آخر الأخبار
الرئيسية » إقتصاد و صناعة » من سوريا إلى الجزائر: كيف ضربت سياسة ترامب التجارية الاقتصاد العربي؟

من سوريا إلى الجزائر: كيف ضربت سياسة ترامب التجارية الاقتصاد العربي؟

تكشف تجربة الرسوم الجمركية في عهد ترامب عن درس اقتصادي مهمّ، وهو أنه “لا بدّ من بناء اقتصاد مقاوم للتقلبات السياسية والتجارية، قادر على الصمود والتكيف، خصوصاً في عالم يشهد تغيرات جذرية في قواعد التجارة الدولية.

 

منذ وصول دونالد ترامب للمرّة الأولى إلى البيت الأبيض عام 2017، اتّبع سياسة تجارية صارمة وحمائية تمثلت بفرض رسوم جمركية مرتفعة على واردات عديدة من دول كبرى مثل الصين والاتحاد الأوروبي. ورغم أن هذه السياسات كانت موجهة أساساً إلى المنافسين الاقتصاديين للولايات المتحدة، فإن تداعياتها امتدت إلى المنطقة العربية، بعد انتخابه للمرة الثانية في 2024، بعد أن وسّع نطاق رسومه الجمركية لتشمل الحلفاء أيضاً، لا الخصوم فقط. ومع دخول الحزمة الثانية من رسوم ترامب حيّز التنفيذ شاملة بضائع 39 دولة، كان من بينها عدد من الدول العربية، ومنها سوريا التي جاءت في الصدارة بنسبة تأثر بلغت 41%، يليها العراق بنسبة 35%، ثم الجزائر وليبيا بنسبة 30% لكل منهما، وتونس بـ28%، والأردن بـ15%.

 

هذا التأثر يعود إلى مجموعة من العوامل المتشابكة، أبرزها الاعتماد الكبير لهذه الدول على الواردات من الأسواق العالمية، سواء لتأمين المواد الاستهلاكية أم المواد الأولية اللازمة للصناعة. فعلى سبيل المثال، تعتمد دول مثل سوريا والعراق وليبيا على الاستيراد بدرجة كبيرة، نظراً إلى الاضطرابات السياسية التي أضعفت قدراتها الإنتاجية الداخلية، وجعلتها أكثر عرضة للتقلبات في أسعار السلع والمواد الأساسية، وبخاصة تلك التي تأثرت بسياسات الرسوم الجمركية الأميركية.

 

أما الجزائر وليبيا، فتأثير الرسوم عليها يرتبط بصادراتها من المنتجات البتروكيميائية، بينما تمتلك تونس والأردن صناعات موجهة نحو الأغذية والنسيج، وهي موجهة للسوق الخارجية بشكل كبير”، بحسب حديث الخبير الاقتصادي السعودي علي الحازمي لـ”النهار”.

 

أما تركيا، وإن لم تكن دولة عربية، فقد تأثرت بالرسوم بنسبة 15%، مما يعكس تأثيرها الإقليمي المهم على حركة التجارة في المنطقة.

 

وهنا يشرح الحازمي أنّ العلاقات التجارية غير المباشرة بين البلدان تلعب دوراً في هذا التأثر، إذ إن “بعض الدول العربية تعتمد بشكل كبير على واردات تمر عبر تركيا أو تعتمد عليها كمحطة تجارية رئيسية، وبالتالي فإن فرض واشنطن رسوماً على الصادرات التركية أو الواردات منها انعكس سلباً على شركاء تركيا في المنطقة”.

 

الأمر ذاته ينطبق على الجزائر وتونس، يضيف الخبير الاقصادي، اللتين ترتبطان بعلاقات تجارية وثيقة مع الاتحاد الأوروبي، الذي دخل في حرب تجارية مع الولايات المتحدة خلال عهد ترامب.

 

من جهة أخرى، فإن غياب اتفاقيات تجارية قوية بين العديد من الدول العربية والولايات المتحدة، أو ضعف التكتلات الاقتصادية الإقليمية، ساهم في زيادة حدة هذا التأثر. ففي حين استطاعت دول أخرى في العالم تقليل آثار الرسوم الجمركية عبر اتفاقيات حماية وتفضيلات تجارية، بقيت دول عربية كثيرة عرضة لهذه السياسات من دون أدوات فعالة للحماية.

 

وبحسب الحازمي، فإن “انخفاض حجم الصادرات لبعض الدول الصغيرة قد يؤثر بشكل كبير على ميزانها التجاري ومدفوعاتها الخارجية، ولا سيما في ظل هشاشة البنية الاقتصادية وغياب تنويع الشركاء التجاريين”. كذلك ينبّه إلى أن الأثر لا يقتصر على الاقتصاد فقط، بل يتداخل مع البعد السياسي؛ فمثلاً “سوريا التي ما زالت تنهض من آثار الحرب، كانت تعتمد بشكل كبير على القطاع الزراعي الذي شكّل أكثر من 25% من ناتجها المحلي، وهو اليوم يتعرض لضغوط إضافية بسبب الظروف التجارية الدولية الجديدة”.

 

 

ترامب في  يوم التحرير (وكالات)

ترامب في يوم التحرير (وكالات)

 

 

يقول الحازمي: “اليوم، على الدول المتأثرة، سواء أكانت عربية أم غير عربية، العمل على تنويع أسواق التصدير، وتخفيف الاعتماد على أسواق محددة، كما أن توقيع اتفاقيات ثنائية جديدة يمكن أن يفتح آفاقاً جديدة، في ظل عالم تتزايد فيه الحواجز الجمركية، وتتقلص فيه فرص التبادل الحر. البحث عن أسواق محلية وإقليمية هو أيضاً أمر بالغ الأهمية، ويجب أن يكون جزءاً من رؤية اقتصادية شاملة”.

 

هكذا، تكشف تجربة الرسوم الجمركية في عهد ترامب عن درس اقتصادي مهم وهو أنه “لا بد من بناء اقتصاد مقاوم للتقلبات السياسية والتجارية، قادر على الصمود والتكيف، خصوصاً في عالم يشهد تغيرات جذرية في قواعد التجارة الدولية”.

 

 

 

 

 

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _النهار اللبنانية

x

‎قد يُعجبك أيضاً

صناعيو حلب يعرضون مطالبهم ويوضحون الصعوبات خلال اجتماع الهيئة العامة السنوي

ركز اجتماع الهيئة العامة السنوي لغرفة صناعة حلب اليوم، على التحديات التي تواجه الصناعة الوطنية، وذلك في مقر الغرفة بالسبع بحرات،  حيث ناقش المجتمعون، أبرز ...