سلمان عيسى
تعودنا ان ( نتبوأ ) المراكز الاولى عالميا وهذا قدرنا .. لذلك لم نتفاجأ من ان نكون في المركز الثاني عربيا والرابع عالميا للدول الأكثر بؤسا في العالم .. عربيا سبقننا لبنان وعالميا سبقتنا الارجنتين وزيمبابوي ولبنان .. وذلك وفق مؤشر هانكي للبؤس العالمي، الذي يصدره سنويا استاذ الاقتصاد التطبيقي في جامعة هوبكنز الامريكية ستيف هانكي ..
هذا المؤشر يرصد معدلات البؤس في ١٥٧ دولة، وذلك استنادا الى معدلات البطالة والتضخم ومعدل الإقراض والتغير في نصيب الفرد من الناتج المحلي .. هذه هي البنود الاساسية التي نقيس عليها السعادة ايضا كونها على النقيض تماما من البؤس ..
الغريب في الامر، اننا لسنا بلدا فقيرا .. لكن التغافل الحكومي المقصود عن دعم الزراعة والصناعة بالدرجة الاولى ادى الى زيادة معدلات الفقر وادى ايضا الى زيادة نسب البطالة بعد ان هجر الفلاح ارضه والعامل واصحاب الورش لمصالحهم .. بعد ان وصل التضخم الى اقصى ارتفاع يمكن ان يصله اي اقتصاد بالعالم الذي ادى الى انخفاض قيمة العملة الوطنية وارتفاع قيمة الدولار والمعادن النفيسة الى حد الجنون ..
اما عن نصيب الفرد من الناتج المحلي .. نحمد الله انه لم يبق في هذه البلاد ناتجا محليا .. بل على العكس، فأن موارد الدولة حاليا هي بمجملها ناتجة عن زيادة اسعار الخدمات التي يفترض ان تقدمها اية حكومة لمواطنيها بأسعار مدعومة وبطرق ميسرة مثل خدمات الاتصالات والكهرباء والماء والصحة .. هذه التي ترفع الحكومة اسعارها بشكل كبير دون اي مبرر مادي او انساني او اخلاقي يربط المواطن بحكومته .. بقي لدينا مجموعة من تجار الازمة نهبوا هذا الناتج وتركوا الآخرين الذين هم نحن وانتم نقتات على رسائل البطاقة ( الذكية ) ..
يبدو ان السيد هانكي لا يعلم ان لدينا حكومة تسهر على افقارنا .. تعمل كل ما من شأنه لتحقيق المعدلات التي يعمل وفقها هانكي في مقاييس البؤس والتعاسة .. ..
نعم لو تمكن احد من اعضاء الحكومة ( الموقرين ) من مناقشة هانكي سيخبره بأن الموازنة العامة للدولة هذا العام بلغت ٣٥،٥ الف مليار ليرة سورية تقوم الحكومة الساهرة على توزيع هذه الموازنة – تقوم بدعم الكهرباء ب ١٨ الف مليار والخبز ب ١٣ الف مليار .. عندها ( سيطق ) عقل هانكي وتقرأ الفاتحة على هذا المؤشر ( الفضيحة ) الى يوم الدين ..
نعم ( سيطق ) عقل هانكي عندما يعلم ان بلدنا كانت تنتج اكثر من ٢،٥ مليون طنا من القمح سنويا .. وان بلدنا كانت في مقدمة الدول المنتجة للقطن والزيتون والحمضيات والتفاحيات وكانت تقيم لها مهرجانات خاصة يتغنى بها الاعلام ايام وايام .. لدينا الجرأة لنخبر هانكي ان ادوات بلاده الاجرامية قتلت وخربت واحرقت .. هجرت واغلقت الطرق وقطعت اوصال البلاد .. وهي التي اوصلتنا الى هذا البؤس .. وهي التي سرقت منا السعادة .. لا يهمنا ان تفهم ذلك ام لا .. لدينا كل الادلة التي تثب ما نقوله .. وليس لدينا حرج ..
لكننا نخجل من ابلاغه عن تقصير الحكومة في دعم زراعة القمح .. والقطن ، وان تجربتها في اعادة الألق الى الشوندر السكري ادت الى قيام معمل سكر سلحب ببيع هذه المادة علفا للحيوانات ..
نطأطئ رأسنا عندما نخبره ان الكثير من المخابز الخاصة والمطاحن الخاصة تسرق القمح والطحين والخبز والمازوت واكياس النايلون والخميرة .. وكل هذا ( يقرش ) دعماً تُسرق حصتنا منه ..
لسنا بؤساء ، لكن هناك من دفعنا الى هذه المواقع المتقدمة من البؤس .. هناك من دفعنا على ان نزرف الدموع على خسارتنا الدائمة في مباريات كرة القدم .. ؟؟!!
(موقع سيرياهوم نيوز)