آخر الأخبار
الرئيسية » مختارات من الصحافة » ناشونال انتريست: هل واشنطن على استعداد للتفاوض على تعايش سلمي مع الصين؟

ناشونال انتريست: هل واشنطن على استعداد للتفاوض على تعايش سلمي مع الصين؟

يرى الباحث ومسؤول المخابرات الأمريكية السابق بول هير أن المسار السلبي الأخير في العلاقات الأمريكية- الصينية يسلط الضوء على سؤال مهم للغاية وهو: هل ما يزال من الممكن تحقيق تعايش سلمي بين الدولتين؟ أم أنه مُقدّر للولايات المتحدة والصين أن تشهدا علاقات عدائية متبادلة؟ وما الهدف الذي ما يزال من الممكن السعي لتحقيقه من خلال إحياء دبلوماسية جوهرية بين بكين وواشنطن؟

ويوضح هير الزميل البارز غير المقيم بمجلس شيكاغو للشؤون العالمية، و مسؤول المخابرات الأمريكية السابق لمنطقة شرق آسيا في تقرير نشرته مجلة ناشونال انتريست الأمريكية أن المزاعم المتكررة بأن”حربا باردة”جديدة بدأت في الظهور تعيد إلى الأذهان بوضوح سابقة أمريكية -سوفيتية. وعلى الرغم من أن هناك كثيرا من الاختلافات بين ذلك المثال الذي عفا عليه الزمن والعلاقات الأمريكية- الصينية الحالية ، هناك مع ذلك دروس يتعين الاستفادة منها من هذه المقارنة.

والعديد من مثل هذه الدروس يمكن استخلاصه من كتاب السيرة الذاتية الجديدة الذي نشره فرانك كوستيجليولا ، أستاذ التاريخ بجامعة كونيتيكت الأمريكية، عن جورج كينان، رائد سياسة الاحتواء الأمريكية للاتحاد السوفيتي. ومن الموضوعات الرئيسية في الكتاب فشل كينان خلال النصف الأخير من حياته في إقناع خلفائه من صناع السياسات في واشنطن بأن الاحتواء ليس هدفه أن يكون استراتيحية عسكرية، وإنما المقصود منه أن يكون شرطا أساسيا للتفاوض على شروط تحقيق تعايش سلمي بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي.

ووفقا لكوستيجليولا، سعى كينان منذ بداية الحرب الباردة إلى وضع نهاية لها من خلال” اتباع دبلوماسية جادة” تهدف إلى التوصل إلى” تسوية مشرفة تحد من التوتر” بين موسكو وواشنطن، وبذلك يتم الحيلولة دون حدوث أي صراع مسلح. وتمثل مقترح كينان الرئيسي في فك الارتباط العسكري في أوروبا من جانب الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي على السواء، والذي يرى أنه من شأنه ينزع فتيل مظاهر التنافس الأمريكي- السوفيتي الحتمي أو يتجنبها تماما.

وكان كينان يركز على ما يرى أنه تقييد للقوة الأمريكية وما يتطلبه من نوع من التوافق مع السوفييت حتى يمكن للولايات المتحدة تكريس اهتمام وموارد كافية للتعامل مع التحديات الأمريكية الداخلية. وباختصار كان كينان يدعو لمزيج من ” الصبر، والتضحية، وضبط النفس”.

وإذا كان كينان قد فشل في جهوده لإقناع واشنطن وموسكو بالتغلب على الديناميكية التفاعلية بينهما والتوصل إلى أسلوب عمل دبلوماسي ، ربما كان من شأنه أن يخفف أو ينهي الحرب الباردة، يتمثل السؤال الآن فيما إذا كانت الفرصة ما تزال سانحة بالنسبة لواشنطن وبكين للتفاوض على أسلوب عمل مماثل قبل أن يؤدي الجانب التنافسي لعلاقاتهما بلا هوادة إلى حرب باردة أخرى، أو إلى ما هو أسوأ .

ويقول هير إن كينان حذر من أن الإسناد الخاطىء للدوافع والافتراضات الزائفة بالنسبة للعداء يمكن أن تكون تحقيقا للذات. ويبدو أن العلاقات الأمريكية- الصينية تسير في هذا الاتجاه الآن. وإذا كانت هناك فرص ضائعة لتحسين العلاقات الأمريكية الصينية أثناء الحرب الباردة، ربما يتم الآن إضاعة فرص لوضع العلاقات الأمريكية الصينية في مستوى أقل عداء وفي مسار أكثر إيجابية.

وقد يكون حقيقيا أن تحقيق علاقات ذات فائدة متبادلة وتعايش سلمي بين الولايات المتحدة والصين أمر بعيد المنال اليوم كما كانت رؤية كينان بالنسبة لتحقيق الولايات المتحدة ” تسوية مشرفة” مع الاتحاد السوفيتي منذ خمسين عاما. وفي ظل مستويات عدم الثقة المتبادل، والسياسيات المحلية لواشنطن وبكين، قد يكون من غير الممكن تحقيق تعاطف استراتيجي في الدولتين. وقد لا يكون لدى قادة الدولتين استعداد لتحمل مخاطر التوصل لتوافق متبادل، خاصة إذا كانوا قد جزموا بالفعل أن القيام بذلك سيكون أمرا عقيما.

وتساءل هير : هل هم على استعداد لتحمل مخاطر عدم القيام بذلك، أو رفض القيام بذلك؟ ويبدو أن الدولتين تقدران أنهما تدخلان منافستهما من موقف قوة، إن لم يكن لدى كل منهما اعتقاد بأن له اليد العليا. لكن من المؤكد تقريبا أن كل منهما يبالغ في تقدير قوته ويقلل من قيمة قوة الطرف الآخر. وواشنطن بوجه خاص تواجه خطر تجاهل وجود اختلاف كبير بين الصين اليوم والاتحاد السوفيتي أثناء الحرب الباردة.

وأكد هير أن الصين الآن منافس ، ند حقيقي للولايات المتحدة، وتتمتع بقوة اقتصادية عالمية ونفوذ دبلوماسي يفوق كثيرا ما كان في استطاعة الاتحاد السوفيتي أن يحظى به. وهكذا، فإنه قدر لبكين وواشنطن أن تكون لهما مناطق نفوذ متداخلة، وامتلاك القدرة والقوة على مقاومة إرادة كل منهما الأخرى.

وفي ظل هذه الظروف التاريخية الجديدة، من المؤكد تقريبا أن وجود نوع من التوافق هو البديل للصراع الحتمي. ويتعين على كل طرف إدراك ذلك، وأن لا يستبعد أي طرف استعداد الطرف الآخر لإدراكه. ولهذه الأسباب، تستحق فكرة كينان الخاصة بـ ” الدبلوماسية الجادة” لتحقيق التعايش السلمي المزيد من التفكير والإلحاحية أكثر مما كان عليه الحال قبل خمسين عاما.

سيرياهوم نيوز 4_راي اليوم
x

‎قد يُعجبك أيضاً

“ذا ناشيونال إنترست”: مناورة “أتاكمس” لبايدن يمكن أن تنفجر في وجه أمريكا

تحت هذا العنوان نشر المحلل العسكري دانيال ديفيس مقالا يتناول تداعيات قرار الرئيس الأمريكي جو بايدن بالسماح لأوكرانيا باستخدام صواريخ “أتاكمس” بعيدة المدى لضرب عمق ...