آخر الأخبار
الرئيسية » ثقافة وفن » من هم الكتّاب الروس الأشهر اليوم؟ ولماذا؟

من هم الكتّاب الروس الأشهر اليوم؟ ولماذا؟

عماد الدين رائف

إذا سئلنا عن الأدب الروسي يحضر إلى أذهاننا تولستوي ودوستويفسكي وغيرهما من جيل الأدب الكلاسيكي. لكن ماذا تعرفون عن أدباء روسيا الجدد؟

 

للوهلة الأولى، يلمس الباحث أنّ الساحة الأدبية الروسية ليست أفضل حالاً من نظيرتها العربية، بعد 30 عاماً على انهيار الاتحاد السوفياتي، واعتماد سياسة تسليع الكتاب، حيث تلتهم دور النشر الكبيرة المتمركزة في العاصمة موسكو تلك الصغيرة المتناثرة في المدى الروسي، ولكلِّ دار كبيرة “نُقّاد” جاهزون غبّ الطلب لكيل المدائح لمنتجاتها.

 

كما أنّ الجوائز الأدبية الروسية كذلك ليست أفضل مما هي في العالم العربي، إذ إنّها تفتح الباب غالباً أمام بعض الأسماء لاعتبارات ليست أدبية مرتبطة بجودة النص، واكتمال عناصر النوع الأدبي المصبوب فيه.

 

فكيف تكون الغربلة ممكنة، ومن ثم التقييم وتقديم الكُتّاب الأفضل في الاتحاد الروسي اليوم؟ ذلك متعذِّرٌ، أما المقدور عليه فهو استبدال وصف “الأفضل” بـ”الأشهر”، لأنّ الشهرة صناعة، يمكن لماكينات متخصِّصة أن تقوم بها، من دون أن يعني ذلك الانتقاص من قيمة ما يكتبه الكُتّاب المشهورون. وكما كانت الحال في الزمن السوفياتي، حين كان يجري حجب الكثير من الكُتّاب لأسباب سياسية، فإنّ الكثير من كُتّاب اليوم لا تصل أعمالهم إلى دائرة الضوء، لكن لأسباب تجارية.

 

يُطبع في الاتحاد الروسي نحو 100 ألف كتاب سنوياً، ويظهر عشرات المؤلفين الجدد الذين لم يُسمع بهم سابقاً. وتتولى دور النشر، ثم الجمعيات الأدبية والثقافية عمليات الترويج للمؤلفين، ويفوز الأقوى مادياً والأكثر خبرة في إيصال منتجه (الكاتب والكتاب معاً) إلى العلن، أو إلى عالم الأضواء.

 

ولما كان لكلِّ فعل ردّ فعل معاكس في الاتجاه ومساوٍ في القوة، يحصل المنتج الأقوى على أكبر الجوائز الأدبية الروسية، وذلك يعتمد تحديداً على احتلال المنتج المرتبة الأولى في مبيعات المكتبات لعددٍ من الشهور. وهكذا يُدلي النُقّاد بدلائهم، ويتحدّث الكُتّاب المشهورون (أي الواصلون سابقاً بالطريقة نفسها) عن الكاتب والكتاب بإطراء، وتدخل الكتب في قائمة الحياة الثقافية في البلاد.

 

يمكننا ذِكر 5 أسماء من بين أشهر الكتّاب الحاليين في روسيا، اعتنى بتقديمهم موقع “كولتورا” التابع لوزارة الثقافة الروسية، هم: فاليري زالوتوخا، غوزيل ياخينا، يفغيني فودلازكين، أليسا غانييفا، سيرغي بيلياكوف. ينضمّ إليهم كل عام عدد قليل من الأسماء ممن ينالون الجوائز الأدبية.

 

فاليري زالوتوخا

هو اسم معروف في عالم السينما الروسية، فقد كتب سيناريوهات عدد من الأفلام السينمائية والتلفزيونية الوثائقية.

 

أُدرِجت قصته “الشيوعي الأخير” في القائمة النهائية لجائزة “بوكر” الروسية لعام 2000. ثم اختفى نتاجه الأدبي لنحو 14 عاماً، قضى 12 منها يكتب روايته “الشموع”، التي أبصرت النور في 1700 صفحة، توزّعت على مُجلَّدَين. شكّلت هذه الرواية صدمة في الأوساط الأدبية التي اعتادت النصوص النثرية القصيرة، التي تُطبع في كتب صغيرة يحملها الناس في جيوب معاطفهم. كما أنّ موضوع الرواية حساس، وهو حقبة التسعينيات الصعبة في روسيا، على الرغم من أن النص يخلو من أي إشارة إلى التاريخ، وهو أمر نادر أيضاً في النثر الروسي الحديث.

