إذا ما ثبتت فرضية ارتباط منفّذي هجوم سيدني بـ”داعش”، فسيكون أخطر هجوم خارجي للتنظيم منذ الهجوم على صالة للموسيقى قرب موسكو في آذار/مارس 2024، الذي أسفر عن عشرات القتلى.
لن تتوانى إسرائيل عن توظيف الهجوم على الاحتفال بعيد “الحانوكا” اليهودي في مدينة سيدني في شتى الاتجاهات، بما فيه التصويب على الدول الغربية التي تتهمها بالتغاضي عن صعود التيارات المعادية للسامية، والربط بين هذا الهجوم وموجة الاعترافات الغربية بالدولة الفلسطينية في الأشهر الأخيرة، وبينها أستراليا.
لكن القراءة الهادئة لما تشكو منه إسرائيل تشير إلى أن الحوادث المرتبطة بمعاداة السامية كانت تتوازى مع الحرب الإسرائيلية على غزة، التي أسفرت عن سقوط أكثر من 70 ألف فلسطيني، معظمهم من المدنيين، بينهم 25 ألف طفل، علاوة على سياسة التجويع ودفع مليوني شخص إلى النزوح مراراً.
والحرب الإسرائيلية التي لم تتوقف فعلياً، على رغم وقف النار بموجب الخطة الأميركية، كانت المحرّك لموجات التضامن في مختلف دول العالم مع الشعب الفلسطيني، والاقتناع بأن لا حل دائماً للصراع في الشرق الأوسط من دون قيام دولة فلسطينية.
والحرب هي التي أحدثت تحوّلاً لا يُستهان به في الرأي العام الغربي إزاء إسرائيل، بما في ذلك داخل الولايات المتحدة من ديموقراطيين وجمهوريين على حد سواء، للمرة الأولى منذ تأسيسها.
وقطعت موجة التنديد بهجوم سيدني، وفي مقدّمها الدول العربية والإسلامية، الطريق على المسؤولين الإسرائيليين للاستثمار سياسياً في الهجوم، وإلقاء المسؤولية على جهات معيّنة في المنطقة.
وتتجه التحقيقات في أستراليا نحو صلات بين منفّذي الهجوم وتنظيم “داعش”، بعد العثور على علمين للتنظيم في سيارة المهاجمين على شاطئ بونداي في سيدني.
وإذا ما ثبتت هذه الفرضية، فإنها ستشكّل أخطر هجوم خارجي لـ”داعش” منذ الهجوم على صالة للموسيقى قرب موسكو في آذار/مارس 2024، الذي أسفر عن عشرات القتلى.
على أن هذا لا يعني أن إسرائيل ستفوّت فرصة البناء على هجوم سيدني كي تفكّ العزلة الدولية التي أوقعتها فيها الحرب على غزة، وجعلت دولاً أوروبية وغربية تتجه نحو التنديد بحرب غزة والاعتراف بدولة فلسطين.
يسترعي الانتباه أن هجوم سيدني جاء بعد تزايد في نشاط “داعش” في سوريا، وآخرها إطلاق مسلّح النار على اجتماع لعسكريين أميركيين وسوريين في مدينة تدمر، ما أدى إلى مقتل ثلاثة أميركيين (جنديان ومترجم) وعنصرين من قوات الأمن السورية.
جدير بالذكر أن هجمات “داعش” في سوريا تصاعدت منذ إعلان الرئيس السوري أحمد الشرع، الشهر الماضي خلال زيارته لواشنطن، انضمام دمشق إلى التحالف الدولي لمحاربة التنظيم.
ويجد “داعش” في الظروف الأمنية غير المستقرة بعد في سوريا بيئة مناسبة كي يطلّ مجدداً، مراهناً على أن فكره المتطرّف قد يجذب الناقمين من الفصائل الجهادية على توجّه الشرع نحو تعزيز العلاقات مع أميركا والغرب عموماً.
وعلى غرار ما يتحرّك “داعش” وخلاياه النائمة في سوريا، فإنه يبحث عن خاصرات رخوة في الخارج لشنّ عمليات جديدة.
وبالتزامن مع هجوم سيدني، كانت السلطات الألمانية تعلن عن إحباط “مخطط إرهابي” لمهاجمة سوق ميلادية في مقاطعة بافاريا جنوب البلاد. وفي مثل هذا الوقت، قُتل 11 شخصاً في مدينة ماغدبورغ شمال ألمانيا في حادث دهس نفّذه شخص في سوق عيد الميلاد على خلفية دوافع سياسية، وذلك بعد ثماني سنوات على هجوم مماثل على سوق ميلادية في برلين، أسفر عن مقتل 12 شخصاً وتبنّاه “داعش”.
وبعد تدمر وسيدني، وسواء بالاعتماد على “الذئاب المنفردة” أو الهجمات المنسّقة، على غرار ما حدث في موسكو العام الماضي، يبقى “داعش” خطراً مقيماً وتحدّياً ماثلاً.
اخبار سورية الوطن 2_وكالات _النهار اللبنانية
syriahomenews أخبار سورية الوطن
