مالك صقور
منذ أيام قليلة شاهدت المظاهرة الشعبية الحاشدة أمام السفارة الأميركية في عمان عاصمة الأردن.. وكانت حشود الجماهير الشعبية الغاضبة تهتف بملئ الحناجر. :” هيي، هيي، هيي—أمريكا رأس الحية.. هيي، هيي…امريكا رأس الحية”… وذلك لأن أمريكا لا تدعم الكيان الغاصب المغتصب بالمال والآليات والعتاد الحربي المتطور بأنواعه و بالإعلام المضلل والمخادع الزائف فحسب بل شريكته في الإبادة الجماعية التي تنفذها الصهيو أمريكية الفاشية النازية الهمجية البربرية المتوحشة بأهلنا في فلسطين وفي غزة..
وعندما سمعت هذا الهتاف “هيي هيي أمريكا رأس الحية” قفز إلى ذهني الكبير ميخائيل نعيمه، وتذكرت ما كتبه عن أمريكا التي عاش فيها عقدين من الزمن. وكيف أدار ظهره لتمثال الحرية.. والذي جعلني أتذكره في هذه المناسبة هو خطابه أمام رئيس الولايات المتحدة( ويلسون).. عام 1921. ليلقي كلمة باسم وفد الكتاب السوريين واللبنانيين الذين جاؤوا من البرازيل يحملون لرئيس أمريكا هدية لأنهم سمعوا إعلان الرئيس ويلسون وإطلاقه المبادئ الأربعة عشر.. إذ توهم أ إنهم وجدوا خشبة الخلاص في هذه المبادئ التي كانت وعدا منه. والقصة التي سأوردها ذكرها ميخائيل نعيمه في كتاب مذكراته “سبعون” كما ذكرها أ. جون دايه في كتابه( عقيدة جبران).. نقلا عن جريدة السايح. وأنا بدوري سأعيد. سرد هذه القصة لسببين : السبب الاول: أرى من الضروري إن يتعرف جيل الشباب الذي لم يقدر له بعد أن يطّلع على مبادئ ويلسون الذي خدع بها العالم من حيث التشدق بالديمقراطية، والحرية، وحقوق الإنسان، وتقرير مصير الشعوب.. وليعرف هذا الجيل من هي أمريكا! السبب الثاني: لكي يتعرف الجيل الشاب على موقف الكتاب السوريين ووطنيتهم وغيرتهم وحبهم وحماسهم لوطنهم، وهم بعيدون جدا عنه، كذلك أريحية التجار ومبادرتهم على عكس تجار هذه الأيام… بالإضافة إلى شيء مهم جدا هوأن ميخائيل نعيمه ورفاقه الريحاني وجبران كانوا يقولون :سوريا.. سوريا. ولم يتكلموا باسم لبنان واليوم انقلب كل شيئ
طبعا من المعروف، أن ميخائيل نعيمه أسس مع جبران خليل جبران و إيلياابي ماضي ورشيد أيوب وعبد المسيح حداد وندرة حداد ونسيب عريضة وأمين مشرق( الرابطة القلمية) في المهجر. وكان الأستاذ نعيمه مستشار لها وأمين سرها. يقول ميخائيل نعيمه :”وردتني رسالة من الجالية في البرازيل تخبرني أن رجال الجالية، تقديرا منهم لمساعي ويلسون في سبيل سوريا والأممالضعيفة إجمالا قد رأوا ان يقدموا إليه هدية، وانهم يطلبون إليّ الاهتمام وتقديمها، ومن ثم يأتي من البرازيل نسيب عريضة وعبد المسيح حداد، ومعهما تاجران معتبران هما قدما تكاليف السفرة ذهابا وإيابا… ” ومما جاء في كلمة نعيمه أمام الرئيس ويلسون.. قال نعيمه : ” ايام كانت نعال الأقوياء تسحق الضعفاء، وقفت لتعلن : ما من شعب يحب أن يكره على العيش تحت حكم لا يرتضيه لنفسه، فطارت كلماتك إلى اقاصي الأرض. فوجد العالم فيها وجهة جديدة إذ أن أملا جديدا قد ولد لهم…. وفي جملة الأمم التي كان لها في كلماتك نور جديد الأمة السورية. فقد ساعدت في تحريرها من النير التركي….. لأجل ذلك ياسيدي، ولأجل أفضال أخرى تشعر سوريا بعميق امتنانها لك ولامتك النبيلة. وانه لمن دواعي الغبطة لنا، أن نقدم إليك باسم إخواننا السوريين في البرازيل هذا الرمز، لما يكنونه ويكنه معهم جميع السوريين أينما كانوا من عظيم التقدير والامتنان لك “.
أما عن مبادئ ويلسون والهدية فنتركها للزاوية القادمة
(خاص لموقع سيرياهوم نيوز)