باولا عطية
أحدث التصعيد العسكري الأخير بين إسرائيل وإيران صدمة مباشرة في الأسواق العالمية، إذ انعكست أجواء الحرب على حركة التداول في قطاعات الطاقة والمعادن والعملات والأسهم. ومع اتساع رقعة الضربات المتبادلة، دخلت الأسواق في موجة من التقلبات الحادة، أفرزت رابحين كباراً في قطاعات بعينها، مقابل خسائر ملحوظة في قطاعات أخرى حسّاسة للتوترات الجيوسياسية.
في مقدمة الرابحين، كان النفط أول من استجاب لهذه التطورات، إذ قفز سعر خام برنت بنسبة 7% ليصل إلى 82.6 دولاراً للبرميل. وجاء هذا الارتفاع مدفوعاً بالمخاوف من تعطل الإمدادات في الشرق الأوسط، وهو ما دفع المستثمرين للتحوّط في سوق الطاقة. إلى جانب النفط، شهد الذهب بدوره ارتفاعاً بنسبة 1.4% ليبلغ 3343 دولاراً للأونصة، في مؤشر واضح على عودة المستثمرين إلى الملاذات الآمنة مع ازدياد القلق من تطورات الأزمة.
أما الدولار، فقد استفاد من حالة الترقب وعدم اليقين، إذ ارتفع مؤشره بنسبة 0.9% مقابل سلة من العملات، وسط توجه عالمي لتعزيز الأصول ذات الاستقرار النسبي، وهو ما ساهم في رفع الطلب على العملة الأميركية. وشهدت أسهم شركات الصناعات الدفاعية والشحن انتعاشاً ملحوظاً كذلك، إذ ارتفعت أسهم شركات كبرى مثل “ريثيون” و”نورثروب غرومان” و”BAE Systems”، في ظل توقعات بازدياد الإنفاق العسكري نتيجة التصعيد الحالي.
على الجهة المقابلة، كانت الضربة الأقسى من نصيب قطاع الطيران، الذي تأثر سلباً بشكل مباشر نتيجة توقف أو تأجيل عدد من الرحلات، وتزايد تكلفة التشغيل المرتبطة بارتفاع أسعار الوقود. فقد تراجعت أسهم شركات طيران كبرى مثل “دلتا” و”يونايتد” و”لوفتهانزا”، إلى جانب شركة “إل عال” الإسرائيلية، التي تأثرت بالتوتر الأمني داخل إسرائيل نفسها.
كما سجّلت شركات السياحة والحجوزات الرقمية مثل “بوكينغ” و”إكسبيديا” خسائر واضحة بلغت حدود 4%، نتيجة تجنب المسافرين مناطق التوتر. ولم تكن أسواق المال بمنأى عن الخسائر، إذ تراجعت مؤشرات كبرى البورصات مثل “ناسداك” و”داو جونز” و”يورو ستوكس”، فيما سجلت بورصة دبي خسارة وصلت إلى 1.9%.
وعلى صعيد العملات الإقليمية، فقد الريال الإيراني من قيمته في السوق السوداء ليصل إلى 94 ألف ريال مقابل الدولار، بينما شهد الشيكل الإسرائيلي تراجعاً ملحوظاً بنسبة 1.9%، ما يعكس مدى حساسية الاقتصادين لأي تصعيد عسكري.
تظهر هذه التحركات في الأسواق أن تداعيات الحرب تتجاوز الميدان العسكري إلى العمق الاقتصادي العالمي، خاصة في قطاعات حيوية مثل الطاقة والطيران. وفي حال استمرار التصعيد أو اتساعه، فإن الأسواق قد تدخل مرحلة أكثر تقلباً، مع مخاطر تمس الأمن الطاقي العالمي، وتزيد الضغط على سلاسل التوريد وأسعار السلع الأساسية.
أخبار سوريا الوطن١-النهار