آخر الأخبار
الرئيسية » يومياً ... 100% » من يتذكر نزار عيون السود؟

من يتذكر نزار عيون السود؟

 

 

علي عبود

 

 

بتنا على قناعة تامة أن سورية لاتحترم مفكريها ومبديعها ولا حتى نوابغها من العلماء الذين لم يكتسبوا شهرتهم في العالم إلا بعد مغادرتها والعيش خارج أسوارها!

تابعت مؤخرا برنامجا إذاعيا مميزا حول دور المترجمين العرب بنشر الأدب الروسي في الوطن العربي، وتأثر الكثير من الأدباء العرب بهذه الترجمات التي بفضلها تعرّف القراء والنقاد على روائع الأدب الروسي!

ومن الملفت جدا أن يكون من أبرز المترجمين العرب للأدب الروسي الكاتب والمترجم السوري الدكتور نزار عيون السود، وأجزم إن قلة من السوريين فقط تعرف أو تتذكّر هذا الكاتب والمترجم المبدع، مثل غيره الذين أهملتهم الحكومات السورية المتعاقبة منذ ستينات القرن الماضي.

ولا تكمن أهمية الدكتور عيون السود بترجمة مؤلف أو إثنين أو بضعة مؤلفات عن الروسية فقط، بل لأن ترجماته وصلت إلى مالايقل عن 50 كتابا، ماجعله في طليعة من ساهم بالتعريف بالأدب الروسي في الوطن العربي، وكل من ينطق بالعربية.

وعلى الرغم من أهمية دور كاتبنا السوري فإننا نسأل: من يتذكر اليوم الدكتور عيون السود الذي توفي في 2/2/2023 عن عمر ناهز 78 عاما بعد مسيرة استمرت حوالي خمسة عقود ترجم خلالها 50 كتابا؟

صحيح أن وزارة الثقافة نعت الكاتب السوري، لكنها لم تقم بتكريمه من خلال إقامة ندوات أو إصدار منشورات للتعريف بإنجازاته وبدوره المميز بترجمة روائع الأدب الروسي إلى العربية.

ولمن لايعرف فإن عيون السود من مواليد حمص سنة 1945، تلقّى تعليمه الجامعي في المعهد العالي للثقافة في لينينغراد، وحصل على الماجستير في العلوم التربوية سنة 1970، كما حاز على شهادة الدكتوراه في علم النفس الاجتماعي من الاتحاد السوفييتي عام 1983، وشغل منصب مستشار ثقافي في الهيئة العامة السورية للكتاب في وزارة الثقافة لمدة 5 سنوات، كما عمل مدرساً في كلية التربية بجامعة دمشق وجامعات عربية أخرى.

وقد مارس عيون السود الترجمة بصورة منهجية علمية، وجعل منها هوايته المفضلة منذ عام 1973، حيث بلغ عدد الكتب التي ترجمها 50 كتاباً، كما أتقن اللغتين الفرنسية والروسية، ونشر العديد من الكتب والدراسات والبحوث والمقالات المترجمة في دور النشر والصحف والمجلات الأدبية والثقافية السورية والعربية، في مجالات الفلسفة والتربية وعلم النفس والأدب والمسرح، وأشرف على العديد من رسائل الماجستير والدكتوراه.

ورغم كل ذلك لم تقم أيّ حكومة سورية، من خلال وزارتي الثقافة والتعليم العالي، بتكريمه أو منحه أي جائزة أو وسام، والسؤال المحيّر: لماذا؟

أليس مستغربا أن ينال الدكتور نزار عيون السود جائزة في قطر وليس في سورية؟

نعم، نال عيون السود جائزة للترجمة والتفاهم الدولي في الدوحة عام 2019 عن كتاب “ليس للحرب وجه أنثوي”، للكاتبة البيلاروسية الفائزة بجائزة “نوبل للأدب” في العام 2015، “سفيتلانا ألك سييفيتش”، كما ترجم للكاتبة ذاتها كتاب “زمن مستعمل – نهاية الإنسان الأحمر”.

وقد بدأ عيون السود مسيرة الترجمة منذ كان طالبا في المرحلة الثانوية فترجم قصيدة بعنوان (من أجلك ياحبي) للشاعر الفرنسي جاك بريفيير ومشرها في مجلة الخمائل عام 1962.

وبعد حصوله على الدكتوراة من جامعة لينينغراد في علم النفس الإجتماعي ترجم كتاب (نقد علم الإجتماع البرجوازي المعاصر) الشهير للكاتب سي.ي.بوبوف.

وصدرت لعيون السود بعدها مجموعة كبيرة من الترجمات أبرزها: (الإشتراكية والنزعة الإنسانية) عام 1974 و(دراسات في الأدب والمسرح) 1976 وعلم النفس الإجتماعي وقضايا الإعلام والدعاية) 1978

و(دوستوفيسكي: دراسات في أدبه وفكره) 1979 و(مذهب التحليل النفسي والفلسفة الفرويدية الجديدة) 1981 و(علم نفس المعركة الحديثة) 1987 و(التنويم المغناطيسي) 1996 و(الإيروس ـ فلسفة الحب والفن الأوروبي) 2010 و(سيكولوجية العلاقات الأسرية) 2016.

ومن ترجماته في الأدب: مسرحية (الخالدون) لـ فيكتور روزوف 1989، و(الحريق) لـ فالنتين راسبوتين (1989)، و(اللعبة) لـ يوري بونداريف 1990، و(ليس للحرب وجه أنثوي) 2016 لـ سفيتلانا ألكسييفيتش، والذي نال عنه “جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي” عام 2019، و(زمن مستعمل – نهاية الإنسان الأحمر) (2018) لـ سفيتلانا ألكسييفيتش، و(الدبدوب المخطّط) لـ ناستيا كوفالنكوفا، و(السباحة حتى المغارة) لـ تامارا ميخييفا 2020) ..الخ.

الخلاصة: سورية التي لم تهتم بتكريم مبدعيها العالميين إلا بالحدود مادون الدنيا كأدونيس ونزار قباني والماغوط وبدوي الجبل..الخ ، (في حين لم تُقصّر بتكريم المطربين والمذيعين)، من الطبيعي والمتوقع أن تهمل كل المبدعين من أمثال الدكتور الكاتب والمترجم المتميز نزار عيون السود.

(موقع اخبار سوريا الوطن-1)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

لن تكون ذاتك حتى تخرج من جبة غيرك

    سمير حماد     1 أنت حرّ في أن تؤمن بالحجر, نعم, وهذا حقّك, ولكنك لست حرّاً على الإطلاق في أن ترجمني به.. ...