| ريانة بسام اسماعيل
منذ 5 سنوات تقريباً، بدأت معاناة الصيادين في مدينة طرطوس وأصحاب المراكب الصغيرة في ميناء الصيد والنزهة _وميناء المارينا تحديداً_ من مشكلة انسداد الطريق أي انغلاق الميناء نتيجة تراكم شديد للطمي والرسوبيات بسبب عدم تعزيله منذ عدة سنوات (حسب الوصف الفني للحالة) ما أدى لعدم إمكانية الخروج من باب الميناء حيث يكون عمق المياه قليل و لا يسمح للمراكب الكبيرة أو التي لها حجم غاطس كبير من العبور … ينتظر قائد المركب أو ( الرّيس… كما يقال في العامية) حركة المدّ لتعلو المياه قليلاً لعله يستطيع العبور ، وإذا تمكن من ذلك يكون بعد مجهود كبير واحتمالية ضرر كبير بالقارب ، وألا يظل واقفاً مكانه طوال موسم الصيف، كما أن العمل والاسترزاق من البحر هو سبيل للعيش لدى أهل المنطقة المعتادين على ذلك منذ زمن، ولكن وضع الميناء يزداد سوءاً عاماً تلو الآخر وبدأت تغلق الميناء بالكامل لدرجة لم يتمكنوا من الخروج نهائياً.
ميناء المارينا مُتعاقد عليه مع شركة خاصة ضمن مشروع المارينا السياحي، والذي لم يتم تنفيذه بعد…و عقد الشركة مستمر حتى عام 2024، وهو معد لأن يكون نادي يخوت …أما ميناء أرواد ( الطاحونة) فأصبح هو المعتمد حالياً لقوارب الصيد والنزهة وهو الآخر يحتاج لتعزيل لكي يتم نقل جميع القوارب إليه.
سنجيب على مجموعة من الأسئلة يطرحها الموضوع من خلال المعطيات لدينا والجهات المعنية بالإجابة… لماذا لم يتم تعزيل ميناء أرواد حتى الآن ؟من المسؤول عن تعزيل ميناء المارينا في حالة استثماره؟ ما هو السبب الرئيسي للتأخير في تعزيل الموانئ؟ وماهي الإجراءات المُتخذة لحلّ المشكلة؟
الضرائب مستمرة والميناء مغلق!
بعض أصحاب المراكب والصيادين أخبرونا عن الأضرار التي لحقت بهم بسبب هذه المشكلة:
علي صاحب زورق سياحي يقول: توقفت أعمالي من ثلاث سنوات، زورقي يقف مكانه لا أستطيع الخروج، والزورق كبير طوله 18 متر وارتفاع المياه في مدخل الميناء لا يتجاوز 50سم ، حتى في حال المد المركبة تتأذى وتتعطل في حال حاولنا الخروج بسبب الرمل لذلك توقفنا عن العمل، أنا لدي كل يوم رحلات سياحية عادة في موسم الصيف ويوجد طلب شديد من الناس من طرطوس وباقي المحافظات وطلبات من مجموعات سياحية للخروج ولكن نعتذر عن عدم القدرة على الخروج وذلك منذ ثلاث سنوات و أكثر ، أنا متضرر بشكل كبير ونأمل أن يتم حلّ هذه المشكلة عاجلاً للاستفادة من هذه الأشهر قبل انتهاء الصيف وكسب رزقنا، على الأقل نطالب بتعزيل إسعافي وهذا يحتاج لتكلفة أقل ويساهم بفتح باب الميناء لفترة زمنية محدودة، و راسلنا عدة جهات وتقدمنا بشكاوى للمحافظة والبلدية والموانئ ولكن لم تُثمر أيّ نتائج.
أما الريس ربيع فيقول: السبب ببقاء الميناء مفتوح على الرغم من سوء وضعه هو أن بعض الزوارق الصغيرة تستطيع العبور، ولكن مع حلول الشتاء القادم حتماً سيكون الميناء مغلقاً بشكل نهائي وستكون النتائج أسوأ ،ضرر كبير يلحق بالصيادين وأصحاب المراكب، في الواقع يوجد ميناء الطاحونة ولكن لا يوجد مساحة الانتقال إليه.
كما أخبرنا محسن عن الأعطال والأضرار التي لحقت بمركبه قائلاً: يقف معي القارب على باب الميناء بين محاولات بالتقدم والرجوع لكي اسلك الطريق ولا فائدة في كل مرة تتعطل المركبة، وذلك للمرة الثالثة تتعطل المكنة بسبب دخول الرمل فيها، كلفتها ١٤مليون … ما الحلّ؟
متوقف عن العمل أيضا من بداية الصيف، ولست انا الوحيد… إنما الجميع هنا مثلي لديهم نفس المشاكل، منذ سنوات حتى الآن ونحن نستمع لوعود كاذبة” الأسبوع القادم.. والشهر القادم” ولا نرى اي شيء منها على أرض الواقع حتى مخصصاتنا من المازوت لا نأخذها انا مخصصاتي 240لتر يعطوني 40 لتر، أو أحياناً 60 وبعض الأحيان لا نأخذ نهائياً.
