| خالد عرنوس
انتهى الموسم الكروي 2022/2023 بكل ما فيه من أحداث محلية وقارية على مستوى الأندية والمنتخبات، فقد شهد نهائيات كأس العالم في الخريف للمرة الأولى وقد بدأ بدوري الأمم الأوروبية وانتهى بنهائياتها بالتزامن مع مونديال الشباب وتصفيات يورو 2024 وها هو يستكمل بالكأس الذهبية الخاصة بدول أميركا الشمالية والوسطى، هذا على مستوى المنتخبات الوطنية أما على صعيد الأندية فقد بدأ كالعادة بكؤوس السوبر واختتم بنهائيات المسابقات القارية في أوروبا وإفريقيا، ومن خلال قراءة سريعة نجد أبطال الدوري في إنكلترا وألمانيا وفرنسا احتفظت بألقابها على حين عاد البرشا لبطولة الليغا الإسبانية بينما حقق نابولي لقب الدوري الإيطالي بعد غياب دام أكثر من ثلاثة عقود، ونجح مان سيتي وويستهام بالظفر بكأس الأبطال ودوري المؤتمر الأوروبي على حين استعاد إشبيلية لقب اليوروباليغ والنهائيات الثلاثة المذكورة كانت على حساب أندية إيطاليا التي عادت بشكل جماعي لتلعب أدواراً مهمة على المستوى القاري لكنها فشلت بالنهايات حالها كحال الآتزوري الذي سقط في نصف نهائي دوري الأمم والآتزوري الصغير الذي خسر نهائي المونديال، وبما أننا وصلنا إلى المنتخبات فقد سقط منتخبا ألمانيا والبرازيل ودياً في ظل غيابهما عن المنافسات الرسمية بعدما أخفقا بالمونديال ما رسم علامات استفهام كثيرة حول تدهور مستوى الكرة في بلديهما، في السطور التالية نستعرض بعض التفاصيل عن هذه العناوين العريضة.
نهاية بائسة
قبل ثلاثة عقود ونيف بلغت أربعة أندية إيطالية نهائيات المسابقات الأوروبية الثلاث وتوجت ثلاثة منها بالألقاب مؤكدة توهج الدوري الإيطالي يومها وأندية الكالشيو بشكل عام بعد ثمانية أعوام من تتويج الآتزوري باللقب العالمي، وجاء التتويج باللقب العالمي بعد 24 عاماً في المونديال الألماني ليشكل نهاية حقبة هذه الأندية قارياً وتراجعاً كبيراً على الكرة الإيطالية، فلم تعد جنة الكالشيو كما كان يطلق عليها وتقدمت الليغا الإسبانية والبريميرليغ الإنكليزية والدليل تتويج أندية البلدين بمعظم ألقاب المسابقات القارية خلال العقدين الأخيرين، في الموسم المنصرم 2022-2023 عاد الطليان إلى الساحة بعدما تحسنت أوضاع الدوري المحلي وارتفع مستوى المنافسة فرأينا ثلاثة أبطال في ثلاثة مواسم أخيرة وتوج الآتزوري بطلاً للقارة العجوز وبلغت ثلاثة أندية نهائيات المسابقات القارية الثلاث بعدما خسر إنتر ميلانو نهائي اليوروباليغ 2020 وتوج روما بكأس دوري المؤتمر 2022 ما شكل مؤشراً على عودة الكالشيو إلى الواجهة.
إلا أن الصدمة كانت بخسارة النهائيات الثلاثة على التوالي، ففي البداية تقدم روما على إشبيلية في نهائي اليوروباليغ بهدف ديبالا من علامة الجزاء إلا أن التعادل لم يتأخر كثيراً ففي مطلع الشوط الثاني سجل مانشيني لاعب روما التعادل بمرماه ولم تحسم الأمور رغم التمديد فكان الاحتكام إلى ركلات الترجيح التي ابتسمت للفريق الأندلسي ومنحته اللقب السابع في تاريخ المسابقة معززاً زعامته لها وحارماً الطليان من لقبهم بعد غياب 24 عاماً، وفي دوري المؤتمر كانت الكفة متساوية بين فيورنتينا وويستهام الإنكليزي الذي تقدم بهدف مطلع الشوط الثاني قبل أن يتلقى التعادل منتصف الشوط وحملت الدقيقة الأخيرة هدفاً قاتلاً صعد بالفريق اللندني إلى منصة التتويج وحارماً الفيولا من الاحتفاظ باللقب لمصلحة أندية الكالشيو.
