- محمود عبد اللطيف
- الخميس 17 شباط 2022
دمشق | على رغم تراجُع موجة الاحتجاج الأخيرة في محافظة السويداء، وفشل بعض الأطراف المعارِضة في توظيفها لصالح مطالب سياسية تتجاوز مسألة رفع الدعم عن شرائح من المواطنين، والتي شكّلت الشعار الرئيس لتحرّكات الأيام الماضية، إلّا أن سلطات العدو الإسرائيلي لم تجد بدّاً من الدخول على خطّ الاحتجاجات، لإحياء مطالب قديمة – جديدة، مؤدّاها «فدرلة الجنوب»، وتشكيل «إدارة ذاتية درزية» على حدود فلسطين المحتلّة. وفي هذا السبيل، انتدبت حكومة الاحتلال الرئيس الروحي للطائفة الدرزية في فلسطين، موفق طريف، إلى موسكو لينقل مطالبها، التي لا يبدو أن الروس في وارد طرحها مع دمشق، وإن كان انطلاق اللعب الإسرائيلي العلني بـ«الورقة الدرزية» سيشكّل مادّة رئيسة في الحوار بينهم وبين السوريين
بعدما طلَب، عبر وزارة الخارجية الإسرائيلية، زيارة إلى موسكو للقاء المسؤولين فيها، حطّ الرئيس الروحي للطائفة الدرزية في فلسطين، موفق طريف، في روسيا، حيث اجتمع بمبعوث الرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط ميخائيل بوغدانوف، والمبعوث الرئاسي الروسي الخاص لشؤون التسوية السورية ألكسندر لافرينتييف، وبحث معهما عدّة ملفّات تبدأ من «وضع خاص للطائفة الدرزية في الدستور السوري»، وصولاً إلى فتح «معبر آمن» بين السويداء والأردن بتنسيق ما بين دمشق وعمّان، بحجّة تأمين وصول المساعدات إلى المحافظة لتجاوز الأزمات الاقتصادية وتحسين الوضع المعيشي فيها. كذلك، تحدّث طريف عن ضرورة إنشاء مشروعات تنموية في السويداء، من دون أيّ تفاصيل عن مصدر تمويل مثل هذه المشروعات أو طبيعتها أو الجهة التي ستقوم بتنفيذها.
وعلى رغم أن الروس وعدوا طريف بمناقشة هذه الملفّات مع دمشق، إلّا أن مصادر «الأخبار» تؤكد أن هذا الأمر «لن يتمّ»، وأن ما طالب به الرئيس الروحي لدروز فلسطين «يُعتبر تدخّلاً في شأن داخلي بحجّة الوضعَين الإنساني والاقتصادي». وبحسب المصادر، فإن موسكو تعاملت مع زيارة طريف بجدّية عالية، غير أن ما طلبه منها «لن يُصرف على أرض الواقع، إذ لن تذهب هي إلى طرح إمكانية تنفيذه على دمشق». ومع ذلك، من المتوقّع أن تبدأ الحكومة الروسية الأخذ في الاعتبار أن «الإسرائيليين شرعوا في اللعب علناً بالورقة الدرزية، بالتالي لا بدّ من مناقشة هذه النقطة مع الحكومة السورية لتجنّب تعقيدها من خلال الطروحات التي قد تأتي لاحقاً من الدول الداعمة للمعارضة، أو التي تعمل على تعقيد الملفّ السوري على الأرض، كما هي حال القوات الأميركية التي تنطلق في ممارساتها من وجودها العسكري في شمال شرقي سوريا».
تناول طريف في موسكو مسألة منح «وضع خاص للطائفة الدرزية في الدستور السوري»
من جهتها، تؤكد مصادر في السويداء، لـ«الأخبار»، أن «مشايخ العقل في المحافظة لم يتواصلوا مع طريف بأيّ شكل كان ليتمّ تكليفه بالحديث مع الروس نيابة عنهم، كما أن الأحداث الأخيرة التي شهدتها المحافظة لا تشكّل حجر أساس في المطالبة بدسترة وضع خاص للطائفة دوناً عن بقية المكوّنات الموجودة في المجتمع السوري». وتضيف المصادر أن «دمشق لا يمكن أن تقبل محاولات اللعب على الوتر الإنساني والوضع الاقتصادي في المحافظة، بعدما تعاملت بعقلانية مع الاحتجاجات الأخيرة، ومنعت أيّ احتكاك من قِبَل القوى الأمنية مع المحتجّين»، متابعةً أنه «لا يمكن إيجاد وضع خاص للسويداء بمعزل عن بقيّة المحافظات، بسبب نقص المواد الأساسية وسوء تقديم بعض الخدمات مثل التغذية الكهربائية، وهي أزمة تعمّ سوريا بشكل كامل وأساسها العقوبات المفروضة عليها».
كذلك، تؤكد المصادر أن المرجعية الدينية في المحافظة «ترفض محاولات الصيد في المياه العكرة من قِبَل أيّ طرف خارجي، بما فيها الشخصيات الدينية»، والحديث هنا تحديداً عن رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» في لبنان، وليد جنبلاط، الذي يتّخذ مواقف معادية معلَنة لسوريا، إضافة إلى موفق طريف، الذي يشغل مكانة دينية مهمّة في فلسطين. وتُشدّد على أن مرجعية الدروز في السويداء «لا تجد أن مصلحة دروز سوريا تكمن في أن يكونوا طارحين لأيّ فكرة من شأنها أن تضرّ بمصلحة الدولة السورية، فالحديث عن فدرلة السويداء ممنوع بالمطلق، كما أن البحث عن وضع خاص للدروز يعني أن الطائفة مستضعَفة أو تبحث عمّا يعزلها أو يخلق شرخاً بينها وبين بقيّة السوريين».
ووفقاً للمعلومات التي حصلت عليها «الأخبار»، فإن طريف يلعب «دوراً مفصلياً في تأمين وصول أموال تُستخدم في تسليح الفصائل المشكَّلة من رجال دين في السويداء»، فيما تشير التقديرات في شأن زيارته إلى موسكو إلى كونه يحاول استغلال مسألة المساعدات الإنسانية من أجل الدفع بملفّ «فدرلة السويداء» قُدُماً تحت مسمّى «إدارة ذاتية»، بما يخدم المصلحة الإسرائيلية قبل أيّ شيء، في استنساخٍ لما تعيشه مناطق الشمال الشرقي من سوريا بخضوعها لسطوة «قوات سوريا الديموقراطية»، تحت مسمّى «الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا»، المحميّة بوجود قواعد غير شرعية للقوات الأميركية هناك.
وليست هذه المرّة الأولى التي يحاول فيها طريف، المعيَّن بقرار من حكومة الاحتلال الإسرائيلي في منصب الرئيس الروحي للدروز في فلسطين بدلاً من خاله أمين طريف، التدخّل في الشأن السوري من بوّابة «مصلحة الدروز وحمايتهم». إذ كان قد عرض، خلال شهر أيار من العام الماضي، على الروس، خلال لقائه بالسفير الروسي في إسرائيل، نقل مساعدات من أبناء الطائفة في فلسطين إلى «إخوانهم في سوريا». كما أنه حذّر من «الاعتداء على السويداء» في أيلول 2020، عندما اشتبكت فصائل محلّية من المحافظة مع مجموعات من «اللواء الثامن» التابع لـ«الفيلق الخامس» في الجيش السوري، علماً أن اللواء المذكور مشكَّل من «عناصر التسوية» في محافظة درعا.
(سيرياهوم نيوز-الاخبار اللبنانية)