ميزانية الحكومة لا تسمح
نظراً لأن ميناء المارينا يتبع بملكيته الإدارية لمجلس المدينة ؛ توجهنا إليهم بالسؤال عن هذه المشكلة وتفاصيلها وسبب تأخّر الحل، وفي صدد الإجابة أخبرنا المهندس حسان حسن مدير الشؤون الفنية ببعض التفاصيل قائلاً: ” المراسلات بيننا وبين الجهات المسؤولة بدأت من عام ٢٠١٩ ولكن لم يتم رصد الاعتماد المالي وبقيت المراسلات مستمرة بين أخذ ورد، حتى أثمرت مؤخراً إرسال كتاب لوزارة النقل ويوجد مؤشرات إيجابية برصد الاعتماد وتنفيذ التعزيل بالفترة القريبة القادمة”.
وعن عدم تنفيذ الصيانة من قِبل الشركة المستثمرة يقول: “الشركة مسؤولة فعلاً عن أعمال التعزيل والصيانة ولكن هذا يتم عندما تبدأ بتنفيذ المشروع ككل و ليس فقط الحوض المائي ،كما أنه كان من المفروض إخلاء ميناء المارينا حسب العقد المبرم مع الشركة المستثمرة ونقل القوارب كلها إلى ميناء الطاحونة( المعتمد حالياً لقوارب الصيد والنزهة) ولكن القوارب بقيت في المارينا والآن نعمل على تأمين اعتماد مالي لمشروع تعزيل الطاحونة ونقل القوارب إليه، واعتماد مالي أقل تكلفة لمشروع تعزيل إسعافي لفتح ميناء مارينا وتمكين القوارب للخروج منه”.
-اتضح لنا من خلال المعلومات السابقة أن سبب التأخير هو عدم رصد اعتماد مالي لحل المشكلة.
وأخبرنا في سياق الموضوع مدير المدينة المهندس مظهر حسن عن الخطة لحل المشكلة بشكل سريع قائلاً: هذا الموضوع سوف يتم حله قريباً بشكل نهائي باعتبار وزارة النقل مع المديرية العامة للموانئ خصصت مبلغ لإعادة تجهيز ميناء الطاحونة بشكل كامل في خطة العام ٢٠٢٢، وبالتالي ستصبح حركة مراكب الصيد والنزهة من ميناء الطاحونة حصراً.
أما بالنسبة للتعزيل الإسعافي ضمن المارينا لخروج المراكب وتسهيل حركتها قام المهندس المتخصص بإجراء كشف مؤخراً وننتظر الدراسة الفنية لتحديد الآليات والمعدات التي يحتاجها التعزيل وتحديد الكلفة و الجهة التي ستقوم به، وبعد 15 يوماً تقريباً تظهر نتيجة الدراسة الفنية ونستطيع تقديم معلومات دقيقة لكم حول الموضوع.
المراسلات بين الجهات الحكومية
لاحظنا خلال اطلاعنا على المراسلات والإجراءات المتخذة من قِبل مدينة طرطوس بطلب الاعتماد أكثر من مرة لتعزيل ميناء الطاحونة ونقل القوارب إليه ..وذلك لضرورة إخلاء ميناء المارينا بعد استثماره… على الرغم من أن وزارة السياحة ردت بكتاب لوزارة النقل _المسؤولة عن تتبع المشاريع في محافظة طرطوس _بالإيعاز لمن يلزم لمعالجة موضوع تأمين التمويل اللازم للتعزيل، وعادت الأخيرة بمخاطبة وزارة الإدارة المحلية والبيئة، وبعد أن قامت المدينة بالكشف التقديري وتحديد قيمته البالغة ١٢٦,٩٦٠,٠٠٠ ليرة سورية انتهت آخر الردود من وزارة الإدارة المحلية والبيئة إلى عدم توفر اعتمادات لديهم لتعزيل مرفأ أرواد شاطئ الصيد والنزهة.
تطنيش يثير التساؤل
السؤال هو: في مدينة ساحلية، سياحية، يتم تنفيذ مشاريع سياحية فيها بمليارات الليرات سنوياً، باستثمارات كبيرة لجذب السياح من داخل وخارج القطر و مردود كبير جداً يعود على الحكومة من قطاع السياحة بالمدينة… هل من المنطق عدم رصد المبلغ المطلوب لتعزيل الموانئ وتنظيمها!؟
هذه أولويات لدينا فإنها ليست فقط قطع سبل عيش الكثير من الناس ولا نقص مردود سياحي إنما خلل في النمو الاقتصادي والذي يؤثر في الوضع العام كله إذا لم يوضع له حد …فهل من الممكن أن تنظر حكومتنا الموقرة بعين الاهتمام إلى الضرورة الملحّة لرصد الاعتماد المالي وحلّ هذه المشكلة قبل أن تتفاقم؟
يُتبع…
(سيرياهوم نيوز ١٤-٨-٢٠٢٢)