آخر الأخبار
الرئيسية » يومياً ... 100% » من اقتنع بحديث رئيس الحكومة؟

من اقتنع بحديث رئيس الحكومة؟

| علي عبود

 

ينتظر الناس الذين يعانون “الأمرّين” بتأمين مستلزمات عيشهم اليومي من رئيس حكومتهم حلولا لأزماتهم التي تتفاقم يوما بعد يوم، وهذا أمر أكثر من طبيعي، فرئيس الحكومة يمتلك صلاحيات واسعة بموجب الدستور لإيجاد الحلول للأزمات المستعصية من خلال استثمار الموارد المتاحة ،وبالإستعانة بالعقول والخبرات السورية، وهي كثيرة وخلّاقة!

والسؤال: هل اقتنع الناس وأهل الخبرة والإقتصاد بحديث رئيس حكومتهم أمام مجلس اتحاد العمال الأخير يوم 15/5/2023؟

يمكن الجزم بأنه في حال اقتنع العمال بما قدّمه لهم رئيس الحكومة من وقائع ومعطيات ووعود، فإن الناس، كل الناس، ستكون ليست مقتنعة فقط بل راضية ومرضية أيضا!

إنطباع العمال لم يكن خافيا على أحد، بل لم يستطع أيّا منهم أن يداري الإحباط الشديد بالوقائع التي كشفها رئيس حكومتهم، وخاصة انه لم يكشف عن أيّ حلول قريبة لأوضاع ملايين السوريين “السوداوية”!

وما كان ينتظره العاملون بأجر، وهو ماوعد به رئيس التنظيم العمالي خلال الأسابيع الماضية، بدّده رئيس الحكومة بكلمات موجزة وحاسمة وقاطعة، بل وقاسية جدا: لا إمكانات ولا موارد متاحة حالياً لتحسين الأجور “وفق المأمول”!

وفاجأنا رئيس الحكومة برده على مداخلة أحد رؤساء الاتحادات حول ضرورة زيادة الرواتب بسؤال إستنكاري أثار دهشة واستغراب  وإحباط الحاضرين: “من وين”؟

حسنا، إذا كان رئيس الحكومة لايعرف “من وين” سيؤمّن موارد لزيادة القدرة الشرائية لملايين العاملين بأجر.. فمن الذي يعرف؟

ترى هل خصصت الحكومة جلسة نوعية، كان جدول أعمالها الإجابة على سؤال واحد فقط: ماالآليات الفعّالة لزيادة دخل الأسرة السورية؟

وقبل تخصيص مثل هكذا جلسة هل طلبت الحكومة من أهل الخبرة في الاقتصاد وإدارة الموارد والإستثمار إقتراحات لزيادة القدرة الشرائية لملايين السوريين كي تناقشها لاحقا في اجتماع واحد أو أكثر لمجلس الوزراء؟

لو إن تحسين الوضع المعيشي يتوقف على دعوة رئيس الحكومة للتجار والصناعيين بتوفير السلع بما يناسب دخل الأسرة السورية، فلماذا لم يتحقق هذا المطلب حتى الآن؟

وبما أن رئيس الحكومة على دراية بأن كل العمالة الخاصة، والحرفيين والعاملين بقطاعات التجارة والصناعة، تمكّنوا من موازنة أجورهم إلى حدٍ ما باستثناء القطاع العام، فلماذا لم يكشف أن أحد أسباب ذلك تعود لوصاية وزارة المالية على هذا القطاع فهي لاتكتفي  بحجب الإعتمادات الكافية لتطويره واستثمار إمكاناته ، بل تضع يدها على سيولته وأرباحه وتمنع استثمارها في عمليات التجديد الكفيلة بزيادة الإنتاج وتحسين دخل العمال.

وبدلا من ترداد معزوفة الدعم الذي بلغ هذا العام  25 ألف مليار ليرة، وبأن الحكومة لن تتمكّن من الاستمرار به في ظل غياب الموارد، وفي ظل تكلفة شهرية تقدّر بحوالي 200 مليون دولار ثمناً للمحروقات والقمح.. لماذا لم يقل شيئا عن استثمار مواردنا النفطية والغازية في البحر أسوة بدول أخرى، لماذا إهمال أهم مورد للطاقة والقطع الأجنبي، ولو بدأنا به منذ عام 2017 على الأقل هل كنا نعاني اليوم من شح الموارد والقطع الأجنبي؟

وبعدما تساءل رئيس الحكومة: من وين سنزيد الأجر؟.. لم نفاجأ بعدم تقديمه أي تفسير للزيادات المتسارعة بأسعار الصرف، وكأنّ رئاسة مجلس الوزراء والمصرف المركزي ووزارت الاقتصاد والمالية والصناعة تفتقر لوجود أي خبير مالي ونقدي يجيب على السؤال المعجزة: لماذا ارتفع سعر الصرف رغم الزيادة في قيمة الحوالات الخارجية ؟

لقد جزم رئيس الحكومة بأن “التسعيرة المحددة لشراء القمح كافية، والحكومة على ثقة أنها ستستلم كامل محصول المناطق الآمنة، ولفتنا قوله: من يتاجر بالقمح خارج الدولة سيكون كمن يتاجر بالعملة”ّ!

لقد برهنت تجاربنا السابقة على مدى عقود أن التسعيرة المجزية حتى لوكانت أعلى من السعر العالمي للقمح هي وحدها من يتيح شراء كامل المحصول بإقبال من المنتجين، ويمنع بيعه للتجار، أوتهريبه عبر الحدود، وبما أن التسعيرات السابقة لم تكن مجزية فقد كانت الكميات المسوقة هزيلة، والحكومة يجب أن تجيب على السؤال: أيهما أجدى شراء محصول القمح بالعملة السورية أم استيراده بالقطع الأجنبي؟

وسؤال رئيس الحكومة للعمال: “هل أنتم جاهزون لرفع سعر ربطة الخبز، إن رفعنا سعر شراء القمح؟.. فالربطة الواحدة تكلف اليوم 3200 ليرة، ووفق التسعيرة الجديدة ستكلف 4000 ليرة”..ليس في محله، وكان على أحدهم أن يسأل رئيس الحكومة: لماذا لاتستثمر وزارة التجارة الداخلية الموارد المتاحة لديها لتحويل السورية للمخابز من خاسرة إلى رابحة؟

الخلاصة:  ليس مهما إن كان حديث رئيس الحكومة مقنعا أم لا، وليس مهما على الإطلاق إن  أقتنع التنظيم العمالي بهذا الحديث أم لا، فبالنسبة إلى ملايين الأسر السورية لايجوز أن يجيب أي رئيس حكومة على  سؤال حول المطالبة بزيادة الراتب الذي لايكفي ليوم واحد بسؤال إستنكاري: من وين؟

نعم، من وين .. هذه مسؤولية الحكومة التي سبق وتساءلنا : ماهذه الحكومة التي لاتكترث بمواطنيها؟

(سيرياهوم نيوز3-خاص)

 

 

x

‎قد يُعجبك أيضاً

3 قِيَم لوحدة وتماسك الوطن

    م.مكرم عبيد     بين الحرية والديمقراطية والمساواة في الوطن ارتباط متبادل ووثيق يعكس القيم الأساسية التي تسعى المجتمعات لتحقيقها.   1. الحرية:تعبر ...