انقسمت الصحف الإيرانية في تغطيتها لإعادة فرض العقوبات الأممية، بين من قلل من أهمية هذه العقوبات باعتبارها امتداداً لسياسات قائمة، ومن رأى فيها تحولاً خطيراً يهدد ما تبقى من المسار الدبلوماسي الإيراني.
وبينما اعتبرت بعض المنابر الإعلامية أن المرحلة الراهنة تمثل أحد أخطر المنعطفات في تاريخ السياسة الخارجية لإيران، رأت أخرى أن جذور الأزمة تعود إلى الإدارة الداخلية لا إلى العقوبات في حد ذاتها.
وعنونت صحيفة «شرق» الإصلاحية صفحتها الأولى بـ«موت الاتفاق النووي بتوقيت نيويورك»، مؤكدة أن المرحلة الحالية التي تمر بها الجمهورية الإسلامية «واحدة من أصعب الفترات في تاريخ الدبلوماسية».
وبدورها، انتقدت صحيفة «جمهوري إسلامي» المعتدلة، المسؤولين الذين «يتحدثون من أبراج عالية»، ويدفعون باتجاه التهوين من آثار «سناب باك».
وأشارت الصحيفة إلى أنه «يبدو أن بعض المسؤولين الذين يزعمون أن إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة لا تختلف كثيراً عن العقوبات السابقة، ويؤكدون أنهم اتخذوا الإجراءات الكافية لتقليل آثارها، يتحدثون من واقع مريح لا يشبه معاناة الناس».
وأضافت: «هؤلاء المسؤولون يقيسون الأمور انطلاقاً من نمط حياتهم المرفّه: رواتب ضخمة، وتنقّل مجاني، ورعاية صحية فائقة ومجانية، ومساكن فاخرة أو سكن وظيفي مريح، وحماية أمنية على مدار الساعة، واحترام رسمي واسع، وخدمة شخصية متوفرة. لذلك، فإن أي تقلبات أو أزمات اقتصادية لا تمسّ حياتهم أو حياة أسرهم وأبنائهم بأي شكل من الأشكال».
وألقت الصحيفة التي تؤيد الاتفاق النووي بشدة، باللوم على الرئيس المحافظ المتشدد الأسبق محمود أحمدي نجاد. وقالت إن «العقوبات هي الإرث المشؤوم لحكومة أحمدي نجاد»، في إشارة إلى القرارات الستة التي تم فرضها على إيران بين عامَي 2006 و2010 خلال الولاية الأولى والثانية من حكم أحمدي نجاد.
على خلاف ذلك، انتقدت صحيفة «كيهان» الرسمية حكومة الرئيس السابق حسن روحاني الذي أبرم خلال ولايته الأولى الاتفاق النووي لعام 2015. وهونت صحيفة «كيهان» من العقوبات الأممية.
وقالت «كيهان» التي يسمي رئيس تحريرها المرشدُ الإيراني، إن «إجراء المفاوضات لم يكن ليؤدي إلى رفع العقوبات». وأضافت: «لم تكن العقوبات هي التي أوقفتنا، بل كان التراخي والجمود من قبل بعض المسؤولين والمديرين التنفيذيين هو ما أوصل البلاد إلى طريق مسدود».
ورأت «كيهان» أنه «سواء كانت (آلية الزناد) موجودة أو لا، فإن هذا اليوم مثل كل الأيام في السنوات الـ47 الماضية منذ الثورة الإسلامية هو يوم عادي. ومثل كل هذه الأيام، تُعاقَب إيران بعقوبات من أميركا وحلفائها الأوروبيين بسبب تمسكها بالاستقلال والسعي نحو الحرية».
وأثار التلفزيون الرسمي الإيراني جدلاً بإعادة قراءة مقتطفات من المقال الافتتاحي لصحيفة «كيهان» السبت، والذي وجّه انتقادات لإدارة حسن روحاني. وحذرت الصحيفة في مقالها من أن «خيانة غير مسبوقة تحدث تجعل تدخل الأجهزة الأمنية والقضائية ضرورياً، وهي أن يقوم داعمو ومنكرو (آلية الزناد) المدمرة بتضخيم وتصديق آثار تلك الآلية نفسها، مما يؤدي إلى إثارة الاقتصاد».
وأضافت: «لقد تحول عمل بعض داعمي ومؤيدي (آلية الزناد) المدمرة من خطأ سابق إلى خيانة وبيع للوطن».
صحيفة «آكاه» تلوم المدافعين عن الاتفاق النووي والمفاوضات
صحيفة «آكاه» تلوم المدافعين عن الاتفاق النووي والمفاوضات
وتحت عنوان «صباح الفضيحة»، هاجمت صحيفة «آكاه» التي تصدر عن «منظمة الدعاية الإسلامية»، مسؤولين ونواباً سابقين وشخصيات في التيار الإصلاحي، من بينهم وزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف. واتهمت هؤلاء بـ«تقديم عناوين خاطئة لخوض مفاوضات مع الولايات المتحدة رغم نكث العهود».