وكانت الأمور غاية في الصعوبة أمام الإنتر الذي واجه مانشستر سيتي في نهائي دوري الأبطال في ظل ترشيح بطل الدوري الإنكليزي للتتويج بلقبه الأول بنسبة كبيرة، إلا أن النييرازوري كان قريباً من التتويج باللقب الرابع وخسر بصعوبة بهدف يتيم بعدما قدم لاعبوه عرضاً كبيراً خذله الحظ في النهاية ليتكبد خسارة غير مستحقة ليهرب اللقب الثالث من الطليان.
خيبة زرقاء
يبقى المنتخب الإيطالي واحداً من كبار اللعبة في العالم وفي أوروبا بالطبع وعلى الرغم من غيابه المفاجئ عن آخر نسختين لكأس العالم إلا أنه فاز بينهما باللقب الأوروبي بعد غياب طويل، وبلغ نصف نهائي دوري الأمم مرتين متتاليتين لكنه أخفق فيهما بالتأهل إلى النهائي وفي كليهما خسر أمام اللاروخا الإسباني وبالنتيجة ذاتها (هدفان مقابل هدف) وإن اختلف السيناريو مع فارق أن الهزيمة في نسخة العام الحالي كانت أقسى من ناحية الشكل وخاصة أن لاعبي المدرب مانشيني قدموا مباراة جيدة لكن الدقيقة الأخيرة قتلت طموحهم ببلوغ النهائي للمرة الأولى فكان أن احتلوا المركز الثالث كما في النسخة الثانية وهذه المرة على حساب المضيف الهولندي.
وفي خضم هذه الأحداث الأربعة التي شهدتها الكرة الإيطالية في القارة العجوز كان الآتزوري الصغير يسير بثبات نحو مجد أول على مستوى مونديال الشباب فعلى الرغم من خسارته لمباراة بالدور الأول أمام نيجيريا صفر/2 لكن بمجرد فوزه الافتتاحي على السيليساو البرازيلي 3/2 دخل قائمة المرشحين للقب وقد ختم الدور الأول بالفوز على الدومينكان 3/صفر وهو الأمر الذي أثبته من خلال تجاوزه منتخبات إنكلترا 2/1 وكولومبيا 3/1 وكوريا الجنوبية 2/1 في الطريق نحو النهائي الذي بلغه للمرة الأولى، وكان المنتخب الإيطالي وصل الى مربع الكبار في آخر نسختين لكنه اكتفى بخوض مباراة الترتيب وبدا أن الفرصة سانحة لاعتلاء القمة العالمية لكن الفريق لم يظهر في مباراة التتويج سوى شبح للفريق الذي تألق في البطولة وجاءت النتيجة رحيمة بالآتزوري بعد مباراة للنسيان فخسر بهدف أمام نظيره السيليستي الأورغوياني الذي توج بلقبه الأول تاركاً الحسرة للطليان.
تراجع المانشافت
يعد المنتخب الألماني كبير القارة الأوروبية في المحافل العالمية لكنه عاش مرحلة من التراجع منذ تتويجه باللقب العالمي الرابع عام 2014 فسقط من الدور الأول لنسختي روسيا 2018 وقطر 2022 وهي المرة الأولى التي يغادر من هذا الدور مرتين متتاليتين، وقارياً بلغ نصف نهائي يورو 2016 لكنه لم يصله في النسخة الأخيرة قبل عامين فسقط من دور الستة عشر، والأهم أنه أخفق في دوري الأمم خلال ثلاث نسخ انتهت حتى الآن منذ عام 2018 ففشل بتجاوز الدور الأول فيها بل كان قريباً من السقوط إلى الدرجة الثانية لولا تغيير نظام البطولة في نسختها الثانية.
