آخر الأخبار
الرئيسية » يومياً ... 100% » نزول نتنياهو عن شجرته العالية مرهون بكسر إحدى ساقيه

نزول نتنياهو عن شجرته العالية مرهون بكسر إحدى ساقيه

 

 

بقلم د. حسن أحمد حسن

 

 

إذا انطلقنا من التسليم بصحة القول المأثور: “الساكت عن الحق شيطان أخرس” فلا شك أن من يناصر ما هو على النقيض من الحق يحتل مرتبة أعلى في الأبلسة، وقد تعمدت هنا استخدام مصطلح الأبلسة بدلاً من الشيطنة لنفي أي جانب إيجابي قد يحاول بعض المتحذلقين باللغة تسويقه عبر الحديث عن القرينة المرافقة للتعبير القرآني، والتي بها يستدل على المعنى المقصود كالتذرع بقوله تعالى “ألم ترَ أنا أرسلنا الشيطان على الكافرين تؤزهم أزاً” فأزُّ الكافرين قد يفسره بعضهم على أنه قرينة بالمدح وليس بالذم، ولذلك أقول: إن مضمون القول المأثور يعني إن مجرد السكوت عن الحق أبلسة لا ترضي الذات الإلهية وهي الحق المطلق، فكيف بمن يناصر أعداء الحق ولو بالتعاطف الداخلي أو القول أو الفعل؟ وهذا يتكامل مع بعض الأقوال المأثورة الأخرى التي يتناقلها الناس، ومنها: “عندما سكت أهل الحق عن الباطل توهم أهل الباطل أنهم على حق”، والمشكلة الأدهى والأمر تكمن في أن توهم أهل الباطل إنهم على حق يتحول مع مرور الزمن إلى قناعة ويقين بأنهم أصحاب الحق فعلاً، وأن من يفكر بنكران ذلك فإنه يظلمهم، ومن حقهم أن يتمردوا على الظلم والحيف الذي يلحق بهم، وهذا الأمر ينطبق على الأفراد والجماعات والمنظمات والدول والشعوب، وخير شاهد على صحة ذلك السعار الذي أصاب حكام تل أبيب وانتقل بالعدوى إلى كل من يدور في الفلك الصهيو ــ أمريكي فهؤلاء جميعاً يتمسكون بمقولة: (من حق “إسرائيل” الدفاع عن نفسها) وكأن الاحتلال المفروض بالقوة، ومصادرة حقوق الشعب الفلسطيني بما فيه حق الحياة وارتكاب أفظع المجازر والجرائم التي يندى لها جبين الإنسانية وتدمير البنى التحتية وقتل عشرات الآلاف، وإصابة وتشويه ما يقرب مئة ألف، وتسوية قطاع غزة بالأرض، والاعتداء على دول مستقلة ذات سيادة وتنفيذ الاغتيالات للرموز والقادة بدم بارد، وكثير غير ذلك يدخل في إطار حق الدفاع عن النفس، والمشكلة الأكبر أن الأمر لا يتوقف عند الكيان الاستيطاني بمن فيه، بل يتجاوزه إلى واشنطن وبقية العواصم الأطلسية والإقليمية المنضوية تحت العباءة الأمريكية، فالتصريحات التي يتسابق المسؤولون المتعاطفون مع وحشية حكومة نتنياهو تؤكد قناعة تلك الدول والأطراف بأن الكيان السرطاني يدافع عن نفسه، وهذا حق له، فكيف يستقيم التفكير الإنساني العلمي والموضوعي مع طروحات إدارة بايدن التي تتباهى بأنها حضرت بكل ثقلها العسكري والسياسي والدبلوماسي والاقتصادي، وهي جاهزة لاستخدام كل أوراق القوة والضغط لديها لحماية “إسرائيل والدفاع عنها في مواجهة أي انتقام أو رد حتمي تعمل إيران وبقية أطراف محور المقاومة على بلورته ليكون مدروسا ومفيداً ويحقق الغاية المرجوة منه بردع الكيان المؤقت عن ارتكاب حماقات جديدة ومقامرات قد تأخذ المنطقة إلى أتون المجهول، وواضح من لغة الجسد عند كل المسؤولين الأمريكيين والأطلسيين المستميتين لحماية “إسرائيل” والدفاع عنها أنهم مقتنعون بكل ما تتضمنه تصريحاتهم النتنة كأصحابها، أي أنهم عندما يتشدقون بما أسموه حق تل أبيب في الرد فإنهم يتحدثون بقناعاتهم التي تجاوزت حدود التوهم، وهذا يعني الانتقال أيضاً من التوهم إلى اليقين بحقهم في اتخاذ مثل هذه المواقف الإجرامية، ووهناك مئات الشواهد التي تؤكد صحة هذا الاستنتاج الذي بدوره يبرهن على تناقض الأقوال مع الأفعال، كما يؤكد على الانفصام الحقيقي عن الواقع بفعل وهم القوة والجبروت والغطرسة التي تتآكل تدريجيا فتزداد الخيبات المتراكمة، وبتزايدها يزيد وهم أنصار القوة بالقدرة على تغيير الصورة بإطلاق التهديدات والتشمير عن السواعد واستعراض العضلات، والكثيرون من أولئك عندما يخلون إلى أنفسهم يلمسون بأصابع الحقيقة الواقع المتناقض مع أوهامهم ورغباتهم الشريرة المرضية، ومن المهم والضروري والمفيد توجيه بعض الصفعات المؤلمة لوجوه أولئك وأقفيتهم وإيلامهم بما يتوفر من قوى ووسائط بغض النظر عن ادعاء الجنون والإقدام العملي على تفجير الصاعق في توقيت يتوهمون أنه لصالحهم وأنهم الأقوى في حين أن موازين القوى على الأرض تتناقض جملة وتفصيلاً مع إمكانية تحقيق أي هدف إستراتيجي تم تسويقه ـــ اللهم ــ إلا القتل للقتل، والتدمير والتهجير الممنهجين لزيادة التكلفة على كل من يفكر مجرد تفكير بشق عصا الطاعة والخروج من تحت العباءة الصهيو ـــ الأمريكية الممزقة بهول صدمة الواقع ووهم استمرارية التحكم بالقرار الدولي.

