| حلب- خالد زنكلو
يسعى النظام التركي لتكريس هيمنته على المناطق التي يحتلها في شمال سورية من خلال بناء الجدران العازلة وحفر الخنادق التي تقطع أوصال المناطق لفصلها عن محيطها السوري بغية ضمها إلى الأراضي التركية.
ويرى مراقبون للوضع في الشمال، أن «سياسة الجدران العازلة والخنادق» التي يتبعها نظام الرئيس رحب طيب أردوغان ما هي إلا استمرار لـ«سياسة الأمر الواقع» التي يفرضها في جميع المناطق المحتلة، وعلى حساب مصلحة السكان الرازحين تحت نير الاحتلال والرافضين لوجوده وإجراءاته القمعية التمييزية.
وبيّن المراقبون لـ«الوطن»، أن ما يقوم به جيش الاحتلال التركي راهناً وبمساندة مرتزقته التي يسميها «الجيش الوطني» في ريف حلب الشمالي الأوسط ببناء جدار عازل جديد يفصل بين بلدتي تلالين ومارع خير دليل جديد على فرض الأمر الواقع كقوة احتلال تسعى لسلخ المناطق الواقعة تحت نفوذها والتوسع باتجاه مناطق أخرى، توعد بها أردوغان مراراً في الآونة الأخيرة.
وكشفوا، أن الاحتلال التركي تمكن حتى يوم أمس من بناء ٦٠٠ متر من الجدار العازل، الذي يبلغ طوله ٤ كيلو مترات بارتفاع ٤ أمتار ويمتد على طول الطريق بين مارع وتلالين، ويفصلهما عن باقي القرى والبلدات السورية المجاورة على أن يستأنف العمل في بعض مساحات الجدار في فترة لاحقة على أمل توسيعه ليشمل مناطق أخرى هدد نظام أردوغان باحتلالها، ما ينفي مزاعمه التي أطلقها بأن الهدف من الجدار حماية عرباته وأرتاله العسكرية من نيران الجيش العربي السوري والميليشيات الكردية المنتشرة في المنطقة بالقرب من مارع.
وأشاروا إلى أن الاحتلال التركي سبق وأن أنشأ الشهر الماضي جداراً عازلاً إسمنتياً مماثلاً بطول ٢ كيلو متر مبدئياً، وارتفاع ٤ أمتار، ويمتد في مرحلته الأولى من المشفى الوطني عند المدخل الغربي لمدينة إعزاز، حيث توجد قاعدة عسكرية لجيش الاحتلال التركي، وصولاً لما يسمى حاجز «الشط» على طريق حلب- عفرين السريع.
ولفتوا إلى أن الاحتلال التركي بنى جداراً عازلاً ثالثاً في نيسان ٢٠١٩ في ريف عفرين الجنوبي، يمتد من بلدة مريمين شمالاً إلى كيمار وبراد جنوباً فبلدة جلبل في الجنوب الغربي للمنطقة، وذلك لسلخ عفرين التي احتلها في آذار ٢٠١٨ عن النسيج والجغرافيا السورية، بالإضافة إلى هدم وتجريف أملاك المدنيين في المناطق التي يمر بها الجدار وفي محيطه.
المراقبون أشاروا إلى أن الاحتلال التركي زود الكتل الخرسانية للجدران الثلاثة السابقة بأسلاك شائكة وأبراج مراقبة مجهزة بكاميرات حرارية وأخرى تعمل بالأشعة تحت الحمراء، عدا الرادارات وأجهزة الرؤية الليلية والأسلحة النارية والليزرية المتطورة.
أما في ريف حلب الشمالي الشرقي، فبدأ ما يسمى «الجيش الوطني» مع جيش الاحتلال التركي ومنذ نيسان الماضي بحفر خندق يبدأ من بلدة السكريات ويصل إلى مدينة تادف بمحاذاة طريق عام حلب – الحسكة المعروفة بـ«M4»، الغاية منه فصل مناطق سيطرة مرتزقة أردوغان عن مناطق الجيش العربي السوري جنوب وجنوب غرب تادف، حسب شهادات الأهالي في تادف لـ«الوطن».
وبينت المصادر الأهلية، أن أعمال حفر الخندق ما زالت مستمرة رغم اعتراض سكان المنطقة وخروجهم في مظاهرات مستمرة ضد الاحتلال التركي ومرتزقته الذين يمنعونهم من الوصول إلى أراضيهم الزراعية ومزارعهم مكان حفر الخندق، الذي استولى على أكثر من ٣ آلاف هكتار من مساحتها.
إلى ريفي حلب الغربي وإدلب الشمالي الغربي، حيث تستكمل ما تسمى «هيئة تحرير الشام» التي يتخذ منها تنظيم «جبهة النصرة» الإرهابي واجهة له، أعمال حفر خندقين حربيين لهما ساتر ترابي وعمقهما ٤ أمتار، يصل الأول مدينة دارة عزة غرب حلب بالقرى التي تسيطر عليها بمحيط مدينة سراقب بريف إدلب الشرقي، بينما يفصل الثاني مناطق نفوذ «النصرة» الفرع السوري لتنظيم القاعدة شمال إدلب، وبمحاذاة تجمع مخيمات أطمة، عن مناطق هيمنة «الجيش الوطني» في عفرين عند معبر دير بلوط.
وقالت مصادر أهلية شمال إدلب لـ«الوطن»، إن «النصرة» أرغم قاطني مخيمات يمر منها الخندق، الذي يفصل الحدود الإدارية لشمال إدلب عن نظيرتها بريف حلب الغربي، بإخلائها، وهو ما يرفضه السكان، الأمر الذي ينذر بمواجهة حتمية بينهما، خصوصاً بعد خروج قاطني المخيمات بمظاهرات طالبت بطرد «النصرة» من مناطقهم.
يذكر أن النظام التركي، باشر في آب ٢٠١٥ ببناء جدار إسمنتي عازل انطلاقاً من بلدة أطمة الحدودية شمال إدلب وبطول ٨٣٢ كيلو متراً على طول الحدودية السورية البالغة ٩١١ كيلو متراً، وجرى الانتهاء منه منتصف ٢٠١٨، ويعد ثالث أطول جدار في العالم بعد سور الصين العظيم والجدار الذي يفصل الولايات المتحدة عن المكسيك.
سيرياهوم نيوز3 – الوطن