 

لم يلاحظ النُّقّاد الرواية في البداية، واقتصر الأمر على زملاء زالوتوخا، الذين اعتبروها محاولة لخلق رواية روسية عظيمة، على غرار روايات الأدبين السوفياتي والمهجري الروسي. إلا أنّ الرواية ما لبثت أن شكّلت تحدّياً جدّيّاً أمام النُّقّاد، فقد أخذ الكاتب على عاتقه تأليف كتاب كامل عن حقبة تاريخية محددة محاوِلاً طيّها، وهي مهمة جسيمة. فكان أن حصل على جائزة “الكتاب الكبير” للرواية، في شهر كانون الأول/ ديسمبر من العام 2015. إلا أنّه لم يتمكّن من تسلم الجائزة بنفسه، إذ توفّي في شباط/ فبراير من العام نفسه.

 

غوزيل ياخينا

كان ظهورها على الساحة الأدبية سريعاً، فقد كتبت روايتها “زليخة تفتح عينيها” (الترجمة العربية للزميل الراحل فؤاد المرعي، بيروت: الدار العربية للعلوم ناشرون) أول الأمر كسيناريو فيلم، تتناول فيه قصة معاناة التتار في ثلاثينيات القرن العشرين، إلا أنّ صناعة السينما لم تهتمّ بنصّها، فقامت بتحويله إلى رواية.

 

نشرت ياخينا النص على صفحات مجلة “سيبيرسكي أوغني”. اطّلعت على النص الكاتبة لودميلا أوليتسكايا، الحائزة جائزة “بوكر” الروسية سنة 2001، فأعجبها، وأوصت به ناشرها، وقالت: “تشتمل الرواية على صفات الأدب الحقيقي الرئيسة. إنّها تلامس القلب مباشرة. تدور قصتها حول الشخصية الرئيسة، وهي امرأة من الفلاحين التتار الذين تعرّضوا للترهيب. تتنفس الرواية الأصالة وسحر الكلمة، وذلك لم يكن شائعاً في العقود الأخيرة، في خضمّ تيار ضخم من النثر الحديث”. وقد شكلت هذه العبارات جزءاً من مقدمة الكتاب.

 

حصلت رواية ياخينا على جائزة “الكتاب الكبير” وجائزة “ياسنايا بوليانا” عام 2015، فتُرجِمت إلى 20 لغة حول العالم، وبقيت في قائمة أكثر الكتب مبيعاً مدة طويلة. ثم تلقّت بعد ذلك جرعة انتشار إضافية مع ظهورها على شاشة القناة الروسية الحكومية الأولى، في مسلسل تلفزيوني من 8 حلقات، أخرجه يغور أناشكين سنة 2020.

 

يفغيني فودولازكين

يبدو أستاذ الأدب الروسي القديم، يفغيني فودولازكين، أكثر إقناعاً من غيره بين الكُتّاب الحاليين، فهو باحث في “بيت بوشكين” في مدينة سان بطرسبورغ، ويظهر بصورة المثقف الحقيقي في العاصمة الشمالية، خاصة في المحاضرات والمؤتمرات والملتقيات الثقافية. ويُعتبر اليوم أحد أبرز الكُتّاب في الأدب الروسي الحديث، ومن أكثرهم شهرة، إذ يندر أن يخلو متجر لبيع الكتب من نسخ من رواية “لافرا” (لاوروس) لفودولازكين، على الرغم من مرور 10 سنوات على صدورها.

 

في عام 2012، انطلق يفغيني فودولازكين في الأدب من خلال هذه الرواية، التي حصلت في العام التالي على جائزتين من أهم الجوائز الروسية، هما “الكتاب الكبير” و”ياسنايا بوليانا”.

 

وفي غضون عامين انتقلت شهرته إلى أوروبا. تُرجمت رواية “لافرا” إلى أكثر من 20 لغة (الترجمة العربية بقلم الزميل تحسين رزاق عزيز، دار المدى).