استناداً إلى كل ما سبق يمكن الوصول إلى نتيجة شبه حتمية ومضمونها يقول: نتنياهو والنازيون الجدد في حكومته العنصرية المتطرفة تسلقوا شجرة عالية جداً، وليس بمقدورهم النزول عنها اعتماداً على المشاركة الأمريكية والأطلسية، فأولئك أيضا يتأرجحون في أعالي شجرات تهتز أغصانها بعنف، والجميع يخشى كسر العنق إذا غامر وقفز من حيث يقف، وبالتالي من العبث بمكان التفكير بإمكانية نزول نتنياهو من شجرته إلا بحالة واحدة تتضمن كسر إحدى رجليه الاثنتين، وهذا كفيل بفقدانه التوازن المطلوب، وعندها يكون السقوط المدوي والمرتبط بشكل أو بآخر بالرد الإيراني ورد حزب الله على الرعونة والحماقة التي زينت لنتنياهو سوء فعله وفساد تقديراته بإمكانية امتصاص أي رد محتمل قادم مهما بلغت شدته طالما أمريكا استحضرت على عجل البوارج والمدمرات وحاملات الطائرات وغواصات إطلاق الصواريخ ذات الدقة العالية وطاقة التدمير الهائلة، والرجلان اللتان يقف نتنياهو بهما حيث وصل تتمثلان بالدعم والتبني الأمريكيين غير القابلين للتعديل حتى الآن، وكسر هذه الرجل يفوق ــ حتى الآن ـــ طاقة محور المقاومة ومن يدعمه، أما الرجل الثانية لنتنياهو فهي الداخل الاستيطاني الإسرائيلي الذي ما تزال استطلاعات الرأي تؤكد بأن نسبة كبيرة منه ما تزال تدعم نتنياهو وتستمتع برؤيته في أعالي شجرة التصعيد، وقد أظهرت أرقام آخر استطلاع أجرته القناة 12 العبرية أن 46% يخشون احتمال نشوب حرب أهلية، و48% لا يخشون ذلك، و6% لا يعرفون، وكسر الرجل الثانية ممكن ومقدور عليه وضمن طاقة محور المقاومة، وهذا يعني أهمية العمل لزيادة نسبة من يخشون الحرب الأهلية القريبة جراء العجز عن تحقيق الأهداف لتقترب من 60%، كما يمكن تخفيض نسبة من لا يخشون ذلك لتصل إلى ما دون 40% ورفع نسبة من لا رأي لهم لتصل إلى حوالي 10 %، وإذا كان النجاح حليف أطراف محور المقاومة في إجراء التعديلات المطلوبة على النسب المذكورة في الاستطلاع، فإن الرجل الثانية لنتنياهو تدخل وضعية الكسر والعجز عن البقاء حيث هو، وهذا يتطلب جهوداً ممنهجة ميسرة وممكنة البلوغ بوسائل متعددة أثبتت المقاومة أنها تجيدها وتتقنها.

 

(موقع سيرياهوم نيوز-١)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

“أعطنا خبزنا كفاف يومنا”

  بقلم المهندس باسل قس نصر الله “اليوم الخبز مجاناً .. فقط أدعوا له”. تفاجأت في إحدى المرات عندما ذهبت لأجلب الخبز أن أسمع منه ...