| عبدالله ابراهيم الشيخ
مذكرات “همفر” : الجاسوس البريطاني في البلاد العربية
سوف يتفاجأ القارئ لهذه المذكرات ، بما وصل إليه ” بطلها من مهارة في صنع الحيلة التي تؤهله لممارسة المهام الكبرى الموكلة إليه ولمدى التفاني الذي أبداه في سبيل تحقيق طموحاته لتنفيذ مهامه هذه على أكمل وجه .
صحيح أنه كان موفداً من الحكومة البريطانية لكن الحقيقة المؤكدة أن مهمته كانت لخدمة الصهيونية أكثر مما هي لخدمة الحكومة البريطانية وإن كان الاثنتان تتبادلان نفس الهدف ونفس المصلحة ونفس النوايا الخبيثة .
وإذا كنا قد أوردنا ما ذكره ” همفر ” وهو راوي هذه “المذكرات” و “بطلها” عن قبوله “بشرب الكأس حتى الثمالة” فإن ذلك يعني أن قبوله بهذا العمل “الفاجر” يعني “وقبل كل شيء ” مدى تفانيه في خدمة “ماأوكل إليه” وهو لخدمة الصهيونية خاصة والقيام بأي شيء مهما كان مرفوضاً طالما أنه يساهم في إتمام المهمة .. من هنا يمكن القول أن استعراض الأحداث في هذه “المذكرات” يعني وقبل كل شيء “أننا كعرب” لم نتعلم من أحداث التاريخ ولن نتعلم ، ولعل السبب الرئيسي في هذا يعود إلى أن ولاة أمرنا ليسوا إلا “تماثيل” أو ” أشباه بشر” نُصِّبوا من قبل آخرين يملكون مفاتيح قراراتنا . وإن احتج أحدنا فكل العقوبات على اختلاف أنواعها تجلده .
من هنا أيضاً يرى ” همفر” وهو يهودي صهيوني أنه يزرع لأبنائه كي يحصدوا وها هم يحصدون وسوف يستمرون في الحصاد إلى آخر قطرة من دمائنا . فقد هيأوا المناخات الملائمة لهذا الحصاد بعد أن عرفوا نقاط ضعفنا فولاة أمرنا منشغلون دائماً بأمورهم الخاصة ولعل حماسة “همفر” مردها إلى تعصبه ليهوديته وحرصه على تقديم ما أمكن لتثبيت “أركانها” وبالطبع يرتبط هذه كله بحرارة “الانتماء” إلى اليهودية وليس إلى الإنكليزية . وقد أوفد لدراسة مكامن الضعف والقوة في الحضارة العربية والسبل الكفيلة بالسيطرة على هذه الحضارة بعد أن وصلت إلى الأندلس وبالتالي القضاء على الخطر الآتي من تلك الأمصار محاولين التعاون مع بعض اليهود وبعض النصارى لتحريفها ومزاوجتها مع مصالحهم منذ بداية العهد الأموي ، حيث بدأوا التسلل إلى البطانة الخاصة لأمير المؤمنين الذي تحول إلى لقب “فضفاض” إذ بدأت الأمور تختلط وبترتيب مدروس من قبل “همفر” وداعميه لكن خلف الكواليس ثم تظاهر غير المسلمين باعتناق الإسلام وتبني فرق ذات أصول مسلمة واستخدامها من أجل ضرب الإسلام وتسرب ثقافات ذات أصول يهودية إلى البيئة الإسلامية . مما سهل الاندساس في الإسلام بدءاً من الجذور ومنه إلى الأطراف لاسيما في ظل ضحالة الثقافة الدينية في الأوساط البدوية والحرص على جعلها مناطق متقاتلة ومتناثرة مما هيأ الفرصة الملائمة “لهمفر” لممارسة نشاطه لخلق قيم جديدة تلائم مخططات السيطرة والإلحاق والنهب .
في هذه المرحلة التقى “همفر” باليهودي الأصل المتستر بالإسلام “محمد بن عبد الوهاب” حيث بدأ “همفر” بتغذية طموحه وسوف نرى أن ” محمد بن عبد الوهاب” هذا لم يكن بحاجة إلى توريطه فقد كان جاهزاً قبل التقائه “بهمفر” وبالتالي فقد بدأ الإنكليز بدعم “محمد بن عبد الوهاب” بالمال وبالتوجيه والمراقبة الشديدة وأعانوه على نشر ما ادّعى أنه مذهبه الجديد والبدعة حيث انقسم الإسلام إلى شيع ومذاهب متقاتلة .. وهنا دخل الأمريكان أيضاً لقمع الشعوب وتسخير أجواء الجزيرة للحفاظ على أمن اسرائيل والتحكم بأداء فريضة الحج .