 

لم تكن هذه الرواية أولى روايات فودولازكين، إلا أنّها كانت المفتاح إلى الشهرة، وهي ذات قصة متينة مسبوكة بلغة أنيقة وذات أسلوب خاص، تحكي عن طبيب شعبي قديم، تتشابك فيها حبكات تاريخية مختلفة. كرّت سبّحة إنتاج فودولازكين، إلى أن عُيِّن عضواً في “المجلس الرئاسي الروسي للثقافة والفنون” سنة 2018، وفي العام التالي بات عضواً في “المجلس العام للجنة الثقافة” في مجلس الدوما الروسي.

 

أليسا غانييفا

ظهرت أليسا غانييفا للمرة الأولى سنة 2010، من خلال قصة “سلام عليك يا دالغات”. حاز كتابها هذا “جائزة الشباب” (“دبيوت” – الجائزة الأدبية المستقلة)، ورُشِّح إلى جائزة “النثر الكبير”، وقدّم فيه النُّقّاد مراجعات إيجابية. غانييفا من القومية الأفارية (داغستان)، وقد اكتشفت اهتمام الشباب بثقافة القوقاز عامة، وداغستان خاصة. عالجت في إنتاجها خصوصيات التقاليد والعادات المحلية ومسار أوربة داغستان، وحاولت معرفة كيفية اندماج جمهوريات القوقاز في القرن الحادي والعشرين، وما هي الصعوبات التي تواجهها، وما هو المقبول والمرفوض من التحديث.

 

في هذا الإطار نشرت سنة 2012 رواية “عيد الجبل”، التي وصلت إلى القائمة القصيرة لجائزة “ياسنايا بوليانا”، ثم “العريس والعروس” سنة 2015، التي وصلت إلى القائمة النهائية لجائزة “بوكر” الروسية. ومعظم ما تكتبه في فن القصة والرواية مخصَّص لموضوع القوقاز. تُرجِمت روايات غانييفنا على لغات أوروبية مختلفة.

 

سيرغي بيلياكوف

ذُكِر اسم المحرر الأدبي والباحث في التاريخ، سيرغي بيلياكوف، للمرة الأولى في الأوساط الأدبية سنة 2013، ثم حصل على جائزة “الكتاب الكبير” لأبحاثه في فنّ السيرة الواقعية، عن كتابه “غوميلوف ابن غوميلوف”. يتناول هذا الكتاب سيرة المؤرخ والمستشرق الشهير، ليف نيقولايفيتش غوميلوف، ابن الشاعرين العظيمين من العصر الفضي آنا أخماتوفا ونيقولاي غوميلوف.

 

والسيرة متشابكة مع تاريخ القرن العشرين في روسيا السوفياتية. الكتاب الثاني لسيرغي بلياكوف، حبكه على خط تماس بين الأدب والتاريخ، تحت عنوان “ظل مازيبا”، عن هيتمان زابوروجيه إيفان ستيبانوفيتش مازيبا (1639-1709)، الذي اشتُهِر بأنّه راعي الفنون، ويتناول الكتاب أوكرانيا في عهد الكاتب نيقولاي غوغول.

 

من الجدير بالذكر أنّ الجوائز الأدبية ليست حِكراً على فنَّي القصة والرواية، وليست تلك المرة الأولى التي يُحرز فيها كتاب غير خيالي السبق. ففي عام 2005، حصل ديمتري بيكوف على جائزة “الكتاب الكبير”، عن سيرة الروائي بوريس باسترناك، وحصل ليونيد يوزيفوفيتش على الجائزة سنة 2016، عن كتابه المخصص للحرب الأهلية. وقد لعب تقديم جائزة “نوبل” في الأدب للكاتبة البيلاروسية سفيتلانا ألكسيفيتش، التي تعمل في نوع النثر الوثائقي، دوراً كبيراً في تعزُّز مكانة هذا النوع في الجوائز، على الرغم من أنّ جائزة “نوبل” تُقدَّم لدوافع سياسية، لا تصبُّ عادةً في مصلحة الاتحاد الروسي.

 

سيرياهوم نيوز1-الميادين

x

‎قد يُعجبك أيضاً

أيقونة الغناء العربي فيروز تحتفي بعيد ميلادها التسعين

احتفلت أيقونة الغناء العربي فيروز بعيد ميلادها التسعين الخميس، في وقت يشهد بلدها لبنان الذي خلّدت ذكره في أعمالها حربا شعواء بين حزب الله وإسرائيل. ...