آخر الأخبار
الرئيسية » إقتصاد و صناعة » نجاحها مرهون بإجراءات تنفيذية مرافقة.. “حذف الأصفار” إحدى البدائل لمعالجة ظاهرة التضخم

نجاحها مرهون بإجراءات تنفيذية مرافقة.. “حذف الأصفار” إحدى البدائل لمعالجة ظاهرة التضخم

موروث ثقيل وكم هائل من المشكلات والصعوبات، التي يعاني منها اقتصادنا الوطني، كانت سنوات الحرب والعقوبات الاقتصادية، ومفردات سلبياتها التي طالت كل مكونات الحالة الاقتصادية والاجتماعية وغيرها أهمها، وهذه لم تكن وحدها السبب في وصول اقتصادنا الوطني لهذه الحالة، وظهور حالة التضخم الكبيرة، وما رافقها من حالات فساد كبرى خلال حكم النظام البائد ، واستثمارات محسوبة لأشخاص هم قلة قليلة تحكموا في إنتاجية اقتصادنا الوطني، وأوصلوه الى الدرك الأسفل في الحسابات الاقتصادية العالمية.
واليوم يتم العمل على معالجة أوجه الضعف لاعادة اعمار جسم اقتصادنا الوطني، من خلال إجراءات منها آني، وآخر ضمن استراتيجية مرسومة، وتنفيذها مرهون بتبدل الظروف وتوافر الإمكانات، وبالتالي إجراء إلغاء الأصفار من بعض فئات العملة المتداولة، هو أحد الخيارات الإنقاذية للحالة الاقتصادية العامة، وهذا الأمر له تبعات إيجابية وسلبية، يمكن تلافي السلبيات، وتعزيز مواقع القوة والإيجابية من خلال بعض الإجراءات، المرافقة لتطبيق حذف الأصفار.

خبير اقتصادي: معالجة حالة الركود وتحريك عجلة الاقتصاد كفيلة بالمساعدة على ضبط معدلات التضخم

وجهة نظر

الخبير الاقتصادي الدكتور “فادي عياش” من وجهة نظر أكاديمية مرتبطة بواقعية ما يحصل من تطورات على أرض الواقع، يرى التعامل بواقعية مع القرار الجديد، بحذف الأصفار على اعتبار أن الأخير أخذ طريقه للتنفيذ، وبالتالي لم يعد من المجدي التوسع في تحليل هذا القرار، والدخول في عالم “الإيجابيات والسلبيات” لأن معالجة المشاكل تحتاج قرارات مسؤولة، ولكن من حيث الواجب والمسؤولية الوطنية التي تفرض على الخبراء والمختصين تقديم العون والنصح والمشورة لأصحاب القرار، لما فيه الخير والصالح العام ونأمل أن يتسع صدر أصحاب القرار لبعض فلسفاتنا، الهادفة إلى المساعدة وتسليط الضوء على السلبيات وتعزيز مواقع الإيجابيات بما يتماشى مع الصالح العام والمصلحة الوطنية.
من هذا المنطلق –يضيف عياش- وما ذكرناه سابقاً، يمكن تحليل الموقف حول طباعة العملة وحذف الأصفار كمفهوم عام لا ينحصر بالحالة السورية التي تحكمها ظروف معقدة.
موضوعياً وفي الظروف الراهنة، يرى البعض أنه لا يبدو هناك أي مبرر موضوعي وحاسم لإلغاء أصفار من العملة الحالية، على اعتبار توافر بدائل ممكن أن تكون أفضل أو أوفر، والبعض يرى غير المجدي طباعة عملة جديدة في الظروف الراهنة، ولاسيما أن التكلفة باهظة وتتطلب تغطية وحسب المعطيات المتاحة هي غير متوفرة، ولا مشكلة في ذلك إذا توافرت الموارد اللازمة وهذا ما نأمله.

تكاليف كبيرة

والجانب المهم في رؤية الخبير عياش وجوب ملاحظة التعقيدات الناتجة عن عملية الاستبدال وآثار حذف الأصفار، إذ إن ذلك يتطلب تغيير العملة وطباعة عملة جديدة، ما يفرض تكاليف كبيرة أما فيما يتعلق بالمبررات الرسمية، من حيث المبدأ “وفق عياش” يتم اللجوء إلى العديد من الأساليب، والتقنيات في السياسة النقدية لمعالجة المشكلات الاقتصادية، لاسيما مشكلة التضخم الجامح، فمن أحد مظاهره السلبية هي الحاجة لكميات أكبر من النقود للحصول على السلعة نفسها، فعادةً تلجأ الدول إلى حذف الأصفار، عندما تعاني حالة التضخم المفرط وهذه حالة لم يبلغها الاقتصاد السوري بعد.
إذ تفقد العملة قيمتها بسرعة، ويصبح من الصعب التعامل مع الأرقام الكبيرة، إضافة إلى انخفاض الثقة وكذلك لغاية تبسيط العمليات المالية، فتصبح التعاملات اليومية، والمحاسبة، وإعداد التقارير المالية أكثر سهولة.

