آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » من يقفل بوابات الدم؟!

من يقفل بوابات الدم؟!

 

نبيه البرجي

 

لدى تشكيل القيادة العربية الموحدة، بقرار من القمة العربية عام 1964، وبقيادة الفريق علي علي عامر، أقيمت محطة رادارية على قمة الباروك، بامكانها تغطية المنطقة الممتدة من مضيق الدردنيل وحتى قناة السويس

 

وفي الفترة التي أعقبت حرب تموز 2006، تسربت مقتطفات من دراسة استراتيجية أعدها أحد مراكز البحث في «اسرائيل» حول الخطة العسكرية المستقبلية لاحتواء حزب الله، وهي تلحظ تنفيذ عمليات انزال على القمم اللبنانية، اما للحؤول دون الحزب وانشاء قواعد صاروخية عليها، أو لأن التمركز التكتيكي فيها يمكّن الجيش «الاسرائيلي» من «القبض» على كامل الخريطة اللبنانية.

 

وفي المقتطفات اياها أن القمم اللبنانية هي، على المستوى الاستراتيجي، الأكثر أهمية في الشرق الأوسط، ويمكن أن تضطلع بدور فاعل في ادارة المعارك، دون أن تكون هناك حاجة لا للأقمار الصناعية، ولا للطائرات الرادارية (آواكس) التي ابتاعت دول اقليمية نماذج منها.

في هذه الحال، من الطبيعي أن تكون بعض القمم ذات المواقع الحساسة، تحت الاشراف المباشر للجيش الذي باستطاعته تنظيم عمليات الافادة من الموارد المائية، أو أي موارد أخرى، لا أن تكون حلبة للنزاع أو للصراع بين بلدتين أو بين طائفتين، ومع اعتبار الأهمية الاستراتيجية القصوى للقرنة السوداء في اطلالتها على كل خارطة الغاز في شرق (وجنوب) البحر المتزسط.

 

 

هذا على القمم. ماذا على الأرض، وحيث لاحظنا مدى هشاشة العلاقات بين الطوائف ؟ خلاف عقاري أو مائي تقليدي، يستدعي استنفار المرجعيات السياسية والروحية للحيلولة دون وقوع صدام بين الموارنة والسنّة. وحادث سير في منطقة راشيا كاد يفضي الى فتنة سنية ـ درزية !!

 

هنا يظهر البعض برؤوس وألسنة الأفاعي. هذا البعض الذي نجح في تحويل أو تشويه صورة حزب الله ليبدو كحالة طائفية، لا كحركة مقاومة. واذ عارض الكثيرون من «البيئة الحاضنة» الانخراط في اللعبة السياسية بكل تبعاتها وبكل موبقاتها، لاحظنا كيف يُتهم الحزب بالسعي الى السيطرة على كل المواقع الهامة، الى حد تغيير البنية السياسية والدستورية للدولة، وفق رؤيته أو وفق مفهومه الايديولوجي للسلطة.

 

هنا الخراب الكبير الذي يتعدى بتداعياته الأبوكاليبتية أي خراب آخر. كل الطوائف ضد بعضها البعض، وتكره بعضها البعض، دون الرغبة في بلورة بوتقة واحدة، ما يجعل البلاد رهينة التقاطعات او التناقضات الاقليمية والدولية، مع الانتفاء الكامل للمعنى الفلسفي، أو حتى الواقعي بحدوده الدنيا للسيادة. هذا ما بيّنه الوزير البريطاني و. طومسون عام 1860 في مؤلفه The land and the book..

 

أليست هذه النتيجة المنطقية والجدلية لسياسات الاستقطاب التي انتهجها ملوك الطوائف منذ وثيقة الطائف عام 1989 ؟ كل طائفة دون استثناء هي أقوى من الدولة. الآن، ولبنان في حالة «اللادولة»، يطل من كهوفهم أصحاب الأسنان الطويلة، والسكاكين الطويلة، ليدعوا الى الفديرالية، وهم الذين يعلمون أن اقامة كانتونات طائفية، لا تعني فقط اضرام الحرب الأبدية بين الطوائف، بل وايضاً تفجير الطوائف من الداخل.

 

على كل هناك مَن يرى ان الخروج من المأزق يحتاج الى هزة أمنية، أو الى هزة دموية. ولكن من تراه يستطيع، وقد بلغنا ذلك المستوى من الهشاشة، أن يقفل أبواب الدم اذا فتحت هذه الأبواب؟

 

لا أحد على الاطلاق، ولا ندري الى ماذا يستند القائلون بذلك أو العاملون لذلك. ها أن الفرنسيين الذين يحاولون (ربما من أجل مصالحهم ) ايجاد حل للأزمة، يذكّروننا بأن فصل الدين عن الدولة في بلادهم، لم يتم بقانون 1905 وانما بوثيقة حقوق الانسان عام 1789، أي عام الثورة.

فصل الدين عن الدولة، أو فصل الدولة عن الدين، بعد تلك السلسلة الطويلة من التجارب المريرة، ضرورة وجودية لبلد لا يمكن أن يبقى داخل تلك الدوامة الطائفية القاتلة.

 

 

من تلك النقطة، يظهر الانسان ـ المواطن، والدولة ـ المواطنة، لا الانسان ـ الصومعة، ولا الدولة ـ الخندق!

(سيرياهوم نيوز1-الديار)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

ليلة وقف النار… ليلة القدر

    نبيه البرجي   ايلون ماسك، الرجل الذي قد نراه قريباً يختال على سطح المريخ، هدد الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو بـاحراق شاربيه من الفضاء. ...