سلمان عيسى
كان عبد الله الدردري عراب التوجه غربا منذ تعيينه رئيسا لهيئة تخطيط الدولة ، مع كل ما يحمله هذا التوجه من مخاطر على بلد يحكمه حزب البعث الذي يتمسك بأستار الاشتراكية كحاج يمسك استار الكعبة ويطلب من الله وصاحب الروضة الشريفة ان يغفرا له كل ذنوبه ..
يتهم الدردري، خاصة عندما كان نائبا لرئيس الحكومة للشؤون الاقتصادية .. اي ( الحاكم الاقتصادي ) بأنه هو من اضاع هوية الاقتصاد السوري – من اقتصاد متعدد ( اتهمنا بسببه ) اننا من اغنى الدول العربية، الى طرح شعار الصناعة ثم الصناعة وان هذه الصناعة هي قاطرة النمو، في بلد زراعي وسياحي .. ويبحث عن مصادر للكهرباء والطاقة الاحفورية عندما كان وزير المالية في تلك الاثناء الدكتور محمد الحسين مع بقية الفريق الاقتصادي يحصون انفاس السوريين صباح ومساء – يهددونهم بفاتورة الدعم – وقرب نضوب النفط عندما كانت بلدنا تنتج ٣٨٥ الف برميل خام يوميا ..
الى الاقتصاد الهجين الذي لا شكل ولا طعم له ولا لون – اقتصاد السوق الاجتماعي، الذي يتحمل كل ما آل اليه حال السوريين منذ تلك الايام الى الآن .. تراجع الانتاج الزراعي خاصة القمح بعد العبث طبعا بملايين الاطنان المخزنة لليوم الاسود السوري ..
كانت فاتورة التوجه غربا مكلفة جدا اقتصاديا واجتماعيا وسياسا، الى درجة ان هذا الغرب كان يتمنى ان يعرينا حتى من البستنا الداخلية .. واعتقد ان هناك في الفريق الاقتصادي من كان يقبل بذلك ..
عندما وصلت الامور الى هذا الحد تدخل السيد الرئيس ونادى بالتوجه شرقا .. وهذا ما حدث .. وحدث ايضا المناداة بمشروع البحار الخمسة .. التوجه شرقا، رغم عدم رضا الدردري وارادته فتح آفاق اقتصادية مهمة مع الصين والهند وايران وباكستان وسنغافورة وماليزيا .. لكن الى حين اجتمعت الحكومة على الحدود السورية التركية مع الحكومة التركية الذي لم يستمر الغزل الحكومي معها لأكثر من عامين، اي عندما كشرت انيابها في ٢٠١١ .. حينها بدأنا نلمس نتائج العمل الحكومي الذي كان محل انتقاد اعلامي قاسٍ وموجع وموجه تحديدا للفريق الاقتصادي .. لكن كان ما كان وبدأنا نحصد – وما زلنا نتائج العبث بالاقتصاد الذي يمارسه بعض اعضاء الحكومة الحالية دون الاعتبار لنتائج افعال الحكومات السابقة ..
بالتأكيد كلنا نفرح اذا ما تبوأ اي سوري موقع اممي مهم مثل الموقع الذي تسلمه الدردري كنائب للأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الاقتصادية – لكن هذه الغبطة تكون اكبر اذا كان هذا الاختيار ناتج عن النجاحات التي حققها على المستوى المحلي والوطني .. لكن ان يعين بهذا الموقع بعد اكثر من ١٢ عاما من الازمة السورية التي يتهم هو والحكومة التي كانت قائمة آنذاك بانهم الجزء الاكبر المسبب لهذه الازمة، فهذا يعني ان الدردري حصل على المكافأة عن مهمته في خلخلة الاقتصاد السوري وضياع هويته والتفريط في الزراعة على الاقل – وهذا ما نحصد نتائجه حتى الآن وسيبقى كذلك الى ان يصل اشخاص الى مواقع القرار الزراعي يملكون النية الصافية لإعادة بناء هذا القطاع .. بحيث نعيد هيبة القمح الى بيادر الفلاحين، واكياس البصل والثوم .. ان يعامل الفلاح السوري على انه اهم بكثير من تاجر ازمة يجر وراءه عشرات السيارات والمرافقات المتهورة الى مستودعات تحتوي كل ما يحتاجه السوريون .. يطرحها بالقطارة وبأسعار ( بصلية ) مسنودة من حماية المستهلك التي تتخبط في تسويق الحمضيات والبندورة .. وكل الانتاج الزراعي المكلف .. نعم يكملون ما بدأته الحكومات السابقة .. وياللأسف ..؟!
(سيرياهوم نيوز4-خاص)