ياسر حمزه
أصدرت وزارة التجارة الداخلية قراراً يقضي برفع أسعار الإسمنت الذي تنتجه معامل وزارة الصناعة، سواء كان معبأ أو فرطاً، حيث أصبح سعر مبيع طن الإسمنت للمستهلك 397,760 ليرة، أما الإسمنت الفرط فقد حدد سعر مبيعه بـ341,030 ليرة للطن الواحد. تعتبر هذه الزيادة الرابعة على أسعار الإسمنت خلال فترة لا تتجاوز العام والنصف، ويأتي قرار الرفع وسط جملة من المبررات، منها ارتفاع تكاليف إنتاج الإسمنت الناتج بسبب الارتفاع الكبير لأسعار حوامل الطاقة، والتقنين الكهربائي الذي تبرره المؤسسات المعنية بسبب نقص كميات الغاز المتوفرة لتشغيل محطات الكهرباء، بالإضافة إلى الحصار والعقوبات، وعدم كفاية مخصصات القطاع الصناعي من المحروقات المدعومة، الأمر الذي يضطرهم لشراء المحروقات من السوق السوداء بأسعارها المرتفعة. إن الرفع الرسمي والمتوالي لأسعار الإسمنت والحديد شجع تجار الأزمات على رفعها بشكل فاحش، فقد وصل سعر طن الإسمنت عبر الأسواق السوداء إلى 700 ألف ليرة و سوف يؤدي ذلك إلى رفع أسعار العقارات المرتفعة أصلاً، ويجعل تجار العقارات يعيدون حساب تكاليفهم وفقاً لكل زيادة على سعر أي مكون من مكونات البناء، مع إضافة أرباحهم الفاحشة، وكذلك ارتفعت بدلات الإيجار التي مازالت في صعود مستمر حتى عجز المواطن عن تأمين غرفة للإيجار لأسرته في أي مكان ريفاً ومدينةً. والأهم أن هذه الارتفاعات المتوالية وبفترات زمنية متقاربة جداً لأسعار الإسمنت والحديد ستؤدي إلى مزيد من الشلل في حركة البناء وإعادة الإعمار وخاصة في المناطق المحررة من الإرهاب، مع الأخذ بالحسبان ارتفاع أسعار بقية مواد البناء خلال السنوات الماضية، وكذلك أجور اليد العاملة بمجالات البناء والإكساء. والنتيجة أن الكثير من المواطنين لن يستطيعوا إكمال عمليات الترميم التي يقومون بها، وبالتالي لن يستطيعوا العودة إلى بيوتهم، ولن يستطيعوا الاستقرار في البيوت التي استأجروها أيضاً بسبب مطالبتهم بزيادة بدلات الإيجار. وآثار رفع سعر الإسمنت لن تقتصر على جانب إعادة الإعمار فقط، بل سيكون لها منعكسات اجتماعية خطيرة، فبعد هذا القرار لا يمكن لشاب أن يفكر بالزواج لعدم قدرته على تأمين منزل سواء ملكاً أو إيجاراً أو حتى غرفة صغيرة. والسؤال الذي يفرض نفسه، إذا كانت الحجج والمسوغات محصورة في الأزمة الأوكرانية التي أدت إلى إرتفاع سعر المحروقات عالمياً، وما تلاه من ارتفاعات في أجور النقل، مما أدى بدوره إلى انعكاس المشكلة على واقع تكاليف إنتاج الحديد والإسمنت عالمياً، فلماذا هذا الفارق الكبير في أسعار الإسمنت بين السوق السورية والأسواق المجاورة؟!. وإلى متى سيتم تبرير الأزمات التي نعيشها بحجج كثيرة باتت شماعة تعلق عليها عمليات الفساد؟. إن مثل هذه القرارات تحمل المواطن أعباء مالية لا تطاق فوق أعبائه الأخرى، لذلك يجب أن تأخذ حظها من الدراسة والتمحيص، وبحث آثارها الجانبية كافة قبل إصدارها.
(سيرياهوم نيوز6-الثورة20-5-2022)