. يُظهر الناس هذا التحيز عندما يختارون المعلومات التي تدعم وجهات نظرهم، أو يتجاهلون المعلومات المخالفة، أو عندما يفسِّرون الأدلة الغامضة على أنها تدعم مواقفهم الحالية. ويكون التأثير الذي يتم تبنيه هو الأكثر قرباً للنتائج المرجوة، والقضايا المشحونة عاطفياً ، والمعتقدات الراسخة بعمق. لا يمكن القضاء على التحيز التأكيدي تمامًا، ولكن يمكن إدارته ، على سبيل المثال ، من خلال التعليم والتدريب على مهارات التفكير النقدي. لايمكن القضاء عليه لأن الناس تميل إلى ما اعتادت عليه وما اكتسبته وألفته وما أصبح مقدّساً في قناعتها،هذا فهي تبحث عن ما يؤكده دائماً وتتجنب ما لا يؤكده! الانحياز للتأكيد هو بناء عقليّ واسع الطيف في السلوك العقلي البشري، ويغطي عددًا من التفسيرات. فثمة أربعة تأثيرات محددة له في المواقف التاليّة: 1) استقطاب المواقف (وهو سلوك يحدث عندما يصبح الخلاف مع الآخرين أكثر تطرفًا يميل الناس إلى تأكيد ما في رؤوسهم)، وبالتالي عدم التعلم أيّ فكرة جديدة، فيغدو الأمر مصارعة أفكار لا حواراً بينها. 2) المثابرة على المعتقد (هنا تستمر المعتقدات بعد ثبوت عدم صحة الدليل عليها) وهذا ما ندعوه بقوى العطالة وممانعة التغيير (إو القصور الذاتي Inertia) للأفكار. ؛ 3) تأثير الأسبقية غير العقلاني ( وهو اعتماد الناس على المعلومات التي تم تبنيها في وقت مبكر من السلسلة؛ أي عندما يتعلم الشخص فكرة قبل أخرى فإنه يميل للفكرة القديمة لا الجديدة لأنها أسبق في سلسلة التعلّم) كأن تبقى ‏على موقفك من شخص ما بسبب ماقيل لك عنه سابقاً لقد أشارت سلسلة من التجارب النفسية في الستينيات، إلى أن الناس منحازون لتأكيد معتقداتهم الحالية. فهي نزعة لاختبار أفكارهم بطريقة أحادية الجانب، مع التركيز على احتمال واحد يناسبهم وتجاهل البدائل. و تكشف التفسيرات الحالية للتحيزات عن القدرة البشرية المحدودة على معالجة مجموعة كاملة من المعلومات المتاحة، مما يؤدي إلى الفشل في مراجعة أفكارهم بطريقة علمية محايدة. وتقول الدراسات النفسيّة إنه تم العثور على نماذج لقرارات خاطئة بسبب الانحياز التأكيدي في السياقات السياسية والتنظيمية والمالية والاقتصاديّة والعلمية. إذ تساهم في تعزيز هذه التحيزات الثقة المفرطة في المعتقدات الشخصية، بمواجهة الأدلة المخالفة. وينتج عن التأكيد المُنحاز أخطاء منهجية في البحث العلمي بناءً على الاستدلال الاستقرائي (التراكم التدريجي للأدلة الداعمة). ومن الأمثلة على ذلك: قد يتعرف محقق الشرطة على المشتبه به في وقت مبكر من التحقيق ، ولكن بعد ذلك قد يسعى فقط إلى تأكيد الأدلة بدلاً من عدم تأكيدها. وقد يركز الطبيب بمعالجته لمريض على اضطراب معين في ذهنه في وقت مبكر من جلسة التشخيص ، ثم يبحث عن أدلة مؤكدة فقط. ‏فهذه الأمثلة تبحث عما في رأسها لا ما في الواقع. في وسائل التواصل الاجتماعي، يتم تضخيم الانحياز التأكيدي عن طريق استخدام فقاعات التصفية (Filter bubble)؛ حيث يعرض يوتيوب مثلاً للأفراد (فقط) الفيديوهات التي من المحتمل أن يتفقوا معها، لأنهم يتابعونها باستمرار، مع استبعاد وجهات النظر المعارضة. إنه ما دعوناه العقل المكوَّن. الانحيازللتأكيد

(سيرياهوم نيوز-صفحة الكاتب28-5-2021)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الثقافة واقع ومآلات

    | إسماعيل مروة   كتب باحثون عن تقزّم دور الثقافة، وصدرت كتب عن الآليات التي سعت فيها القوى الفاعلة في العالم إلى ضرب ...