في هذا الصدد، أشارت صحيفة «جوان» التابعة لـ«الحرس الثوري» إلى تصاعد الخلافات الداخلية، ووصفتها بـ«المشاجرات الوقحة حول الاتفاق النووي».
وقالت إن «النقاش حول ما إذا كنا تحت العقوبات أم لا هو نقاش عقيم»، مشيرة إلى أن التيارين الإصلاحي والمحافظ «يتنازعان دون جدوى»، وأضافت: «الاتفاق النووي الذي لم يكن موجوداً قَطّ، قد انتهى».
وقالت الصحيفة إن «النتيجة هي أن هذين التيارين اللذين يلقيان اللوم على بعضهما داخلياً بشأن الوضع الحالي للاتفاق النووي، يلجآن إلى قضية الاتفاق النووي والمفاوضات مع الغرب كوسيلة للهروب من الحقيقة القاسية، وهي أنهما خلال فترة مسؤولياتهما لم يتمكنا من حل مشاكل البلاد أو حتى تخفيفها، وكل طرف يحمّل الآخر المسؤولية؛ لأن هذه هي أفضل طريقة للتهرب من المحاسبة عن أدائهما».
وأضافت: «هذان التياران إما لا يتحملان مسؤولية حالية (مثل الرؤساء السابقين والمفاوضين وبعض مستخدمي «إكس» المتحمسين والمهتمين بمصالح آنية)، أو يتحملان مسؤوليات لكن دون سلطة تنفيذية أو قدرة فعلية على التغيير (مثل بعض أعضاء البرلمان). ومع ذلك، تكمن قوتهما الوهمية في خلق جو من التوتر والاضطراب بين الناس الذين يهربون من هذه الأجواء المتوترة، ويبحثون عن كلمات صادقة وإجابات ملموسة لمشاكلهم الاقتصادية والمعيشية».
وسلطت صحيفة «سازندكي» تحت عنوان «الهدف الخفي لآلية الزناد»، الضوء على تداعيات الآلية، وقالت إن «العقوبات الجائرة التي تفرضها الولايات المتحدة والأمم المتحدة… في التأثير المباشر على حياة الشعب الإيراني. لكن ما يثير الغرابة هو ابتهاج بعض السياسيين والمتشددين المحليين بانهيار الاتفاق النووي، وهو ما يُعد دليلاً على فشل المسار الدبلوماسي، ويشكّل في الوقت ذاته سبباً في تفشي الفقر والفساد».
صحيفة «سازندكي» الناطقة باسم فصيل هاشمي رفسنجاني انتقدت تجاهل أثر العقوبات على عامة الشعب
صحيفة «سازندكي» الناطقة باسم فصيل هاشمي رفسنجاني انتقدت تجاهل أثر العقوبات على عامة الشعب
ولفتت الصحيفة إلى أن «خبراء ومحللين حذروا من أن عودة العقوبات ستؤدي إلى تفاقم الفقر وتعزيز اقتصاد ريعي غير شفاف، تستفيد منه قلة مرتبطة بمراكز النفوذ، في حين تتحمل عامة الشعب أعباء التضخم والبطالة».
وأضافت: «عاد الرئيس مسعود بزشكيان من نيويورك إلى طهران دون أي إنجاز يُذكر، في حين كانت (آلية الزناد) قد فُعّلت بالفعل، مما أعاد المجتمع الإيراني إلى دائرة الحصار الاقتصادي من جديد». وأشارت إلى أن «التطور أثار مشاعر الحزن والقلق داخل الشارع الإيراني. غير أن قلة قليلة من الناشطين السياسيين المحافظين، الذين يعتبرون العقوبات نعمة، لم يترددوا في إعلان فرحتهم بهذا الفشل. وقد وصف كثير منهم انهيار الاتفاق النووي بأنه فرصة لإثبات إخفاق سياسة التفاوض».
وخلصت إلى أن «التناقض الصارخ بين فرح بعض التيارات المحافظة بما يسمونه (انتصاراً سياسياً)، وبين المعاناة الحقيقية التي يعيشها الناس، لا يُظهر إلا حجم الهوة العميقة والمتزايدة بين السلطة والشعب».
من جهتها، تطرقت صحيفة «اعتماد» الإصلاحية والمقربة من الرئاسة الإيرانية في عنوانها إلى «إيران في عصر ما بعد آلية الزناد»، ونشرت في هذا الإطار عدداً من الحوارات والمقالات التحليلية. وقالت: «دخلنا رسمياً مرحلة ما بعد (آلية الزناد). ضربة جديدة وُجّهت إلى جسد الدبلوماسية الذي يعاني أصلاً من الوهن».
وحذرت الصحيفة من مخاطر تجدد الحرب مع إسرائيل. وقالت إن إشارات مثل التوجه نحو التخصيب بـ90 في المائة (المطلوبة لتطوير الأسلحة)، أو تعطيل رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالانسحاب من معاهدة «حظر الانتشار»؛ هذه الإشارات «قد تُستخدم ذريعة من قِبل بنيامين نتنياهو لتبرير التصعيد».
أخبار سوريا الوطن١-وكالات-الشرق الأوسط