ولأن ألمانيا ستنظم نهائيات يورو 2024 فإن المانشافت معفى عملياً من خوض التصفيات ولذلك فقد اكتفى بعدد من المباريات الودية ومعظمها مع منتخبات غير أوروبية على اعتبار أن منتخبات القارة العجوز منشغلة بالتصفيات القارية أو بدوري الأمم، وجاءت النتائج مخيبة أقله على المستوى الرقمي بعيداً عن مستوى الأداء، ففي آذار الماضي فاز على منتخب البيرو 2/صفر قبل أن يخسر على أرضه في كولن أمام البلجيكي 2/3، وفي الشهر الحالي خاض ثلاث مباريات لم يعرف فيها الفوز فتعادل في بريمن مع أوكرانيا 3/3 قبل أن يخسر في وارسو أمام نظيره البولندي بهدف وأخيراً خسر بملعبه في غيلسينكيرشن أمام الكولومبي بهدفين دون مقابل.
وبحسبة بسيطة نجد أن المدرب الشاب هانز فليك الذي قاد المانشافت في 24 مباراة فاز بنصفها وتعادل 7 مرات وتلقى 5 هزائم كاملة واللافت أن الهزائم الخمس جاءت خلال تسعة أشهر فخسر قبل المونديال أمام المنتخب المجري بهدف ضمن دوري الأمم ثم مني بهزيمة في قطر 2022 أمام الياباني 1/2، والهزائم الثلاث الأخيرة كانت في الإطار الودي، بنظرة سريعة إلى التشكيلة التي استخدمها المدرب نجد أن الأسماء اللامعة حاضرة فقد استدعى 40 لاعباً خلال هذه الفترة لكن النتيجة لم ترتق إلى سمعة الكرة الألمانية وإذا كانت الخسارة شيئاً عادياً في عالم قطعة الجلد المدورة وخاصة عندما تكون المباريات تجريبية إلا أنه من الغريب على المانشافت الذي لم يتعود على هذا الكم من الهزائم وخاصة أنها جاءت خلال 11 مباراة أخيرة وبعد 13 مباراة من دون هزيمة في عهد المدرب فليك.
السيليساو والأفارقة
ما قلناه عن المانشافت ينطبق إلى حدّ ما على السيليساو البرازيلي الذي بات عرضة للهزائم من الأفارقة بشكل خاص، فالفريق الكناري الذي لم يخسر حتى 2021 مع أبناء القارة السمراء سوى مرتين، الأولى بكأس القارات 2003 من الكاميرون والثانية من نيجيريا في نصف نهائي أولمبياد أتلانتا 1996 تلقى ثلاث هزائم مؤخراً أمام الأفارقة، ففي المونديال القطري خسر من الكاميرون مجدداً بهدف مع نهاية الدور الأول قبل أن يغادر من ربع النهائي بركلات الترجيح أمام كرواتيا، وفي آذار الماضي التقى المنتخب المغربي الشقيق في مدينة طنجة وخسر 1/3 وها هو يخسر أمام بطل إفريقيا السنغالي بنتيجة كبيرة بلغت 4/2 وأقيمت هذه المباراة في لشبونة البرتغالية وذلك بعد أيام قليلة من الفوز على المنتخب الغيني 4/1 في برشلونة، وسبق للسيليساو أن فاز على غانا 3/صفر وعلى تونس 5/1 قبل النهائيات العالمية أي إنه خاض خمس مباريات ودية خلال العام الأخير كلها أمام إفريقيا في ظل انشغال الأوروبيين بمبارياتهم الرسمية.
البرازيليون يدركون أن السيليساو بحاجة إلى إعادة نظر وهم ينتظرون المدرب الأساسي الذي سيتم تعيينه بعد أيام وخاصة أن الأخبار تقول إنه قد يكون أجنبياً للمرة الأولى والجميع يعرف تفاصيل المحادثات مع الإيطالي كارلو أنشيلوتي مدرب ريال مدريد وأبدى الاتحاد البرازيلي تأجيل التعاقد معه حتى صيف 2024، وبانتظار حدوث أمر ما فالمدرب الحالي هو المؤقت فيكتور مينيزيس الذي قاد الفريق في المباريات الثلاث الأخيرة.
سيرياهوم نيوز1-الوطن