بدأ “همفر” رحلته عام 1710 بغية جمع المعلومات الكافية التي تعزز تمزيق الإسلام والسيطرة على البلاد العربية وقد زُوِّد بالمال الكافي والخرائط وأسماء الحكام ورؤساء القبائل وكان عليه تعلم اللغة التركية والعربية مدعياً أنه شاب مات أبواه وتركا له ثروة كبرى وأنه أتى لتعلم القرآن والعبادة والإسلام وقد لاقى ترحيباً شديداً سيما وأنه ” طالب علم” وفي إحدى تنقلاته ساقته الأقدار عند خالد النجار الذي طلب من “همفر” أن “يلوط” لكن “همفر” رفض ذلك وكان يتنقل بين المشايخ “طلباً للعلم ؟؟ وكان يدفع “الزكاة” وهي في الواقع ليست إلا “رشوة” لاستمرار العلاقة وتعزيزها ..
حين عاد “همفر” إلى بريطانيا لتقديم تقريره أقنعه وزير المستعمرات البريطانية أن فعل اللواطة كان عملاً سهلاً غايته الوصول إلى “الهدف” وقد أقنعه الوزير أن مهمته تقتصر على تفرقة المسلمين لا في “جمعهم” .. وهكذا وفي ظل ضعف السلطان العثماني بدأ “همفر” نشاطه بإشعال الفتن لكن بصورة غاية بالإتقان والدراسة والدقة ..
في هذا الوقت كان محمد بن عبد الوهاب شاب في زي طلبة العلوم الدينية ناقم على الحكومة العثمانية ويعرف اللغات التركية والعربية والفارسية وكان ينكر المذاهب الأربعة وقد وجد فيه “همفر” “ضالته المنشودة ” وكانا يتوافقان على كل الآراء ليتبين عملياً أن “محمد بن عبد الوهاب” هذا هو يهودي الأصل وقد ادعى الإسلام … واستطاع “همفر” إحكام السيطرة عليه عن طريق بعض “النسوة” وأخذ يخترع له الأحاديث التي تقوي ثقته وذلك لأن يهودية محمد لم تكن ظاهرة ، لكن النسوة اللواتي كان يختلي بهن ساعدن في الكشف عن حقيقته التي بدأت تظهر علانية عن طريق المطالبة بالتخلي عن الكثير من العادات والتقاليد المتبعة في الإسلام والمطالبة برفضها مع الإبقاء على عيون تراقبه مراقبة شديدة خوفاً من انحرافه عن الخط المرسوم له بدقة فائقة وقد اتفق الجميع في بريطانيا (وبالطبع مع آخرين أكثر اهتماماً وحرصاً ) أن نقاط الضعف تكمن في عناوين كثيرة لعل أهمها : ” الاختلاف بين السنة والشيعة والحكام والشعوب والأتراك والفرس والجهل والأمية وخمول الروح وذبول المعرفة وفقدان الوعي وترك الدنيا والانصراف إلى العمل للآخرة وحدها وانعدام الأمن وتدهور الصحة العامة واحتقار المرأة واضعاف الاهتمام بالقوميات والسماح بالربا والاحتكار و البغاء وإهمال العلماء والسماح بإخراج اليهود والمسيحيين من جزيرة العرب وتكثير سوء الظن بين الفئات وبذل المال الكافي في سبيل التخريب والتفرقة وإحياء النعرات الطائفية و بث الموظفين الذين يشجعون هذه الأفعال مقابل “مرتب” من خزينة المستعمرات على أنه وضعت خطة جديدة وأوكل إلى الشيخ محمد بن عبد الوهاب لتنفيذها وهي تتضمن تكفير كل المسلمين وإباحة قتلهم وسلب أموالهم وهدم الكعبة وخلع طاعة الخليفة وهدم القباب والأضرحة والأماكن المقدسة عند المسلمين ونشر الفوضى في البلاد بالإضافة إلى العمل على نشر “قرآن” فيه التعديل الذي ثبت في الأحاديث من زيادة ونقصان …
(سيرياهوم نيوز-13-10-2022)