آخر الأخبار
الرئيسية » العلوم و التكنولوجيا » من يملك البيانات يملك القرار؟ المعركة الخفيّة بين سيادة الدول وهيمنة الشركات في زمن الاقتصاد الرقمي

من يملك البيانات يملك القرار؟ المعركة الخفيّة بين سيادة الدول وهيمنة الشركات في زمن الاقتصاد الرقمي

السؤال الحاسم: هل يمكن لدولة أن تحكم شعبًا لا تملك بياناته؟

في عالم لم تعد فيه القوة تُقاس بعدد الجنود أو حجم النفط، بل بكمية البيانات وسرعة تحليلها، تبرز معركة جديدة، غير مرئية، لكنها حاسمة: من يملك البيانات… يملك القرار.

هذه ليست مجرّد جملة رمزية. بل هي الواقع الجديد لعلاقات القوة بين الدول، الشركات، والمواطنين.
البيانات اليوم هي الثروة الأكثر تأثيرًا في السياسات الاقتصادية، الصحة العامة، الأمن القومي، وحتى سلوك الأفراد. ولكن من يتحكم فعليًا في هذه الثروة؟ ومن يضع قواعد استخدامها؟ وهل الدول الضعيفة والمتأخرة رقمياً تملك حقّ السيادة الرقمية أصلًا؟

المعركة تغيّرت: من الأرض إلى الخوادم
قبل عقود، كانت الدول تتصارع على الأرض والمياه والمعابر. اليوم، تتصارع على الخوادم، البروتوكولات، ومنصات تخزين البيانات. شركة واحدة مثل Meta أو Google تعرف عن شعوب بأكملها أكثر مما تعرفه حكوماتهم.

منصات التجارة تمتلك أنماط الاستهلاك. تطبيقات الصحة تتبع نبض القلب والنوم. والمصارف الرقمية تعرف تفاصيل كل عملية شراء وتحويل.

السؤال الحاسم: هل يمكن لدولة أن تحكم شعبًا لا تملك بياناته؟

السيادة الرقمية: المفهوم الغائب
السيادة الرقمية لا تعني فقط امتلاك الدولة لـ”سيرفرات” محلية أو حجب بعض المواقع.
بل تعني ما يلي:
– من يملك البنية التحتية للإنترنت؟
– من يحدد قوانين تخزين ومعالجة البيانات؟
– من يراقب الذكاء الاصطناعي الذي يتخذ قرارات مصيرية؟
– من يضمن أن بيانات المواطن لا تُباع أو تُستخدم ضده؟

في أغلب الدول النامية، هذه الأسئلة لا تُطرح أصلاً. وفي بعضها، يُستخدم مصطلح “التحول الرقمي” كشعار استهلاكي، بينما تبقى البيانات بأيدي شركات خارجية، أو أسوأ: تُخزن بدون تنظيم أو حماية.

سيطرة الشركات: الخصوصية مقابل الخدمة
العلاقة بين المستخدم والمنصة الرقمية أصبحت صفقة خفية: “أعطني بياناتك… أعطِك خدمة مجانية.” لكن المستخدم لا يعلم كيف تُستخدم هذه البيانات:
– هل تُباع للمعلنين؟
– هل تُحلل لتوجيه الرأي العام؟
– هل تُستخدم لتطوير نماذج ذكاء اصطناعي تفوق البشر؟

أما الدول، فإما شريكة ضمنًا في هذا النظام، أو غائبة عنه تمامًا.

خطر الفجوة الرقمية السيادية
الدول التي لا تطوّر منظومات حوكمة رقمية شفافة وعادلة، ستجد نفسها خارج منظومة القرار الدولي. في المقابل، تظهر نماذج عالمية بدأت تستعيد سيادتها الرقمية:
– أوروبا عبر قوانين GDPR وحماية البيانات الشخصية
– الصين عبر منصات محلية تتحكم بكل المحتوى والبيانات
– الهند من خلال بناء سحابة وطنية ومنصات حكومية واسعة النطاق

بينما تقف دول أخرى – ومن ضمنها معظم دول المنطقة – في موقع المتلقي، أو الأسوأ: المنكشف.

ما المطلوب الآن؟
– إقرار قوانين واضحة لحوكمة البيانات، تُعلي مصلحة المواطن أولاً
– بناء مراكز بيانات وطنية تُدار بشفافية واستقلالية
– إطلاق منصات رقمية ذات سيادة، تخدم المواطن وتحفظ خصوصيته
– التعاون الإقليمي لبناء شبكات بيانات مشتركة تراعي القيم المحلية

القرار لمَن يملك المعرفة
في زمن الذكاء الاصطناعي، لم يعد السؤال فقط: من يملك الأرض؟ بل: من يملك الخوارزمية؟ من يحدد القيم التي تُبرمج بها؟ ومن يضمن أن الإنسان لا يصبح مجرّد “مُدخل بيانات” في نظام لا يملك مفاتيحه؟

المعركة اليوم ليست بين الدول والشركات فقط، بل بين نموذجين للعالم: واحد يُدار من خلال المعرفة والسيادة، وآخر يُقاد من الخارج بصمت. وفي هذا الصراع، الصمت لم يعد خيارًا.

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _النهار اللبنانية
x

‎قد يُعجبك أيضاً

الشّارقة تحتضن منتدى “المرأة في التّكنولوجيا”

  شهدت الإمارات انطلاق فعاليات الدورة السادسة من منتدى المرأة في التكنولوجيا الذي ينظمه مجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار “SPARK” بمشاركة قيادات نسائية بارزة وخبراء ...