د. صالح القزويني
رغم اعتقاد البعض ان الانتخابات الإيرانية لن تقدم ولن تأخر شيئا في إيران، وأن السياسات الإيرانية هي هي لن تغيرها الانتخابات؛ فلا زلت أعتقد أن الانتخابات تترك تأثيرا أحيانا كبيرا على سياسات البلاد وخاصة الخارجية، بل أن مجرد معرفة التيار الذي يدعم الرئيس الإيراني القادم يمكننا أن نعرف ملامح سياسات البلاد على مدى السنوات الأربع القادمة.
مع الكم الهائل للذين تقدموا للترشح للانتخابات الرئاسية الإيرانية المقرر إجراءها في الثامن والعشرين من الشهر الجاري (80 مرشحا)، أصبح التكهن بالذين سيرسى عليهم التنافس في نهاية المطاف معقدا، فما بالكم بالتكهن بالرئيس الإيراني القادم.
وتعقد المشهد الانتخابي بشكل كبير مع تقدم الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد وكذلك رئيس البرلمان الحالي محمد باقر قاليباف للترشح للانتخابات، وطرحت وكالة تسنيم المقربة من حرس الثورة الإسلامية في إيران السؤال التالي بعد تقدم أحمدي نجاد للترشح، “إذا كان أحمدي نجاد يعلم ان مجلس صيانة الدستور لن يسمح له بخوض الانتخابات فلماذا رشح نفسه”، وأجابت الوكالة على السؤال بالقول، ليوحي بطريقة غير مباشرة للشعب الإيراني بإن مجلس صيانة الدستور لا يؤمن ولا يطبق مبادئ الثورة، هذا من جهة ومن جهة أخرى ليشتت أصوات التيار الأصولي وتتوزع على عدة أشخاص وليس لشخص واحد.
وبغض النظر عما تقوله تسنيم أو الأوساط ووسائل إعلام إيرانية أخرى، فالعرف السائد خلال الانتخابات السابقة إن الرئيس الذي حكم البلاد لدورة أو دورتين انتخابيتين لن يسمح له بخوض انتخابات رئاسية أخرى، طبعا هذه ليست مادة دستورية أو قرارا أو غير ذلك، ولكن لو اعتبرنا أن الرئيس الذي تولى شؤون البلاد لأربع أو ثمان سنوات ولم يقدم انجازا أو انه كان سببا في تراكم المشاكل سواء كانت السياسية أو الاتقاصدية أو الاجتماعية، فمالداعي لترشحه مرة أخرى؟ عندها سيكون منعه من خوض الانتخابات مبررا.
من المفترض ان يعلن مجلس صيانة الدستور (وهو الذي يقوم بمهمة المحكمة الدستورية في بعض البلدان)، بعد نحو أسبوع وبالتحديد في اليوم الثاني عشر من الشهر الجاري عن أسماء المرشحين الذين يحق لهم خوض الانتخابات ليبدأوا حملتهم الاعلامية، ووفقا للتجارب السابقة فإن عملية خوض الانتخابات ترسوا على 15 مرشحا على أعلى حد، مما يعني أن مجلس الصيانة سيقوم بعملية شطب واسعة للذين رشحوا أنفسهم لخوضها، الأمر الذي سيحدث بلبلة كبيرة خاصة إذا طالت عملية الشطب شخصيات بارزة كأحمدي نجاد.
على الرغم من أن التنافس سيقع بين عشرة إلى خمسة عشرة مرشحا فانه لو لم يسمح لأحمدي نجاد بخوض الانتخابات فان التنافس الحقيقي سيقع بين ثلاثة مرشحين رئيسيين، وهم سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني سعيد جليلي ورئيس البرلمان السابق علي لاريجاني ورئيس البرلمان الحالي محمد باقر قاليباف، ومع أن الثلاثة ينتمون الى التيار المحافظ، إلا أن جليلي يمثل أقصى اليمين وقاليباف وسط ولاريجاني يمثل التيار المعتدل في التيار المحافظ.
وهنا تجدر الاشارة إلى أن موقف التيار الإصلاحي سيكون بمثابة بيضة القبان في هذا التنافس وحسم الأمور، وحتى الآن لم يحسم التيار موقفه من المشاركة في الانتخابات بل أن موقفه إلى المقاطعة أقرب منه إلى المشاركة، ربما السبب في ذلك يعود إلى انه ينتظر المرشحين الذين سيسمح مجلس الصيانة لهم بخوض الانتخابات فإذا سمح لشخص إصلاحي صرف فانه يعلن دعمه وتأييده له، وربما يلتزم الصمت حتى نهاية العملية الانتخابية.
وعلى الرغم من وجود مرشحين صرف إصلاحيين إلا أن التيار الإصلاحي لا يستطيع الاعلان بشكل رسمي عن دعمه وتأييده لهم، لأن مرشحيه ليسوا أقوياء بما يكفي لاكتساح الانتخابات ولا يتمتعون بالكاريزما، وبالتالي فان هزيمتهم يعني هزيمة للتيار، وهذا ما لايريده.
يبقى أن نقول إن لاريجاني هو أحلى خيار للتيار الإصلاحي ولكنه في نفس الوقت مر، فلاريجاني أحد المرشحين الأقوياء وأفكاره وسلوكياته ومواقفه قريبة جدا من التيار الإصلاحي، ولكنه في نفس الوقت لا يعتبره الاصلاحيون إصلاحيا.
من هنا فإن القوى الإصلاحية لو أعلنت دعمها بشكل رسمي للاريجاني فانه حظوظه بالفوز في الانتخابات كبيرة جدا، وبالتالي سيكون بيضة القبان في الانتخابات، ولو لم يعلن التيار الإسلاحي دعمه للاريجاني أو أعلن تأييده لمرشح أو قاطع الانتخابات، فإن جمهور التيار المبدئي أو المحافظ لن يختار لاريجاني على قاليباف أو جليلي.
كما أن أنصار أحمدي نجاد سيشنون حملة شعواء ضد لاريجاني حال
لم يسمح مجلس الصيانة له بخوض الانتخابات وسمح لاريجاني بخوضها.
سيرياهوم نيوز 2_راي اليوم