علي عبود
راهن كثير من المحللين والمنظّرين العرب على تراجع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن اقتراحه (الحل العقاري) لقطاع غزة، والذي يستحيل تنفيذه دون تهجير الفلسطينيين إلى مصر والأردن ولبنان و.. السعودية!
وما عزّز هذا الرهان تصريح لترامب بأنّه غير متمسك باقتراحه وبأنه لن (يشتري) غزة!
وبعدها بأيام نشر ترامب على منصته (تروث سوشال) مقطع فيديو قصيراً يُظهر، باستخدام الذكاء الاصطناعي، قطاع غزة بعد 15 شهراً من العدوان المكثف عليه، قبل أن ينتقل نحو استعراض مشاهد له بعد أن يعمد ترامب إلى الاستثمار فيه وتحويله إلى (غزة ترامب)، بما في ذلك صور لفندق يحمل اسمه، ولبنيامين نتنياهو وهو يستجم على الشاطئ بجانبه، ولأطفال يحملون بالونات ذهبية مصممة على شكل وجهه، وأموال تتطاير في الهواء..!!!
وهذا الفيديو يؤكد بأن ترامب لن يتراجع عن مشروع تحويل غزة إلى (ريفييرا الشرق) وفي حال استمرار المعارضة الدولية والعربية فإنه سيمنع تنفيذ أيّ مشروع لإعادة إعمار غزة دون تهجير الفلسطينيين، بل هو يُلوح بالتهديد المباشر: إما مشروعي العقاري، وإلا ستنتفتح جهنم جديدة على غزة!!
حسنا، الأمر لم يقتصر على (الفيديو) الترويجي لترامب، فالمبعوث الخاص للرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، خيّب أيضا توقعات ورهانات المحللين والمنظرين العرب، فويتكوف كمطور عقاري شهير في أمريكا يؤكد بأن ترامب ماضٍ باقتراحه بإصرار وتشجيع لامحدود من الصهيونية العالمية واليمين (الإسرائيلي) المتطرف!
نعم، لقد كشف ويتكوف مؤخرا أن الرئيس الأمريكي تجاهل كليا الرفض العربي (النظري) للحل العقاري، ولم يعرب عن أي رغبة بمناقشة الحل المصري البديل لإعادة إعمار غزة دون تهجير الفلسطينيين، وأعطى الضوء الأخضر لعقد قمة سيحضرها (أكبر مطوري العقارات والمخططين من الشرق الأوسط) لمناقشة خطة ترامب حول مستقبل غزة!
اللافت أن ويتكوف اعتبر أن الأفكار التي ستنتج من مثل تلك القمة ستدهش الناس، بل والعالم، واللافت أكثر ان ويتكوف كشف أن عددا من الدول اتصلت بالإدارة الأمريكية وعرضت أن تكون جزءا من الحل (العقاري) الدائم لقطاع غزة!
السؤال: من هم كبار المطورين العقاريين من الشرق الأوسط الذين سيشاركون بحل عقاري لقطاع غزة سيهجّر ملايين الفلسطينيين، ومن هي الدول التي أعربت عن استعدادها لتكون جزءا أساسيا من مشروع تهجير الفلسطينيين؟
وفي هذا السياق ما من مؤشر واحد يشير إلى أنّ ترامب مستعد للتنازل عن خطته بسهولة، حتى في حال توافرت طروحات أخرى، ويبدو إن (الإسرائيليين) لديهم تفاصيل مريبة عن هذه الخطة، فزعيم المعارضة (الإسرائيلية) يائير لابيد كشف عن (حل مصري) يتضمن خطة للحكم في غزة مابعد الحرب تقضي بإزاحة (حماس) من السلطة تتولى بعدها مصر السيطرة المؤقتة على القطاع لمدة ثماني سنوات مع إمكانية تمديدها إلى 15 سنة تدير خلالها الشؤون الأمنية والمدنية مقابل تكفل المجتمع الدولي و(الحلفاء الإقليميون) بتسديد ديون مصر البالغة قيمتها 155 مليار دولار!
ونستنتج من هذا الحل المكمل لمشروع ترامب (الحل العقاري) إن مصر أمام خيارين لاثالث لهما اما الإنخراط بمشروع تهجير الفلسطينيين أو الضغط عليها لتسديد قروضها ومنع حصولها على أيّ قروض أو مساعدات دولية وعربية، والخيارات أمام الأردن قد تكون أسوأ إن لم توافق على أفكار ترامب الذي يؤكد مستشاروه انها بعد تنفيذها ستدهش الناس والعالم!!
وبدلا من الإستمرار بالحديث عن تهجير قسري لفلسطيني غزة بفجاجة، بدأ ويتكوف يقوم بتجميل أفكار ترامب بقوله إن (الأمريكيين لايتحدثون عن خطة إخلاء لسكان القطاع، إنما من غير العملي أن يبقى الفلسطسنيون طوال مدة ال، 10 إلى 15 عاما والتي ستستغرقها إعادة الإعمار، داخل غزة)!!
وخلافا لما يصفه المحللون والمنظرون العرب بأن مشروع ترامب جنوني وخيالي، فإن فريقه السياسي والعقاري يقوم منذ أسابيع بالتحضير لقمة مهمتها وضع المخطط التفصيلي لتنفيذ (الحل العقاري) الذي سيدهش الناس والعالم !!
وما يؤكد ذلك ماكشفته صحيفة (وول ستريت جورنال) عن أن تجمع لرجال الأعمال برعاية (صندوق الثروة السيادي) السعودي يناقش مع صهر ترامب جاريد كوشنر تنظيم اجتماع للمديرين التنفيذيين في مجال العقارات للتوصل إلى خطة لإعادة بناء غزة، ونقلت الصحيفة عن كوشنر قوله: أنا معجب بالممتلكات البحرية في غزة فهي قيّمة جدا، وأفضل آلية للتعامل معها هي إخراج الناس من القطاع ثم تنظيفه!!
الخلاصة: مثلما ناقش ترامب خطته لإنهاء الحرب في أوكرانيا مع زيلنيسكي والتي انتهت بطرده من البيت الأبيض فقد أعلن المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بريان هيوز أن (الرئيس الأمريكي متمسك بخطته الحالية لإعادة بناء غزة ويتطلع إلى مناقشة الخطط مع شركائنا الإسرائليين والعرب في المنطقة)، والسؤال: من سيدهش العالم في القادم من الأيام..ترامب بحله العقاري، أم سكان غزة الذين لن يغادروا أرضهم ولو فتح الصهاينة عليهم كل أبواب الجحيم؟!
(موقع أخبار سوريا الوطن-١)