تجارب الآخرين

وهنا –حسب عياش- يمكن ذكر تجارب بعض البلدان التي سار اقتصادها بنفس الحالة الاقتصادية العامة لبلدنا، وعلى سبيل المثال ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية والبرازيل وتركيا وفنزويلا وغيرها، وصلت معدلات التضخم إلى مستويات فقدت فيها العملة المحلية كامل قيمتها ما استوجب حذف أصفار كثيرة من العملة، تجاوزت أحياناً 6 أصفار، والتجارب الناجحة في هذا المجال اعتمدت على إصلاحات اقتصادية جوهرية، واعتماد معدلات نمو عالية.
ولذلك يجب التأكيد على أن هذا الإجراء يكون شكلياً وقاصراً ما لم يترافق مع عمليات إصلاح بنيوية في الاقتصاد الوطني تساعد على زيادة معدلات التشغيل والإنتاج والتصدير، وتنمية السوق المحلي، بما يساعد في تحسين توازنات ميزان المدفوعات، والميزان التجاري وأسعار الصرف، وبالتالي تحسين القوة الشرائية للعملة المحلية، وزيادة القدرة الشرائية للدخل، ونمو الطلب بالتزامن مع نمو العرض السلعي والخدمي المتاح، وإلا سيكون إجراء كهذا بمثابة عملية تجميلية تساعد في تخفيف أحد مظاهر التضخم وتسهيل عمليات التداول فقط.

شروط النجاح

وهنا يرى الخبير “عياش” أن تحقيق نجاحات مميزة لتطبيق القرار وانعكاسه بصورة إيجابية على الواقع الاقتصادي وكذلك تحسن واضح في القوة الشرائية للمواطن، لا بد من توافر شروط خاصة لتأمين عملية النجاح منها أن يكون الاقتصاد قد بدأ التعافى فعلاً، وليس مجرد تغيير شكلي، إضافة إلى ضرورة السيطرة على التضخم، حتى لا تفقد العملة قيمتها مجدداً، ما يؤدي إلى تعميق التضخم وتعقيد علاجه، كما يجب اعتماد سياسات اقتصادية داعمة مثل تحسين الإنتاجية، وزيادة الإنفاق الاستثماري، وتعزيز الثقة في النظام المصرفي، فضلاً عن وجود إدارة ناجحة لتغيير العملة زمنياً وإجرائياً، مع تبني مجتمعي شامل، لمنع التلاعب بالأسعار وإيجاد حالة من الفوضى المالية.

الحالة السورية

وأضاف عياش: الواقع الاقتصادي الحالي في سوريا له خصوصيته، وبالتالي التطبيق على واقع سوريا الحالي، الذي يعاني من معدلات التضخم المرتفعة ولكن مازالت ضمن حدود إمكانية المعالجة الاقتصادية، وكذلك تراجع كبير في مؤشرات الإنتاجية، والتجارة الخارجية والناتج المحلي الإجمالي.
وقد يكون من الدوافع الأخرى لهذا الإجراء، هو محاولة تأمين السيولة الكافية لسد العجز الكبير، الذي فرض تقييد شديد لحركة السيولة في المصارف، ما أثر بشكل كبير على الاقتصاد الوطني، وكذلك ضبط كميات الكاش خارج المنظومة المصرفية لمنع المضاربة، وتحديد فعلي للكتلة النقدية المتاحة لدى المجتمع، وهو عامل مهم لتحديد توازنات واقعية وضبط سعر الصرف، بالإضافة إلى التخلص من رموز النظام البائد على العملة الجديدة وهو عامل نفسي مهم ومطلوب.
وفي كل الأحوال وحسب ما تم عرضه أعلاه ومهما كانت المبررات فقد يكون ضمن ظروفنا الراهنة، من الأنسب الاعتماد على بدائل أكثر جدوى، منها معالجة حالة الركود الاقتصادي كأولوية على معالجة مظاهر التضخم، لأن معالجة الركود الاقتصادي وتحريك عجلة الاقتصاد، كفيلة بالمساعدة على ضبط معدلات التضخم.

عموماً نثق بحكمة الإدارة المالية والنقدية، وقدرتها على إدارة هذا الملف المعقد، بشكل يحقق المصلحة الوطنية، ونسأل الله أن يوفقها لتجاوز التحديات الكبيرة التي تعترضها، واتخاذ الإجراءات وما يلزم من قرارات لتحريك عجلة الاقتصاد الوطني وإنهاء ظاهرة التضخم ومعالجتها من الجذور، الى جانب معالجة مشكلات أخرى لا تقل أهمية عما سبق، وبالتالي نحن مع كل إجراء حكومي يحقق الجدوى الاقتصادية والاجتماعية، ويقضي بالضرورة إلى تحسن واقع القوة الشرائية للمواطن وتحسين مستوى معيشته، وهي الغاية الرئيسية من كل الإجراءات.

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية
x

‎قد يُعجبك أيضاً

دورة تدريبية لإعداد وسطاء ماليين في سوق دمشق بالتعاون مع الهيئة الناظمة

أعلنت سوق دمشق للأوراق المالية، بالتعاون مع هيئة الأوراق والأسواق المالية السورية، عن تنظيم دورة تدريبية لإعداد وسطاء ماليين، وذلك في مقر السوق الكائن في ...