يُصر الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع على عدم توجيه النقد المُباشر أو التهديد لإسرائيل، حينما يتعلّق الأمر بتهديدها لوحدة الأراضي السورية، ومزاعمها في حماية “الأقليات” الدروز أخيرًا ما يسمح لها البقاء داخل الأراضي السورية كذريعة، ومنع الجيش السوري الجديد من البقاء فيها.
الشرع اختصر واختزل “الخطر الإسرائيلي”، وتصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الاستفزازية حول عدم سماحه ببقاء قوات الشرع في جنوب سورية، بجملة واحدة، قال الشرع فيها إن تقديم جهات خارجية نفسها كحامية أو منقذة، هي دعوات فارغة لا تنطلي على الوعي السوري.
ولم يتطرّق الشرع حول الكيفية التي يتصدّى فيها لهذه الجهات الخارجية، فالوعي السوري الذي تصدّى لها بتظاهرات رافضة لاحتلال الجنوب السوري، لا يستطيع بأي حال منع ذلك عسكريًّا على أرض الواقع.
وجاءت تصريحات الشرع ضمن مؤتمر الحوار الوطني السوري، حيث انتظر مراقبون أن يتطرّق الشرع بشكل صريح للتهديدات الإسرائيلية الصريحة والخطيرة.
وأوضح الشرع أن سوريا تمر بمرحلة إعادة بناء الدولة بعد الدمار الذي لحق بها، مشيراً إلى أن هذه المرحلة حرجة وتتطلب التعامل بحكمة ومسؤولية.
وأكد الشرع أن احتكار السلاح بيد الدولة ليس رفاهية، بل ضرورة وفرض للحفاظ على الاستقرار، ومن غير المعلوم كيف سينجح الشرع في إجبار كل الفصائل المتناحرة في سورية على تسليم سلاحها للدولة، وقدرتها على إقامة حكم مركزي قوي في دمشق، لافتاً إلى أن سوريا لا تقبل التقسيم، فقوّتها تكمن في وحدتها الوطنية ومؤسساتها القوية.
وبينما كان الشرع يؤكد أن سورية لا تقبل التقسيم، كان الشعب السوري غاضبًا وممتعضًا من تصريحات نتنياهو التي أكد فيها بأن لن يسمح لقوات هيئة تحرير الشام أو الجيش السوري الجديد بالدخول إلى المناطق الواقعة جنوبي دمشق، ما يعني تقسيم البلاد من بوابة أو ذريعة حماية الأقليات.
وتطرّق الشرع بأن ما وصفه بالانتصار الذي حقّقه السوريون “أزعج بعض الأطراف الخارجية”، لكنه لم يذكرها صراحةً، وقال إنها تحاول تقويض مُنجزات الشعب.
وفي عبارة تطرح تساؤلات حول فعلية استقلال القرار السوري عبر حكومته الجديدة، ومدى تبعية القرار السوري لدول ساهمت في إسقاط نظام الرئيس السابق بشار الأسد، مثل تركيا، وقطر، شدّد الشرع على أن سوريا لن تكون ساحة لتجارب سياسية خارجية، مشدداً على أن مستقبلها سيحدده أبناؤها وحدهم، دون إملاءات أو تدخّلات.
وردّد وكرّر الشرع أدبياته في تذكير السوريين بسقوط نظام الأسد، فقال إن سوريا اليوم عادت لأهلها بعد أن سُرقت على حين غفلة من أبنائها، فاحفظوا أمانتكم، واحرسوا وديعتكم، وأدوا الذي عليكم.
وفي عبارة توقّف عندها السوريون، واعتبروها مقصودة ومُوجّهة لإيران تحديدًا بشكل غير مباشر والتي هدّد مُرشدها السيد علي الخامنئي بتغيير الوضع الحالي، قال الشرع نحن أمّة خُلقنا أحرارًا، تعلّمنا في ديننا الشجاعة والصبر والكرم والأخلاق الحميدة، واستعملناها في كل نزال. فلسنا نجيد البكاء على الأطلال، ولسنا نجيد اللطم والعويل، بل نحن أمّة العمل والجد.
ويبدو أن الشرع يُؤمن بشكل أو بآخر بقاعدة “من يُحرّر يُقرّر” التي شاعت بعد سقوط نظام الأسد، ولعل بعض هذه الوسائل لم ترُق للبعض (وسائله لجلوس السوريين مع بعضهم لإعادة بناء البلد)، وأضاف وهي العبارة اللافتة “ولكن كما قبلتم منا هذا النصر، فأرجو متكرمين أن تقبلوا منا طرائقه”.
ولافت في خطاب الشرع أنه كان قصيرًا بالمُجمل، وخلا من التصفيق المتكرر، والمديح الذي كان رائجًا في عهد الأسد خلال حضوره، وخطاباته.
وطال مؤتمر الحوار الوطني السوري الذي ألقى فيه الشرع خطابه، بعض الانتقادات، من بينها أن 600 شخصية تلقّت الدعوة للحضور، لكن هؤلاء يمثلون أنفسهم، ولا يمثلون كيانات لها تأثيرها على الواقع السياسي في سورية.
واقتصر الحوار الوطني على يوم واحد فقط، فأثار اتهامات له بأنه أقيم لأغراض دعائية فقط، وحملت الدعوات صفة الاستعجال، فلم يستطع من جرى دعوتهم إلى المؤتمر القدوم بفعل المسافة الجغرافية بأماكن إقامتهم خارج سورية.
وفي صيغة واضحة ومباشرة، شدّد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان على أن “الشعب السوري لن يسمح لإسرائيل باحتلال أرضه”، وهي صيغة لم ترد على لسان الشرع، أو حكومته، ويطرح غيابها تساؤلات حول أسباب تصدّر المسؤولين الأتراك للرد على الاستفزازات الإسرائيلية فيما يتعلّق بسورية، ولها سيادتها، وحكومتها.
اخبار سورية الوطن 2_راي اليوم